أخبار

النظام السوري يهدد استقرار مدينة السويداء

إنليل خليل

أسابيع قليلة تفصل السوريين عن إحياء الذكرى السنوية الخامسة لانطلاق الحراك الشعبي السلمي المطالب بالعدالة والكرامة، ليدفع ثمناً باهظاً لها من دمائه واستقراره وثرواته، ما شكل كارثة إنسانية لم يشهدها هذا العالم الصامت منذ الحرب العالمية الثانية في القرن الماضي، ذلك مهن جراء إمعان النظام بالاستخدام المفرط للعنف ضد الشعب السوري، ما تسبب بمقتل نحو 470 ألف سوري، إضافة إلى تهجير الملايين منهم داخل وخارج البلاد، بالتزامن مع تمزيق المجتمعات التي بقيت تحت سيطرته عبر تحميلها فاتورة الحرب، وفسح المجال لانتشار الجريمة للمرتزقة اللذين قاتلوا إلى جانبه، إضافة إلى تنمية اقتصاد الحرب غير الشرعي، مضيقاً على الناس للانخراط بحربه، إما بالترهيب أو بالترغيب.

ومن المناطق التي عمل النظام على ضرب بنيتها الاجتماعية والاقتصادية، وزعزع استقرارها، كعقوبة لعدم انخراطها في الصراع السوري إلى جانبه، هي محافظة السويداء في الجنوب السوري.

فمحافظة السويداء، التي مازال يسيطر عليها النظام، تستقبل مئات آلاف النازحين من مختلف أنحاء البلاد، في وقت امتنع عشرات آلاف الشباب فيها من الالتحاق بالقوات النظامية، وقد حدثت عدة مواجهات بين شبابها والأجهزة الأمنية والعسكرية جراء محاولتهم سوق عدد من شباب المحافظة عنوة للخدمة العسكرية، ما أجبرهم عن التوقف، إلا أنه بالمقابل عمم أسماء أعداد كبيرة من شباب المحافظة كمطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية، ما فرض عليهم الإقامة الجبرية داخل المحافظة، عقب اعتقال أعداد منهم على طريق دمشق السويداء.

1121كما حارب النظام أبناء المحافظة بلقمة عيشهم، عبر فصل المئات منهم فصلاً تعسفياً من وظائفهم، بقرار أمني إما لكونهم معارضين أو لامتناعهم عن الالتحاق بالخدمة العسكرية، في وقت كان تكدس جيش من الشباب العاطل عن العمل، والذي كان معظمهم يعتمد على السفر إلى لبنان والأردن، كل هذا تسبب في تحضير المجتمع ليكون بيئة قابلة لتواجد مشكلات اجتماعية لم تكن سابقاً، منها ارتفاع نسبة الطلاق، وانتشار المواد المخدرة، والسرقة والنصب، في ظل الضيقة المادية الكبيرة، وارتفاع الأسعار بشكل كبير.

وأفادت مصادر مطلعة في محافظة السويداء، في حديث مع “أنا قصة إنسان”، أن “كل الأعمال غير الشرعية في المحافظة تتم بالشركة مع الأجهزة الأمنية والمتنفذين في النظام، مستغلين الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، لخلق شبكة من الفاسدين والمفسدين، لزعزعة استقرار المجتمع”.

وأضافت “كما يستغل النظام هذا الواقع لاستمالة عدد من المعدمين مادياً والعاطلين عن العمل، والشباب الصغير ممن لا يمتلك فرصة ليعبر عن ذاته ويبني مستقبله، للانخراط بالميليشيات المسلحة للقتال إلى جانب قواته، ورغم الإغراءات المالية الكبيرة والسلطة الممنوحة لهم، بقي معظمهم داخل المحافظة رافضين الانخراط بالقتال في محافظات أخرى”.

كما لفتت إلى أن “إدخال المواد المخدرة إلى المحافظة تتم عبر سيارات أمنية ومحسوبة على النظام، كما تتم عمليات بيع جزء من مخصصات المحافظة من المحروقات، إلى المحافظات المجاورة بشكل غير قانوني، بالشراكة بين تجار الحرب والفاسدين في الأجهزة الأمنية والعسكرية، ما يزيد من الأعباء المعيشية اليومية للأهالي”.

ويشار إلى أن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية اليوم تتشابه في مناطق سيطرة النظام، حيث خُلق شبكة من اقتصاديات الحرب والفساد انعكست سلباً على المجتمعات المحلية التي فقدت إحساسها بالأمان والاستقرار.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *