أخبار

“إيـران تثبت أنيابـها في الــغوطة الشرقية في شــراء الــعقارات”

أنس الشامي ..

التوسع الإيراني

بدأ التوسع الإيراني في سوريا عامة والغوطة الشرقية فترة استلام حافظ الأسد السلطة في سوريا ومن بعده بشار الأسد فأصبح التواجد الإيراني في سوريا أمراً طبيعياً، وعمد الإيرانيون على بناء الحسينيات واستُغّل الفقر لتقديم المساعدات والخدمات ترغيبًا بالتغيير المذهبي، حيث كانت تقوم المراجع الشيعية بتوزيع مبالغ مالية على الناس الذين ينتمون للمذهب الشيعي، تحت ادعاءات أهمها وجود “مراقدها” المقدسة، فاشتروا الأراضي وبنوا البيوت حول هذه المراقد المزعومة.

النظام يسهل بيع العقارات للإيرانيين

عمدت إيران من خلال نظام الأسد إلى تجنيس بعض الشخصيات من مكونات غير سورية جلبتهم من الخارج وطلبت من النظام تجنيسهم مقابل الدفاع عنه، فبالتالي هناك مجموعة كبيرة من الشخصيات والعناصر والميليشيات تم تجنيسها، لتصبح مستوطنات إيرانية في سوريا، إضافة إلى أنه لا يوجد عدد دقيق، ولكنه بالآلاف، حسب المعلومات التي يتم تناقلها.

واستخدم نظام الأسد حق الدولة التقليدي في استملاك الأملاك الخاصة، بالأخص للذين تم مصادرة عقاراتهم تحت بند “قانون مكافحة الإرهاب” حيث وضعت السلطات يدها على جميع بيوت الناشطين والأطباء والأشخاص الذين كان لهم عمل في المجال الثوري في الغوطة الشرقية، فأصبحت عقاراتهم ملك للدولة ومن حقها ان تبيع هذه العقارات لمن تريد أو لمن يدفع أكثر.

 تمتعت السفارة الإيرانية بتسهيلات وتغطية كاملتين من كبار مسؤولي الاستخبارات في نظام

الأسد، مكنتها من إنجاز عمليات بيع العقارات السورية للإيرانيين، خاصة في مدينة المليحة، علما أن عدد من الأراضي هي ملك للدولة، ما يسهل تمليكها للإيرانيين بالتحايل على القانون.

إضافة إلى مُناقصات حكومية سورية، مفتوحة للإيرانيين فقط، فضلًا عن الأحياء السكنية المُدمرة التي اشتروها في منطقة المليحة التي تعرضت لقصف عنيف على مدار عدة أعوام لإعادة إعمارها ثم استوطنوها، وأحياء أُخرى جرى ابتزاز سُكّانها حتى إن كانوا مُؤيدين للنظام السوري تم إجبارهم على التخلي عن مساكنهم.

التمويل: تعمل عدد من البنوك والمؤسسات المالية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني خاصةً، مثل “بنك أنصار الإيراني”، ومؤسسة “مهر المالية”، على تقديم مزيد من التسهيلات، ومنح القروض الكبيرة لمن يرغبون في شراء العقارات في سورية، وتنتشر المراكز الشيعية في أماكن عدة من سورية، بعضها بمسمى وكالات غوث، أو جمعيات خيرية، أو مكاتب تجارية أو تثقيفية. بالطبع، إيران تتكفل بالتكاليف المالية والتقنية لهذه المراكز كلها، من دون أي تدخل من النظام السوري. وهذه المراكز الشيعية تُشرف على شراء الأراضي والعقارات لمصلحة مُستثمرين شيعة من لبنان والعراق وإيران، بإغراء أصحابها الأصليين بأسعار خيالية.

 

من مؤسسات خيرية إلى مؤسسات عقارية

بعد سيطرة قوات النظام على الغوطة الشرقية بدأت تظهر عدة مؤسسات مدعومة من إيران وهي تعمل في عدة بلدات منها حتيتة التركمان وزبدين والمليحة وعين ترما وكفر بطنا وسقبا ومسرابا ودوما.

هذه المؤسسات تعمل كمنظمات خيرية في الظاهر ولكن هدفها الأساسي هو هدف سياسي، حيث عملت على كسب ثقة الأهالي وولائهم لإضفاء شرعية على وجود إيران في سوريا، خاصة أنهم يعيشون ظروف اقتصادية صعبة بعد خروجهم من حصار أنهكهم وأنهى مدخراتهم، وهذا ما سهل على هذه المؤسسات استغلال حاجتهم.

ومن بين هذه المؤسسات المنتشرة في الغوطة الشرقية هي مؤسسة “جامعة المصطفى الدولية” وأيضا “كشافة الإمام المهدي” التي تقوم بعملها تحت إشراف إيراني مباشر.

ومع مرور الوقت تخطى عملها تقديم المساعدات فبدأت بعض المؤسسات بشراء المنازل بأسعار منخفضة من خلال وسطاء، مستغلين مراسيم استملاك الأراضي الصادرة عن الجهات الحكومية السورية كالمرسوم رقم 10.

المليحة وعودة الشيعة إليها

لم يسمح نظام الأسد للأهالي بعد سيطرته على بلدة المليحة في الغوطة الشرقية بتاريخ 14 آب 2014 بالعودة إلى البلدة حتى شهر أيار/مايو 2018،

وقبل أحداث الثورة السورية لم تظهر هيمنة المذهب الشيعي على المنطقة إلا بعدة عودة الأهالي إلى البلدة في عام 2018 حيث بدأ التركيز الشيعي على المليحة يتضح أكثر مع افتتاح مكاتب عقارية، وبدأت عمليات بيع وشراء العقارات بين السُنّة والشيعة، وتنظيم عمليات تمليك لسكان شيعة.

وشهدت حركة بيع السنّة لعقاراتهم نشاطاً واسعاً، خلال السنوات القليلة الماضية، وعمليات التملك زادت من أعداد الشيعة في المدينة، وبدأوا بترميم ممتلكاتهم.

ومن خلال علاقاتهم القوية مع النظام خصصت الحكومة 200 مليون ليرة سورية كدفعة أولى لـ “إعادة تأهيل” البلدة، ليتم افتتاح البلدية و”الفرقة الحزبية” ومخفر الشرطة.

بيع السنة عقاراتهم للشيعة الإيرانيين في المليحة في الغوطة الشرقية

الأوضاع المالية المتدهورة لأهالي المليحة من السنّة النازحين والمحاصرين في الغوطة الشرقية واختلاف أسعار المواد الضرورية للحياة اليومية وبعد سيطرة النظام على المليحة في آب/أغسطس 2014، كل هذه الأسباب دفعتهم لبيع عقاراتهم.

 هنا نشطت حركة شراء للعقارات من قبل الشيعة الإيرانيين و”خاصة ممن قاتلوا في صفوف قوات النظام في معركة السيطرة على المليحة” عبر وسطاء بين الطرفين، عمليات البيع كانت شبه منظمة، ومن أهم الشركات التي ساهمت في هذه العملية هي “شركة النحاس العقارية” التي اشترت الكميات الأكبر من العقارات، عملية نقل الملكية في الدوائر الحكومية، كانت تسير بشكل قانوني وسلس، نظراً لتسهيلات قدمها النظام للمستثمرين الإيرانيين والشيعة المقربين من نظام الأسد.

ألاعيب إيران للحصول على مبتغاها

يوجد لدى إيران شبكة ضخمة من المؤسسات وتجار العقارات والسماسرة في سورية عامة ودمشق وريفها خاصة، وهم أصحاب المكاتب العقارية التي تتعامل معهم عن طريق سماسرة، وتضخ لهم ملايين الدولارات لشراء عقارات وأملاك السوريين لمصلحتها، واحد من رجالات إيران البارزين، في عمليات بيع العقارات السورية للإيرانيين، هو رجل الدين الشيعي “عبد الله نظام” الذي يستخدم نفوذه واتصالاته الوثيقة برجالات من السلطة السورية، لتسهيل الصفقات والتعاملات العقارية، فالأمر بسيط فما على الرجل سوى إقناع أصحاب العقارات بالتنازل عنها مُقابل المال وأصحاب العقارات لا يهمه من يشتري العقار بل يهمه من يدفع أكثر بظل الأزمة.

 اجتماعات متكررة من قبل الحكومة الإيرانية مع العاملين في قطاع البناء الإيراني، لتُؤكد لهم أن هناك فرصًا واعدات في مجال الاستثمار في سورية، مُطالبةً إياهم بالذهاب إلى هُناك.

 

 

كيفية التملك

بدأ تجار وسماسرة ومقاولين مقربين من نظام الأسد وإيران بشراء عقارات وأراض سكنية في عدد من بلدات الغوطة الشرقية وخاصة مدينة حرستا والمليحة، بتشجيع ودعم من الحكومة الإيرانية وبتعاون من الحكومة السورية.

حيث تسعى إيران على إحداث تغيير ديموغرافي واسع في سوريا يحقق رغباته ويضمن مصالحه على المدى الطويل، حيث يحاولون توفير حالة من الاستيطان المستديم في دمشق ومحيطها،

وتكون هذه الحركة عن طريق شبكة من العملاء في المخابرات والأمن ومن تجار العقارات ومجموعات السماسرة وأصحاب المكاتب العقارية في دمشق وريفها، عبر ضخها ملايين الدولارات في محاولة منها لشراء عقارات وأملاك السوريين المنهكين من الحرب الخارجين من حصار أنهك أجسادهم وأنها مدخراتهم.

 

لماذا العقارات

بعد تراجع اقتصاد سوريا خلال سنوات الحرب واستقدام عدد كبير من المقاتلين الإيرانيين إلى سوريا لم يستطع نظام الأسد تقديم لهم ضمانات لحماية حقوقهم، وإن نظام الأسد لا يملك سوى تقديم العقارات لإيران لكي تكون لها ضمانات مقابل الأموال الطائلة التي صرفتها لدعم نظام الأسد، وللقيام بعملية تغيير ديموغرافي في سوريا وهذا التوسع الإيراني المغلف بتسهيل من السلطات السورية، بأن إيران أدركت في هذه المرحلة من أن روسيا قد تسير باتجاه التخلي عن الأسد ضمن صفقة إقليمية، وبالتالي ما على إيران إلا تفعيل تحركاتها لضمان أرضية لها على الأرض، خوفا من خسارة مواقعها هناك.

أيادي إيران وراء عقارات حرستا

كشف موقع موالي لنظام الأسد، أن نظام الأسد يمنع أهالي الغوطة الشرقية وخاصة مدينة حرستا من ترميم بيوتهم، مهددة بهدم ما يرمموه، إن هذا القرار فتح باب أمام دخول سماسرة العقارات، الذين يحاولون شراء البيوت من الأهالي بأسعار زهيدة جداً، مستغلين حاجة الناس وعجزهم عن ترميمها أولاً، بسبب منع النظام لذلك، وثانياً بسبب ضعف قدرتهم المالية.

وتحدث مصدر من داخل حرستا أن المنزل المهدم بشكل كامل يتم بيعه بأقل من 5 مليون ليرة، سواء كان من طابق واحد أو أكثر، في حال كان مهدماً بشكل جزئي، ليتم العقد مع السمسار دون أن يتمكن الأهالي من معرفة المشتري الحقيقي للعقار، ما جعل الشك يحوم حول العديد من رجال الأعمال الكبار الذين لهم صلة مباشرة مع تجار إيرانيين.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *