أخبار

صالات السينما في دمشق تحولت إلى بيوت للدعارة

فادي عبد الكريم

سألني قاطع التذاكر هل تريد النوم أم معك صديقتك؟ … بصراحة لم أفهم سؤاله فأنا لم أدخل صالة السينما في دمشق منذ سنوات، وقرار عودتي لقاعة السينما بعد انقطاع طويل جاء بعد رؤيتي لإعلان فيلم أجنبي طالما تمنيت رؤيته ولم استطع، وقد كانت إجابتي له أنني أريد حضور الفيلم، وقد شعر قاطع التذاكر أنني لم أدخل السينما منذ زمن طويل، فقطع لي تذكرة وطلب مني الجلوس في القاعة الرئيسية وعدم الصعود الى إلقاعة العلوية من مسرح العرض.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في الداخل كان يُعرض فيلم قديم لـ عادل إمام، فجلستُ انتظر حتى يبدأ الفيلم الأجنبي الذي أريد مشاهدته، وبعد مرور نصف ساعة انتهى عرض الفيلم وتمت إضاءة الأنوار لأشاهد ما لم اتوقع مشاهدته، اكثر من 30 شخصاً نائمين على الكراسي، وآخر يشرب زجاجة وسيكي وبجانبه فتاة تشاركه الشرب،  فيما الشاب الذي يعمل بالصالة  بدأ يصرخ لإيقاظ النائمين ومن يريد النوم عليه دفع 300 ليرة سورية مرة اخرى أو مغادرة القاعة، ثم صرخ موجهاً كلامه إلى الموجودين في القسم العلوي من الصالة :” الي بده يضل يدفع والي خلص ينزل يلبس ثيابه ويمشي”، باختصار انت لست في صالة سينما، انت في ماخور او فندق، في الاسفل للنوم لكل مقطوع أو عابر سبيل وفي الأعلى مكان للعلاقات الجنسية، وطبعا التسعيرة في القسم العلوي أغلى، وهو القسم الذي يطلق عليه ( المكان المخصص للعائلات).

من المؤسف أن تتحول صالات السينما في دمشق لهذا المستوى، واقع مزر يفسره أحد العاملين بالسينما( طلب عدم التصريح عن اسمه ) إن الحرب هي أهم ما دفع اصحاب لهذا السلوك في الربح حيث يقول:” منذ بداية الحرب فقدت الصالات قسماً كبيراً من جمهورها، الأمر الذي اضطر اصحاب الصالات للوصول إلى ما وصلت اليه، فقد أصبح من الطبيعي أن ترى شاب وفتاة يصعدان نحو الطابق العلوي بعد دفع مبلغ قدره 700 ليرة سورية ، فيما الطابق السفلي مخصص للنوم لكل عابر سبيل، وبهذه الطريقة تستطيع الصالات تحقيق أرباحها وهذا يتم تحت علم السلطات ودون أي تدخل منها في نشاط عملنا”.

 

ويتابع :” انا ومعي الكثيرين من العاملين نرفض هذا السلوك، وليس لدينا القدرة في حالياً إيجاد فرص عمل اخرى للابتعاد عن هكذا اجواء، وبالمقابل هناك البعض من العاملين لا يجد مشكلةً في ذلك واصبح تجارة الجنس في الصالات مصدر ربح جيد له”.

مازن أحد رواد الصالة يقول :” عندما أتيت الى دمشق اذهب الى السينما للنوم أحياناً وأطلب من عامل الصالة إخفاض الصوت لكون جميع من هو موجود في الصالة لا يتابع الفيلم، وفي بعض الأحيان استيقظ على أصوات الشباب والفتيات في الطابق العلوي ونصرح عليهم ونطالبهم بإخفاض صوتهم، وطبعاً نحن نعلم تمام العلم ما يجري في الطابق العلوي”.

بعض الفتيات ممن يعملن بتجارة الجنس، أصبحت هذه الصالات مركزاً لنشاطهم وطبعاً بالإتفاق مع أصحاب الصالة نفسها، وأغلب زبائن هؤلاء الفتيات شبان ضمن الخدمة الإلزامية ( العساكر في الجيش ) حيث تتم العملية بالإتفاق مع قاطع التذاكر الذي يتصل بالفتيات بمجرد وجود شاب يأتي للصالة.

 

الدمار الذي شمل سوريا لم يقتصر على أمر محدد دون غيره، فقد شمل أغلب مناحي الحياة الإجتماعية من تهجير وتغيير ديموغرافي وصولاً إلى العبث بما تبقى من سلوك الناس في الداخل السوري، ففي الوقت الذي نحن بأمس الحاجة لتحرك مجتمع مدني يستطيع إيقاف نزيف التخريب النفسي والعقلي الناتج عن الحرب، نجد هذا المجتمع مغيباً بينما التخريب يفعل ما يشاء وكما يحلو له وتحت إشراف السلطات وعلمها.