أخبار

انتقام الميليشيات الطائفية يكتب على أجساد رعاة الأغنام العزّل في الرقة

بسكاكين باردة تحمل رائحة الكراهية ودون تفريق بين طفل أو شيخ يقتل رعاة الأغنام في ريف الرقة الشرقي، جثثهم أصبحت مجرد أرقام مع تقاعس نظام الأسد المسيطر على المنطقة من نجدتهم، في ظل اتهامات كثيرة من الأهالي لمليشياته بالتواطؤ مع مجموعات إيرانية لارتكاب هذه المجازر بهدف طائفي.

 

38 قتيل خلال شهرين:

بداية المجازر الجماعية بدأت في الخامس من شهر كانون الثاني الماضي عندما قتل 27 مدنيا أثناء رعيهم الأغنام في منطقة السبخة الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري شرق الرقة، وجاءت هذه العملية عقب أيام قليلة من مقتل قائد “الحرس الثوري الإيراني” قاسم سليماني.

وعقب الحادثة نشرت صفحات إعلامية محلية منها “فرات بوست” و”الرقة تذبح بصمت” مقطع فيديو يُظهر الضحايا بعد قتلهم، وكانوا يعملون في رعي الأغنام،  واتهمت الشبكتان نقلا عن مصادر محلية ميليشيات إيرانية باقتراف القتل.

وتلا هذه المجزرة المروعة التي شملت وفق أهال في المنطقة أطفال، مقتل العديد من رعاة الأغنام بطرق مختلفة حيث قتل بعدها شاب وجدت جثته معرى من ملابسه ومرميا قرب قرية الخميسية التابعة لناحية معدان، تلاها في اليوم الذي يليه مباشرة مقتل شاب ذبحا بالسكين في نفس المنطقة.

وعلى مدار الشهرين الماضيين ذكر الناشط الإعلامي في الرقة يوسف عنيدي بحديث خاص لموقع “أنا إنسان” أنه تم “توثيق مقتل 38 مدنيا في ريف الرقة الشرقي التي تسيطر عليها قوات النظام غالبيتهم في صحراء معدان والسبخة”.

وأضاف الناشط أن معظم القتلى بدت عليهم علامات تعذيب، مضيفا أن “الحوادث تحمل صبغة انتقامية كون الضحايا مجرد رعاة بسيطين لا علاقة لهم بأي عمل عسكري أو انتماء لأي جهة”.

 

من القاتل؟

وحول مسؤولية هذه العمليات ومن يتحملها أكد عنيدي أن الجميع في المنطقة متأكد من مسؤولية المليشيات الإيرانية التي تنشط في المنطقة بين البوكمال وصحراء دير الزور وتدمر، ورأى الناشط أن “تساهل قوات النظام بالمقابل عن ملاحقة المجرمين رغم وجود العديد من الدلائل أكد هذه الشكوك”.

وختاما استبعد الناشط دعاية النظام التي ادعت أن تنظيم الدولة “داعش” هو مرتكب هذه العمليات مضيفا: “لا توجد أي مصلحة للتنظيم في هذه العمليات لأن القتلى لا علاقة لهم بأحد، بينما طرق القتل والتعذيب توضح أن الجاني أراد قتل أكبر عدد من السكان بغض النظر عن هويتهم ومن يكونون”.

 

من جانب آخر نقل “مثاب” من سكان مدينة معدان بريف الرقة الشرقي عن مصدر عسكري في قوات النظام قوله لأحد الأهالي أن المسؤول الأساسي عن قتل المدنيين هم من مليشيا تدعى 313 وهي مليشيا عراقية لها مقرات في المنطقة.

وأضاف الشاب الثلاثيني الذي فضل عدم ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية في حديثه الخاص لموقع “أنا إنسان” أن وتيرة الجرائم المرتفعة سبب هلع كبير للسكان وحدّ من تنقلاتهم وسفرهم إلى مدينة دير الزور، مضيفا أن “طبيعة المنطقة الجغرافية وعمل السكان لاسيما سكان المناطق الحضرية يجعل من الصعب جدا إيقاف هذه الجرائم”.

وحول ردة فعل عشائر المنطقة المستهدفة في هذه  الجرائم قال “مثاب” إن عدة اجتماعات جرت مؤخرا بين هذه العشائر وممثلين عنها مع مسؤولين من ضباط النظام في المنطقة مشيرا إلى أن هذه العشائر “أبلغت النظام بأنها ستتلسح لحماية نفسها كما أنها ستشكل دوريات من شبانها لحماية رعاة الأغنام من أي اعتداء”.

https://www.youtube.com/watch?v=29z80I0oxJI&feature=emb_title

 

انتهاكات متواصلة:

من جانب آخر أكد مروان عنبر ناشط إعلامي في مدينة دير الزور أن جرائم المليشيات الإيرانية في المنطقة شهدت نشاطا واضحا ضد المدنيين بعد مقتل “سليماني” مضيفا أنه لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن عمليات قتل ممنهجة ضد مدنيين عزل.

وأضاف الناشط أن دعاية النظام بتحميل تنظيم الدولة “داعش” مسؤولية هذه الجرائم ما هي إلا محاولة لتحويل الأنظار إلى جهة أخرى، مضيفا أن “بعض عمليات القتل الأخيرة كتب على أجساد المدنيين عبارات طائفية مقيتة”.

“عنبر” أكدّ في حديثه لـ “أنا انسان” أن الميليشيات العراقية والإيرانية هي من تسيطر بشكل مطلق  على المنطقة الممتدة من البوكمال وصولاً لمدينة الميادين وحتى صحراء البادية السورية مضيفا أن  “رايات الميليشات باتت تفوق أعداد نظيرتها من النظام السوري”.

ويعدد الناشط أبرز الانتهاكات الأخيرة لهذه المليشيات وأبرزها ومنها ميليشيا “حيدريون” التي قامت قبل عدة أسابيع بالاستيلاء على عدد كبير من منازل المدنيين في البوكمال واتخاذها مقرات لها ولعناصرها ، كما سيطرت مليشيا “فاطميون” أيضا على عشرات المنازل في مدينة الميادين بالإضافة لمؤسسات حكومية.

وتنشط  في المنطقة بالإضافة إلى المذكورة مليشيات حزب الله العراقي والنجباء ومليشيا الإمام علي وأبو الفضل العباس بالإضافة لمجموعات محلية تم تجنيدها في المنطقة بمسميات مختلفة.

وتخضع مدينة دير الزور وأجزاء من ريفها لسيطرة قوات النظام ومليشياتها بينما تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على أجزاء أخرى عقب طرد تنظيم الدولة “داعش”  من المنطقة.

 

حسام الجبلاوي

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *