أخبار

في ذكراها الثامنة.. مجزرة الحولة جرح لا يندمل والعدالة غائبة

في الـ 25 من شهر أيار / مايو في كل عام، يخيم الظلام على منطقة الحولة بريف حمص الشمالي، وعلى قلوب الكثير من السوريين، الذين تتصدر ذاكرتهم صور المجزرة التي ارتكبتها قوات السلطة السورية بحق المدنيين في الحولة، والتي هزت كيان العالم، ولكن دون محاسبة للقاتل وغياب دور العدالة.

هذه المجزرة الأكثر وحشية كما وصفتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان، حدثت في سهول الحولة، وبدأت بقصف عشوائي طال قرى وسهول المنطقة، وتركز على مدينة تلدو بشكل كبير، التي هي مدخل الحولة من الجهة الغربية والمحاطة بقرى موالية للسلطة السورية.

 

وبعد قصف استمر 14 ساعة خلف 11 شهيدا وعشرات الجرحى، اقتحمت قوات السلطة السورية والميليشيات الموالية لها، عدد من المنازل على أطراف تلدو، ونفذوا إعدامات ميدانية بحق كل من وجدوه في طريقهم، وكبّلوا أيدي النساء والأطفال والرجال وجمعوهم في مكان واحد ثم ذبحوهم بحراب البنادق والسكاكين وأطلقوا الرصاص عليهم، لتفريغ حقددهم على المناطق المعارضة للسلطة.

ووفقا لإحصائيات الشبكة فإن المجزرة خلّفت 107 قتيلا تم توثيقهم بالأسم والصورة، ومن بينهم 49 طفلا دون سن العاشرة و32 امرأة، وسط عدم المقدرة على الوصول للكثير من الجثث.

ومنذ ارتكاب قوات السلطة السورية للمجزرة، روى شهود عيان تفاصيل مروعة حول ما حصل، وقالت إحدى السيادات واصفة المشهد لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” قبل ثمانية أعوام: “كنت في البيت مع أحفادي الثلاثة، وثلاث من حفيداتي، وزوجة أخي وابنتي وزوجة ابني وابنة عمي، وحوالي السادسة والنصف، قبل المغرب، سمعنا أعيرة نارية، كنت في الحجرة وحدي عندما سمعت صوت رجل، اختبأت وراء الباب، ورأيت رجلًا آخر يقف في الخارج إلى جوار الباب الخارجي ورجل ثالث داخل البيت… لم أرَ وجوههم لكنهم كانوا يرتدون ملابس عسكرية، دخلوا إلى البيت، بعد ثلاث دقائق، سمعت جميع أفراد أسرتي يصرخون.

 

سمعت صوت الأطفال يبكون، كانت أعمارهم بين 10 و14 عاما، نزلت على الأرض وحاولت أن أزحف لأرى ما يحدث، مع اقترابي من الباب سمعت عدة رصاصات تُطلق، وكنت خائفة لدرجة أنني لم أتمكن من الوقوف على قدميّ، وحين سمعت الجنود يغادرون، نظرت إلى خارج الحجرة فرأيت جميع أفراد أسرتي قد أُصيبوا بالرصاص.

كانوا مصابين بالرصاص في أجسادهم ورؤوسهم، كنت مرعوبة، ولم أتمكن من الاقتراب لأرى إن كانوا أحياء. رحت أزحف حتى وصلت إلى الباب الخلفي. بعد أن خرجت، جريت، كنت في صدمة ولا أعرف ما الذي حدث بعد ذلك”.

 

كذلك قال إحد الناجين من المجزرة في تصريحات صحفية، واصفا المأساة أن الأهالي ورغم نداءات الاستغاثة المتكررة حينها والتي كانت تسمع من كل مكان، لكن كان لكل عائلة ما يكفيها من “الشبيحة”، وكان كل شخص يحاول أن يفدي باقي أفراد أسرته، خاصة الأطفال والرضع، لكن الشبيحة كانوا لا يفرقون بين صغير وكبير.

ويتابع: “رأيت بين عناصر الشبيحة نساء ورجالاً، كانوا يحملون سكاكين كبيرة وينحرون الناس نحراً، ومن حاول الهرب تلذذوا بإفراغ مخازن أسلحتهم في جسده، وسمعتهم يطلبون ذبح الصغير قبل الكبير، (حتى لا يبقى أحد من نسلنا النجس)”.

رأيتهم بأم عيني يقطعون أيادي النساء لسرقة المصاغ والذهب، وسحلوا جثث المتظاهرين بالسيارات في شوارع المدينة أمام مرأى الآخرين، ودعسوا عليها بالدبابات، وكانوا يصرخون: (هذا مصيركم يا أنجاس)”.

ويتابع قائلا: “لم أكن أظن أنني سأنجو، لقد كنت أنتظر الموت في كل دقيقة، لم يبق أحد من عائلتي إلا أنا وجدتي التي كانت في غرفة وحيدة قرب بيتنا، طعنت عدة طعنات بحراب البنادق، وقتل والدي ووالدتي واثنان من إخوتي أمامي، كانوا يتلذذون بطعننا بالحراب، لم يكونوا يطلقون النار داخل المنازل إلا نادراً”.

 

يروي محمد كيف نجا من موت طاول معظم الآخرين الذين أصيبوا مثله. يقول: “تظاهرت بالموت عدّة ساعات، فكتبت لي النجاة، قصتي نادرة لأن معظم من أصيبوا ماتوا، لقد تم تهشيم جثثهم بحراب البنادق، والسكاكين الكبيرة، وبعد ساعات من عمليات التصفية، سرق الشبيحة ما استطاعوا ثم غادروا المدينة”.

يشار إلى أن هذه تسبب المجزرة في حدوث صدمة على المستوى الدولي، فقد أدانت الدول15 لمجلس الأمن بالإجماع السلطة السورية لإطلاقها النار من أسلحة ثقيلة على المدنيين، وقامت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأحد عشر دولة أخرى بطرد السفراء والدبلوماسيين السوريين من أراضيهم.

كما صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأغلبية 41 صوتا مقابل 6 أصوات لإدانة السلطة السورية، وحملها مسؤولية المجزرة، ودعا إلى إجراء تحقيق جنائي دولي في الأحداث، ولكن ورغم ذلك العدالة ماتزال غائبة حتى الآن والمجرم الذي ارتكب مجازرة كثيرة في سوريا مايزال طليقا.

هيومن رايتس ووتش: يجب أن تحقق بعثة الأمم المتحدة بسوريا في عمليات قتل الحولة

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *