أخبار

ما سر الصراع الإيراني- الروسي على «تل الحارّة» في درعا

 

أحمد زكريا

 

تسعى الميليشيات الايرانية وحزب الله، للسيطرة على “تل الحارة” في مدينة “الحارّة” شمالي درعا، وسط محاولات نشطة من تلك الميليشيات بغرض تطويع وتجنيد أبناء المنطقة في صفوفهم، والهدف الرئيس هو بسط سيطرتهم على “التل” نظرًا لأهميته الاستراتيجية كونه يعد أعلى نقطة في المنطقة الجنوبية كلها، كما أنه يشرف على الجولان المحتل بشكل مباشر.

ويبلغ ارتفاع “تل الحارة” 1075 متر عن سطح البحر و200متر عن مدينة “الحارّة” نفسها، وهو أعلى تلّ في المنطقة الجنوبيّة في سورية، ويمكن من خلاله رؤية العديد من المدن والأماكن المحيطة.

وتوالت الزيارات من قبل أشخاص محسوبين على ميليشيا حزب الله وإيران لمدينة “الحارة” في الأشهر القليلة الماضية، في مسعىً منها لإيجاد موطئ قدم لها في تلك المنطقة، وعقدوا اجتماعات مع عدد من القادة العسكريين منن كانوا في وقت سابق في صفوف المعارضة، إضافة لأشخاص من عوائل المدينة “الحوامدة، علوش، الفروخ، قنبس”.

مصادر ذكرت لموقع “أنا انسان”، أن البدايات كانت منذ شهر أيلول /سبتمبر 2018، حينما دخل وفد من “القوة الجعفرية” وعرض الوفد وقتها على الأهالي عدد من الخدمات من أبرزها ترميم المدارس وتشغيل أبار المياه وغيرها من الخدمات الأخرى دون أي مقابل، إلا أن الهدف لم يكن سوى محاولة تلك الميليشيات للتمدد وترويض أهالي المدينة لصفهم ومحاولة تشييعهم، وفي شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، رصد نشطاء دخول سيارة مزودة برادار، استقرت بالسفح الغربي للتل وكانت بإشراف من ضباط إيرانيين، والغرض منها إنشاء رادار تجسس على “إسرائيل” كون المكان لا يبعد سوى 15 كم تقريبا وماتزال السيارة موجودة في المنطقة، بحسب المصادر.

وقال الصحفي “سمير السعدي” وهو من سكان محافظة درعا لموقع “أنا انسان”: إن الهدف من سيطرة إيران عن التل هو لأهميته الاستراتيجية كونه يبعد عن الجولان المحتل مسافة 15 كم، ومن المؤكد أن غرضها ربما يكون التجسس أو لأهداف بعيدة المدى غير معروفة، وأضاف «إن إيران قادرة على أن تتجسس على الأردن من التل، كونه أعلى نقطة في المنطقة الجنوبية وارتفاعه يزيد على 900 متر، وبالتالي فإن موقعه الاستراتيجية يجعل كل الأطراف تحاول بسط سيطرتها عليه».

وتابع “السعدي” بالقول: إن مدينة “الحارة” شهدت قبل عدة أيام زيارة من ضباط يتبعون لميليشيا حزب الله، وتم خلال الزيارة عقد اجتماع مع ضباط من فرع أمن الدولة التابع لنظام الأسد، والهدف تسهيل خروج ودخول عناصر الحزب للمنطقة، وغالبا تسهيل مهمة رصد المنطقة وتزويدهم بأي جديد، إضافة لمحاولة تجنيد وتطويع الأهالي بصفوف الحزب.

وتأتي تلك المساعي، في ظل الصعوبات التي تواجهها الميليشيات في تجنيد أبناء المدينة لصالحها، ما جعلها تعتمد في تلك المهمة على ضابط في فرع أمن الدولة برتبة مقدم يدعى “وعد سليمان” ويعتبر “عراب” تلك المساعي، إضافة لكونه مسؤول عن إحدى المفارز الأمنية في المدينة ويشرف على عدد من الحواجز الأمنية التابعة لها.

وتعجز الميليشيات عن تجنيد أبناء المدينة لصالحها، كون أوضاع سكان المدينة المادية جيدة، وفيها نسبة من المغتربين كبيرة جدا في دول الخليج وأوروبا، وبالتالي فإن الأهالي ليسوا بحاجة أو بحالة عوز، ما جعل المهمة صعبة على الميليشيات وما تخطط له بالنسبة للمدينة من محاولتها اقناع الأهالي عن طريق المغريات.

كما أن هناك محاولات لتجنيد الشبان وطلاب الجامعات من خلال الرواتب والمغريات وتأمين خدمات الماء والكهرباء من خلال ما تسمى “جمعية البستان الخيرية ” التي تعود ملكيتها لابن خال الأسد “رامي مخلوف” والتي تعمل على تجنيد الشبان لصالح إيران، والتي أصبح لها حديثا فروعا في مناطق المصالحات، وهي تعمل على مبدأ “النفس الطويل” في هذا السياق، وفق ما أفاد به “تجمع أحرار حوران”.

وعلى الرغم من المساعي الإيرانية لبسط سيطرتها على مدينة “الحارة” والتل الاستراتيجي، إلا أنها لم تتمكن حتى الأن من ذلك، ولعل السبب الأبرز أضافة لما تم ذكره هو وجود “القوات الروسية” في المنطقة.

وقال “السعدي”: عقب زيارة الميليشيات الإيرانية الأولى لمدينة “الحارة” في أيلول الماضي، تلاها مباشرة في اليوم التالي تدخل الشرطة العسكرية الروسية والتي قامت بتعزيز نقاط لها في المنطقة وفي التل، وكان ذلك بمثابة إشارة تحذير للميليشيات بضرورة عدم الاقتراب من المنطقة.

محللون عسكريون واستراتيجيون أشاروا إلى أن “اتفاق عمّان” الذي تم بين أمريكا وروسيا والأردن و”إسرائيل”، يحول دون سيطرة تلك الميليشيات على “تل الحارة”، كونه تم الاتفاق على أن يكون التل تحت سيطرة قوات النظام وبإشراف روسي.

وقال المحلل العسكري العقيد “إسماعيل أيوب” لموقع “أنا انسان”: إنه وعقب تطبيق اتفاق الأردن، عمدت بعض الميليشيات التي تقودها إيران لارتداء “الزي العسكري” لقوات نظام الأسد في محاولة منها للعبور للمناطق المتاخمة للجولان المحتل، إلا أن وجود الجواسيس التابعين لـ “إسرائيل” إضافة لتواجد القوات الروسية التي هي مسؤولة أصلا عن الدوريات على كامل الشريط الحدودي مع الجولان عن طريق شرطتها العسكرية، جعل مساعي إيران للسيطرة على “التل” تبوء بالفشل.

ويرى “أيوب” أن إيران لا تملك المقومات العسكرية والسياسية للسيطرة على “تل الحارة”، خاصة في ظل الحساسية “الإسرائيلية” البالغة من تواجد تلك الميليشيات على لحدود، وعند شعورهم بخطر للميليشيات في أي نقطة متاخمة للجولان المحتل فإنهم يقومون بقصفها بالمدفعية أو بالطيران، لذلك فمن المستبعد أن تتمكن الميليشيات الإيرانية من السيطرة على هذا التل الاستراتيجي.

وكان المبعوث الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط نائب وزير الخارجية “ميخائيل بوغدانوف”، تحدث في وقت سابق من العام الماضي، عن اتفاق بين “موسكو وواشنطن وعمّان” لعقد اجتماع فيما بينها، من أجل مناقشة الأوضاع في المنطقة الجنوبية من سوريا، بحسب ما نقلت مصادر إعلامية.

بالمقابل، كشفت تقارير إعلامية، عن اجتماعات عقدت في “عمّان” بين “إسرائيل” وإيران، بهدف التوصل إلى اتفاق حول المنطقة الجنوبية، بالتزامن مع لقاءات دبلوماسية مكثّفة تمت بين “إسرائيل” وروسيا أسفرت عن اتفاق بين الجانبين، يقضي بالسماح لجيش النظام باستعادة السيطرة على حدوده الجنوبية مع “إسرائيل”، وبينما نفت إيران حدوث مثل تلك الاجتماعات، نقلت وكالة أنباء فارس عن وسائل إعلام سعوديّة و”إسرائيلية”، نبأ تلك الاجتماعات.

وقال العقيد “أيوب”: على الرغم من أن بنود اتفاق عمّان لم يتم نشرها، لكنها توضحت بعد تسليم المنطقة الجنوبية للنظام مع تشكيل فيلق خامس تابع لروسيا، لذلك لا أتوقع سيطرة أي ميليشيات إيرانية ووجود دائم لها في المنطقة الجنوبية وخاصة القريبة من الجولان المحتل، كون الأمر يعتبر خط أحمر بالنسبة لـ “إسرائيل”، وأضاف إن الاتفاق الأخير الذي جرى العام الماضي في عمّان والذي أفضى لسيطرة قوات النظام على كامل الجنوب، فإنه تم ليس بقوة النظام أو الروس بل بقوة الاتفاق نفسه، وتريد “دولة الاحتلال” أن يكون جيش النظام مسيطراً على المنطقة، وأن تعود الأمور لاتفاق الهدنة عام 1974 والتي من خلالها النظام يقوم بمهمة حماية “إسرائيل”، ومن يقوم بهذه المهمة الآن هي الشرطة الروسية.

ويرى “أيوب” أن التواجد الإيراني اليوم بلباس الجيش النظامي مجرد تواجد استطلاعي فقط، مبينًا أنه ومن قبل اندلاع الثورة السورية كان هناك أجهزة تنصت على المكالمات وأجهزة استشعار عن بعد في “تل الحارة”، ويتواجد على خط الجبهة مع الجولان إضافة لتل الحارة الاستراتيجي، عدد من التلال الهامة أيضا ومنها: تل الجموع، وتل الجابية، وتل الشعار، وتل المال”.

 

 

 

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *