أخبار

اعتقال لناشط ومسرحي في الساحل السوري … بسبب المطالبة بحماية السلم الاهلي وانتقاد عمل مسرحي

حيدر محمد

خمسة عشر يوماً مضت على اعتقال المهندس والناشط المدني واﻹغاثي “نبيه النبهان” من محافظة طرطوس في تصرف أمني لم يعد ولم يكن مستغرباً على الأجهزة المستمرة بالعمل بعقلية التخويف ومنع أي انتشار ﻷي رأي أو وجهة نظر أو تصرف مخالف لأفكار ومعتقدات منظومة السلطة السورية.

وبناء على رغبة عائلة المهندس النبهان فإن التفاعل مع قضية اعتقاله بقي ضمن حدود دائرة اﻷصدقاء الضيقة إلى أن تجاوزت مدة الاعتقال اﻷسبوع، حينها انتقل التضامن معه إلى فضاء العالم الأزرق ـوسيلة السوريين الوحيدة في مناطق النظام للاحتجاج- بعد أن رفضت السلطات منح عدد من الناشطين موافقات لوقفة تضامنية مع الرجل الذي يعرفه الساحل السوري كشخص حاضر في اﻷعمال المدنية واﻹغاثية، ويعرف مواقفه السياسية العقلانية والتي تصب في إطار الدعوة إلى وحدة البلاد والعباد والدعوة إلى حل سلمي للكارثة السورية.

تم إعتقال الناشط المعارض المهندس “نبيه نبهان”(ابو سعيد) يوم الثلاثاء 30 نيسان 2019. مصدر مقرب من العائلة صرّح لموقع “أنا إنسان” بأن نبهان اعتقل بملابس المنزل مساء الثلاثاء، إذ كان وحده في المنزل، وصودرت  أجهزة التواصل الخاصة به من كمبيوتر محمول والكمبيوتر المكتبي وهاتفه المحمول، وأضاف المصدر بأن العائلة لم تسمح بنشر الخبر مباشرة إلا بعد أسبوع لأسباب خاصة تتعلق بوضع العائلة في محافظة طرطوس وخشيتهم على “نبهان”.

إلا أن إغلاق صفحته على الفيسبوك وعدم معرفة الجهة التي قامت بإعتقاله، دعا عائلته إلى إعلان الخبر ورفع الصوت للمطالبه به.

العديد من النشطاء الحقوقين والمعارضين في طرطوس تحركوا لمعرفة مكان “نبهان” دون جدوى وسط تكتم شديد من قبل الأفرع الأمنية، فيما أفادت أخبار متقاطعة للعائلة بأن “نبهان” اقتيد إلى أحد الأفرع الأمنية في العاصمة دمشق.

ينحدر الناشط المعارض “نبهان” من منطقة الشيخ سعد في محافظة طرطوس ويبلغ من العمر 60 عاماً ولديه ثلاثة أولاد:سعيد ومحمد وسهى، ومتزوج من السيدة “نبيلة عباس”، وعرف عنه ثبات موقفه المعارض من النظام طيلة سنوات الحرب والمشدد على ضرورة سلمية الثورة وسقفه العالي في التضامن مع جميع ضحايا انتهاكات النظام ودعوته للحفاظ على السلم الأهلي في طرطوس، خاصة من خلال صفحته على الفيسبوك التي جعل منها منصة لرصد اخبار المعارضة والناشطين المعارضين السلميين في معظم المناطق السورية، إضافةً لتنظيمه بالمشاركة مع عدد من الناشطين في طرطوس حملة جمع مواد غذائية وملابس لأهالي قرية البيضة بعد تعرضها للمجزرة من قبل ميلشيات الدفاع الوطني، حيث جوبهت هذه الحملة برد عنيف من قبل النظام، إضافة لتنظيمه حملات توزيع سلع غذائية وملابس للنازحين القادمين إلى طرطوس وتوقيعه على بيان “حركة معاً” الذي صدر بتاريخ 23 ايار عام 2011 وتوقيعه على “الوثيقة الأساسية للمواطنة السورية”، واعتقل “نبهان” في عام 2012 لمدة ثلاثة أيام وأطلق سراحه.

رجح البعض أن يكون الإعتقال قد تم بناء على توجيه يقوم به النظام في الفترة الأخيرة في التضييق على ناشطين بهدف إسكاتهم ورغبة من النظام بإخفاء هذا الصوت في محافظة طرطوس التي يعتبرها حاضنة وخزاناً شعبياً.

وإلى اليوم ترفض الجهة التي اعتقلته تحويله إلى القضاء مما يعني أن اﻷمل بخروجه يتضاءل يوماً إثر آخر، كما لم تتسرب أية معلومات عن أسباب الاعتقال التي يرجح أصدقاء وناشطون له أن تكون مرتبطة بالتهم التقليدية التي باتت توجه لكل الناشطين وهي “وهن نفسية اﻷمة وغيرها”.

وفي تطور مواز اعتقلت شرطة القسم الشرقي في اللاذقية المخرج “ياسر دريباتي”، وصاحب البيت العربي للموسيقا والرسم ومؤسس مهرجان المونودراما في اللاذقية بتهمة “قدح وذم” على خلفية منشور نشره على صفحته الشخصية على الفيسبوك هاجم فيها العرض المسرحي اﻷخير الذي قدمه المسرح القومي في اللاذقية عن نص لممدوح عدوان بعنوان “كلب اﻵغا” وأخرجها “فايز صبوح”.

كان دريباتي (خريج جامعة دمشق اختصاص نقد مسرحي) قد كتب على صفحته في السابع من شهر أيار الحالي منشوراً بعنوان “المسرح الهزيل” قال فيه: “عند مشاهدتي لعرض مسرحية “كلب اﻷغا” تذكرت صديقي المخرج فرحان خليل بصخبه وتمرده والمسرحي حتى العظم والخارج عن المألوف المسرحي وخاصة في اللاذقية هذا المألوف الذي يحول المسرح القومي إلى مفرخة للأميين وأشباه الفنانين ويقتل روح الاختلاف والمغايرة والسؤال إلى مسرح يفتح أبوابه لموظفيه فقط”.

وأضاف دريباتي: “العرض المذكور ـ أي كلب اﻷغا ـ عجل بتفاهته وفاة صديق آخر هو الفنان الرقاوي الجميل “فواز الجدوع” الذي لم يحتمل تفاهة العرض وغادر بروفاته وترك أداء شخصية زلمة اﻵغا ليلعبها المخرج نفسه، شخصية استخدمت لهجة ابن الجزيرة اﻷنيق بكثير من الخفة والتهريج يدفعان المتفرج للتساؤل أين الاحترام لشخصية الممثل الراحل وماذا يعني إهداؤه عرض يسخر من شخصيته ومن لهجته كما سخر من الاهجات اﻷخرى عبر استخدامها مادة للإضحاك”.

مسرحية كلب الاغا وفق دريباتي “هي عرض مسرحي هزيل لم يقو على طرح النفاق الاجتماعي والسياسي لحكاية ممدوح عدوان وغرق في نفاق مسرحي يطرح سؤالاً كبيراً أمام مديرية المسارح والموسيقا وكيف وصل إلى خشبة المسرح القومي في اللاذقية”.

توقيف المخرج دريباتي جاء بعد مسرحية أخرى حبكها المخرج حيث وجه النائب العام في اللاذقية “شكيب صبوح” وهو ابن عم المخرج أمراً بتوقيف دريباتي وزاد بتوجيه القاضي رياض درويش بتأجيل البت بموضوع دريباتي إلى يوم ثان “كنوع من التأديب” “خليه يتربى”، وعقب توقيف اﻷخير بدأ عدد من أقرباء المخرج والنائب بالاتصال بآل دريباتي في محاولة للفلفة اﻷمر وعدم وصوله إلى الصحافة والمواقع اﻹلكترونية إلا أن العائلة رفضت ذلك وتركت اﻷمر للقضاء.

بين اعتقال نبهان الذي تفاعل معه الشارع الموالي بكثافة بعد تجاوز عائلته لموضوع الخوف من تبعات إعلان الاعتقال واقعياً وافتراضياً وتوقيف دريباتي ـالذي أخرج سابقاً عشرات اﻷعمال المسرحية ولديه مؤلفات في المسرح إضافة إلى كونه اختصاص نقد مسرحي- وتفاعل الشارع الموالي بحدود الحدث (أمس واليوم) لا يعتبر بجديد على سلطة تستخدم مختلف أذرعها للنيل من التيارات الثقافية أو المدنية التي تعمل في مناطق النظام بغية العودة دائماً إلى حظيرة التخويف والترهيب.

الانعكاسات التي ظهرت إثر حدثي الاعتقال أوضحت من جانب ثان أن امتعاضاً كبيراً يلف الشارع الموالي حول كيفية تعاطي السلطات اﻷمنية معه بعد “التضحيات” التي دفعها على امتداد سنوات اﻷزمة السورية إلا أن جزءاً من هذا الامتعاض بقي طي الكتمان مخافة أن ينالهم ما نال النبهان ودريباتي.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *