أخبار

السلمية واحة حرية وأدها التشدد

إنليل خليل

تقع السلمية على بعد 33 كم من الشمال الشرقي لمدينة حماة، التي تتبعها إداريا، وغالبية سكانها من الطائفة الإسماعيلية، التي كان من بينهم العديد من المفكرين والمثقفين السوريين، ويعرف أهالي هذه المنطقة بانفتاحهم على الأخر وتوجههم إلى التعلم، حيث يعتبر التعليم السلاح الأقوى لتحقيق مستوى اجتماعي واقتصادي مقبول، إضافة إلى اهتمامهم بالعمل السياسي”.

ولم تكن السلمية أفضل حظا من مختلف الأرياف السورية، حيث غابت عنها التنمية، وأصابها التصحر جراء غياب التخطيط الزراعي والاستهلاك الجائر للمياه.

وقالت مصادر محلية من السلمية، في حديث مع “أنا إنسان”، “مع بداية الحرك الشعبي المطالب بالكرامة والحرية في أذار من عام 2011 المنطلق من درعا، كان أهل السلمية من أوائل المنخرطين حيث خرجت أولى المظاهرات في اليوم الثالث على بدايتها، والتي شاركت بها مختلف الشرائح من أصحاب المهن الحرة واليدوية إلى الأطباء والمهندسين، وكان لكن منها أسبابها للمشاركة في هذا الحراك، فمنها كان الفقر وغياب العدالة قد أنهكها، ومنها كان لرغبتها بوجود حريات سياسية ووضع حد لممارسات الأجهزة الأمنية وتغولها على الحريات العامة والخاصة”.

وأضافت “ولكن يبدو أنه بالرغم من السخط الشديد على النظام، كان المجتمع “السلموني” مقسوما بحدة وبشكل عامودي بين ما يسمى “موالاة” و”معارضة”، مما ادى الى إلحاق أذية كبيرة بالنسيج الاجتماعي بين العائلات، حيث أن المشكلة في سلمية كانت، أن هناك عائلات بأكملها حسبت على المعارضة وعائلات بأكملها حسبت على السلطة، مما جعل هناك استقطاب ونفور عام فيما بين العائلات بحسب انتمائه السياسي”.

وأشارت إلى أنه “من الجدير الاشارة إلى أن من كان يحسب على الموالاة كان لديهم حالة من الضعف، فكانوا غالبا ما يبحثون عن مشتركات، فيدعون إلى الاصلاح تارة، او يبحثون عن شخصيات معارضة توافقية تلجأ اليها، كما هو الحال مع هيثم مناع وهيئة التنسيق فقد اعتبر الكثير من الموالين ان هذا الخط اقرب اليهم ولا مشكلة عندهم في الحوار معهم”.

وبينت المصادر أن “ظهور تنظيم داعش وقبله جبهة النصرة، وقيامهما بغزو الريف السلموني، وما اظهراه من اعمال وحشية بحق مواطنين مخطوفين بينهم اناس معارضين، شكل تحول في الموقف العام لدى الأهالي، حيث بدأت القاعدة المؤيدة للمعارضة في السلمية بدأت تتقلص لصالح قاعدة الموالاة…حتى دعني اقول لك ان كثيرا ممن شارك في المظاهرات الاولى قد اصبح لاحقا جزءا من ميليشيا الدفاع الوطني، وانخرط بحيثياته من قتالية او تشبيحية او ترفيقية الخ؛ وخصوصا بعد ظهور داعش اذ احس الناس بالخطر الوجودي، حيث أصبح هناك امكانية لاقتلاع المجتمع السلموني على اساس طائفي”.

وأوضحت انه” يمكن تقسيم الأمر إلى مرحلتين، الأولى من 2011-الى بداية 2014، حيث كانت الساحة السياسية في سلمية تهيمن عليها المعارضة بكافة تلاوينها من المعتدلة الى المتطرفة، والمرحلة الثانية منذ بداية عام 2014 واحتلال الرقة من قبل داعش والتوجه نحو سلمية بحيث باتت الساحة عمليا للموالاة”.

وذكرت أن “في 2014 لم يعد مستغربا أن تسمع من أعضاء التنسيقية وهم من أوائل من نظم المظاهرات المناهضة للنظام، يتحدثون عن دعمهم للنظام للقضاء على داعش والنصرة، فخطر التشدد والتكفير طغى على كل الخلافات مع النظام”.

وقالت ذات المصادر “تتميز السلمية بأنها متنوعة طائفيا، بالرغم من أن غالبية سكانها هم من الطائفة الاسماعيلية، لكن يوجد أيضا سنة، وحتى بريف السلمية هناك عدة قرى علوية، وحتى هذا التنوع قد تجده بالعائلة الواحدة حيث يمكن أن تجد شاب اسماعيلي بينما لديه أخ سني والعكس صحيح، وبالعموم ثقافة حتى السنة بالمدينة وعاداتهم هي ذاتها الاسماعيلية، كونها هي الطائفة الاكبر من جهة وكون السنة هم بالأساس اسماعيلية غيروا مذهبهم الى المذهب السني، فابقوا على كثير من طريقة العيش الاسماعيلية، كما يوجد هناك مجموعة من سنة حماة يعيشون في سلمية منذ عقود، بالإضافة الى عائلات علوية يعيشون في ضواحي المدينة، وهم قدموا من قراهم بريف سلمية، ضمن ما شهده الريف السوري من نزوح إلى المدن”.

ولفتت إلى أنه “اليوم وبعد ما شهدته السلمية طوال سنوات، لا نستطيع الحديث عن خيارات متكاملة لدى أهالي السلمية، لكن بالتوجهات العامة هناك أولوية للتخلص من داعش والنصرة لان لهم خطر وجودي، لكن هذه التوجهات مقترنة بتوجهات عامة لتكون سوريا المستقبل ديمقراطية علمانية”.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *