أخبار

اللاجئون السوريون في لبنان … خوف من نار الانتقام الإيراني

بدأت الثورة اللبنانية منذ أكثر من شهرين تقريباً.  ولم يسلم اللاجئون السوريون من حملات الترويج التي طالتهم، بأنّهم يشاركون في المظاهرات، أو يمولونها أو يدعمونها، وهذه الاتهامات هي ذاتها امتداد للخطاب العنصري، وخطاب الكراهية الذي صعدته تيارات و أحزاب سياسية معروفة أنّها من حلفاء النظام السوري في لبنان، بالإضافة لأنّها ذاتها ضد الثورة اللبنانية وتعمل على تشويهها ومواجهتها.

ولكن ماذا عن وضع اللاجئين السوريين في لبنان، منذ اندلاع ثورته حتى اللحظة؟

إحدى المخيمات السورية في لبنان
إحدى المخيمات السورية في لبنان

تتجول ريما، ناشطة سورية في البقاع، في الشوارع، بين المخيمات والجامعة، بين المنازل والكراجات التي يقطنها السوريون، والمنظمات التي تعمل لأجلهم. وتلاحظ أنّ الأمر مختلفٌ كثيراً عن السنوات السابقة، مع حملات الضغط والعنصرية المرتفعة حدتها.

يحاول اللاجئون هنا، البحث عن أبسط مقومات الحياة، فلا ناقة لهم ولا جمل بما يحصل. مع أنّ هذه التغييرات المتسارعة تؤثر عليهم بشكل مباشر. ولكن المقصود أنّهم على الصعيد السياسي لن يتدخلوا أبداً، ولا طاقة لهم على الانخراط بذلك.

يتجنب البعض منهم الحديث بهذا الامر، بينما يرى الآخرون، أنّ هذا يمسهم مباشرة، على الأقل ينبغي الحديث عن ذلك لفهم معطيات الأمور وإلى أين سيودي بهم الحال

 تقول تهاني، التي تعيش بإحدى مخيمات برالياس أنّ هذه الإنتفاضة انتفاضة حقيقية، تأمل أن يحصل اللبنانيون على حقوقهم من خلالها، ولكن تخاف عليهم من تكرار السيناريو السوري بالقصف والقتل والقمع  والتهجير من قبل السلطات. بينما تخبرنا راما، طالبة جامعية حاصلة على منحة دراسية، أنّهم في الشهر الأول من بدء الثورة، تضامنوا مع أصدقائهم اللبنانيين، فقط بالبقاء في المنازل وعدم الذهاب إلى الجامعة، ولكن عندما تحسن الوضع العام قليلاً، أضحى أستاذة الجامعة يعطون الدروس بانتظام دون مراعاة غياب الطلبة ويجبرونهم بذلك على الحضور إلى الجامعة، بينما لا يستطيع بعضهم الوصول إليها، فعادت للالتزام بالدوام، ولكنها تؤكد انّه رغم خروج طلبة الجامعة بمظاهرة داخل حرمها، لم تتجرأ و أصدقائها السوريين على الهتاف في المظاهرة ولا الانضمام إليها، ” فقط وقفنا جانباً وساندناهم بنظرات عيوننا التي ترقبهم”.

السلطة السياسية اللبنانية تحملهم مسؤولية وضع البلاد:

إلياس أبو صعب وزير الدفاع اللبناني
إلياس أبو صعب وزير الدفاع اللبناني

ما أن انطلقت المظاهرات في لبنان ضد عهد الرئيس ميشيل عون حتى بدأ التيار التابع له بتقديم تصريحات تحمل اللاجئين السوريين مسؤولية وصول لبنان لحافة الإنهيار الاقتصادي وكانت بداية التصريحات مع وزير الدفاع اللبناني إلياس بوصعب المحسوب على التيار الوطني الحر وزير الدفاع اللبناني، حيث أكد  أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها بلاده فجرها “عبء النازحين” السوريين المتدفقين إلى لبنان منذ اندلاع الأزمة في سوريا عام 2011، وذلك خلال مشاركته في جلسة “تعزيز التعاون بين دول المتوسط في مواجهة التحديات المشتركة” ضمن فعاليات “منتدى شباب العالم” المنعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية وتابع قائلاً : “أتت كوارث بعد الربيع العربي… بنزوح أكثر من مليون ونصف مليون سوري إلى لبنان وصار لدينا بالتالي مليونا نازح (منهم 500 ألف فلسطيني) في الأراضي اللبنانية، وذلك في بلد فيه 4 ملايين نسمة”.

 

 

بالمقابل الوزير السابق جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر والمشهور بعدائه الكبير للاجئين السوريين ووقوفه إلى جانب نظام دمشق هو الآخر حمل أسباب الإنهيار الاقتصادي في لبنان لللاجئين السوريين وذلك من خلال عدة تغريدات له على حسابه الشخصي.

تصريح للوزير اللبناني جبران باسيل عبر حسابه على تويتر
تصريح للوزير اللبناني جبران باسيل عبر حسابه على تويتر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بالتزامن مع هذه تصريحات باسيل قامت مجموعة من النساء التابعة للتيار الوطني الحر مظاهرة أمام مبنى الأمم المتحدة ضد دعم اللاجئين السوريين ووجودهم في لبنان واعتبرت النسوة أنهم سبب ما يحدث في لبنان وقد علقت صحيفة المدن اللبنانية على هذه المظاهرة عبر مادة صحفية بعنوان :” تظاهرة باسيلية ضد اللاجئين السوريين تشويشاً على الثورة” قالت فيها: ( على مثال “لعبة” حزب الله في تجييش الشارع الشيعي ضد الثورة والمتظاهرين، بدأ وزير الخارجية “المستقيل”، جبران باسيل، “لعبة” قضية اللاجئين السوريين، عبر تنظيم تحركات تحريضية، للاعتراض على وجود اللاجئين تحت شعار تحميلهم أسباب البطالة والأزمة الاقتصادية، والتهويل بخطر التوطين.

(تقرير لقناة الغد يتحدث عن المظاهرة التابعة لنساء التيار الوطني الحر أما مبنى الإتحاد الاوربي)

فقد نظم بعض الأفراد اعتصاماً أمام مبني الاتحاد الأوروبي، في زقاق البلاط، رفضاً لسياسة الاتحاد، لأنه يريد توطين اللاجئين في لبنان، كما زعموا. فتحت العلم اللبناني، للتلميح أنهم من الثوار، رفع العونيون لافتات فئوية قائلين إن الاتحاد الأوروبي يريد دمج اللاجئين في لبنان!

ورفعت النسوة العونيات لافتات عنصرية مثل “حان الوقت للذهاب إلى بيوتكم” و”نحبكم في بلدكم”، كتبت باللغة الإنكليزية. ورحن يرددن شعارات مثل أن اللاجئين يحرمون اللبنانيين من فرص العمل، وأن ارتفاع معدل البطالة وتوقف المؤسسات عن العمل مردها إلى التوطين. ولم تلتفت هذه النسوة إلى أن الأزمة الاقتصادية، التي أدت إلى طرد الموظفين اللبنانيين وتحفيض رواتبهم، مردها إلى وجود طبقة سياسية فاسدة يتحكم باسيل نفسه في كل مفاصلها).

(ريبورتاج لتلفزيون العربي يوضح كيف ساهم الوزير السابق جبران باسيل في نشر العنصرية ضد اللاجئين السوريين في لبنان)

ضغوط للعودة إجبارياً الى سورية:


بسبب الضغوط على اللاجئين باتجاه العودة إلى سورية، ومؤخراً بسبب الثورة اللبنانية، يتزايد عدد المنظمات التي تعلن اغلاقها او صرف اكبر عدد من موظفيها، لاسيما المنظمات الدولية، ففي أواخر الصيف، فرض الأمن العام عليها، صرف المتطوعين السوريين منها، ليزيد حلقة التضييق على اللاجئين. بينما لا زالت حواجز الجيش والأجهزة الأمنية، تقوم بتوقيف اللاجئين، واعتقالهم دون أسباب تذكر. او لان اقامتهم منتهية الصلاحية، ولا يملكون المال لتجديدها.

تكثر هذه الحواجز من الانتشار خاصة في مناطق البقاع وطرابلس، مع أنّ السبب الرئيسي لوجودها، فقط تأمين الأمن والاستقرار لجميع المواطنين، بظلّ الأوضاع الراهنة والخلافات بين اراء الشعب، لاسيما إصرار الأغلبية على العصيان المدني، وقطع الطرقات كأبرز الوسائل الضاغطة على الدولة.

تقرير لتلفزيون أورينت يوضح يوضح التضيق الذي يمارس من قبل السلطات اللبنانية على اللاجئين السوريين

تقوم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، بإرسال رسائل نصية لمعظم اللاجئين مفادها دعمهم بالمساعدة الشتوية التي تبلغ قيمتها 560 ألف ليرة لبنانية، ليتكاثف عدد السوريين على البنوك لاستلامها، هذا ما يجعل الأمر مربكاً بينهم وبين بعض اللبنانيين الذين يعتقدون أن السوريين هم من نهب بلدهم واوصله الى خراب، ولكن هؤلاء لا يعلمون أنّ الدولة اللبنانية تصادر مساعدات اللاجئين ولا يصل إليهم حقهم إلا جزء لا يذكر من القيمة الحقيقة.

الحديث عن انهيار البلد، أيّ لبنان، هو الأكثر انتشاراً في الوسط بين اللاجئين ومواطني البلد اللبنانيين، فالانهيار الاقتصادي يشمل الجميع، لكن وقعه على اللاجئين أشد وطأة، حيث انعدمت فرص العمل كـكلّ، ولا مصادر للحصول على عملة نقدية يستطيع السوري تأمين أبسط احتياجاته بها، بينما أصحاب المنازل والأراضي المبنية عليها المخيمات، يريدون السداد منهم بشكل شهري وفوري.

(تقرير تلفزيون سورية يوضح كيف يجبر السوريون على هدم منازلهم في لبنان)

هذا الوضع ينام ويصحو عليه من يعيش في لبنان، ليبقى اللاجئون هم الورقة التالفة التي يريد الجميع أن ينهشها ويبصقها، بينما يوجد الكثيرون من الأشخاص والنشطاء اللبنانيين، الرافضين للعنصرية هذه، وبرزت من خلال اهازيجهم منذ ولادة الثورة اللبنانية، “يا لاجئين نحن معاكم للموت” وغيرها. هذه الهتافات لاقت ترحيباً واسعاً من اللاجئين ربّتَ على أكتافهم مواساةً.

نشر محمد الميس أحد الفاعلين المدنيين اللبنانيين على صفحته على فيسبوك “لولا مساعدات المنظمات الدولية للأخوة السوريين في لبنان، كنا من ٨ سنين فتنا بالانهيار،

السوري في لبنان اضافة عظيمة لنا، اذا كان بسبب آلاف الوظائف اللي حصلوا عليها اللبنانيين بالمنظمات المحلية والدولية العاملة في لبنان بسبب الأزمة السورية،
او بسبب الأموال التي تأتي على شكل مساعدات نقدية او عينية مباشرة للسوريين والتي تصرف في لبنان بنسبة ٩٠٪؜ منها، اتركوا السوري بحاله، مش اخد من دربك شي، بالعكس.”

هذا وتستمر الدعوات للعودة الطوعية إلى سورية، ولكن أغلب السوريين في لبنان، لا يستطيعون العودة، فهم لاذوا بالفرار إلى هنا خشية الاعتقال أو القتل، أو بسبب التهجير القسري من مدنهم وقراهم، فكيف سبيل العودة!. أمّا من يمكنه العودة، فـ يروي لنا انّ الوضع الاقتصادي في سورية كما هنا وأسوء، بماذا نعمل، وبماذا نرمم منازلنا، وكيف سنؤمن قوت يومنا، اذا تمّ الموافقة على عودتنا بلوائح المصالحة و العودة، ومع هذا لا نؤمن لغدر النظام، فالانتهاكات لازالت مستمرة، الاّ اذا كنّا عجائز على مشارف النهاية من عمرنا. هكذا يرددون!

(وداعاً بيروت … تقرير لتلفزيون الغد يوضح كيف يتم اعادة اللاجئين السوريين الى سورية)

https://www.youtube.com/watch?v=WLDgFuBxAlw

الخوف القادم في لبنان هو أن يستغل حزب الله اللبناني بشكل مباشر ورقة اللاجئين السوريين عبر أوامر مباشرة من إيران لتفجير الوضع في لبنان، عبر التحريض عليهم تارة أو الترويج بإمكانية الإنخراط مع الحراك اللبناني ضد السلطة وخاصة أنه يعتبر أن الثورة اللبنانية هدفها الأساسي القضاء عليه وعلى تياره الإيراني المتحكم بكل مفاصل الدولة اللبنانية.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *