أخبار

الأسعار ملتهبة و”كورونا” يحاصر الأهالي.. كيف يمر رمضان على السوريين؟

استقبل السوريون شهر رمضان المبارك لهذا العام، بشكل مختلف جدا عن بقية السنوات، فلم يتوقعوا للحظة أن تغيب أجواء التحضيرات والاحتفالات بهذا الشهر الكريم إلى هذه الدرجة، وأن يزيد فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) سوء الأوضاع والحال لهذه الدرجة ويفاقم المعاناة ويرفع الأسعار.

اعتاد السوريون خلال السنوات الفائتة، أو ربما من الأدق القول قبل العام 2011 الاحتفال بشهر رمضان بشكل مختلف تماما، وأن تكون موائدهم تعج بالحياة ولا تفتقد لأحد، فالصغير والكبير موجود، ولم يُغيّب الاعتقال أي فرد ولم يخطف القصف طفلا أو امرأة أو كبيرا، والخروج من المنزل متاح في أي وقت فالليل متصل مع النهار، ولكن كل شيء اختلف وباتت مظاهر وطقوس رمضان تختفي شيئا فشيئا خلال السنوات التسع الفائتة، وغابت بشكل شبه كامل لهذا العام مع انتشار وباء “كورونا” الذي رفع الأسعار في الأسواق بشكل جنوني والتي باتت فوق طاقة الكثير من المواطنين.

تقول “شيماء” والدة لطفلين وتقيم في بلدة زاكية بريف دمشق خلال حديث لموقع “أنا إنسان”، إن أجواء رمضان غائبة عن البلدة بشكل شبه تام، فسابقا كانت الحياة تعج في الأسواق والأهالي يتزاحمون لشراء احتياجات هذا الشهر ليضعوها على موائد الإفطار والسحور، ولكن الحال مختلف الآن وكل تفكير العائلات كيف تستطيع تأمين قوتها اليومي خاصة مع فقدان الكثير من الرجال لأعمالهم.

وتضيف: “زوجي كان يعمل في مجال الإكساء ولكن مع أزمة فيروس كورونا توقف عمله بشكل كامل، وحاليا نتدبر أمورنا ونشتري الحاجيات الأساسية فقط، ولم نجهز أي شيء لرمضان، فكل ليرة نحن بحاجة لها الآن، وسيقتصر طعامنا على الأرز والعدس والبرغل والمعكرونا، فلا طاقة لنا لجلب اللحوم سواء البيضاء أو الحمراء”.

وتتابع: “ومع ضيق هذا الحال، أرى أن الحظ يقف إلى جانبي أنا وعائلتي، فهناك أسر لا تستطيع شراء الاحتياجات الأساسية حتى، فالأسعار مرتفعة جدا وعلى أقل تقدر يحتاج أي نوع من الطعام لتحضيره من ثلاثة وحتى أربعة آلاف ليرة سورية، وطبعا ستكون الكثير من الموائد فاقدة للعديد من الأصناف التي اعتاد السوري وضعها مثل الفتوش والتسقية الشامية وصحن الفول”.

الوضع لا يختلف كثيرا بالنسبة لـ”أم علي” المقيمة في في منطقة وادي بردى، والتي حدثتنا أيضا عن ضيق الوضع المادي، واختلاف شهر رمضان بشكل كبير عليها، فزوجها مغيب في سجون النظام منذ خمس سنين، وبناتها وابنها الوحيد سافروا خارج سوريا، وبقيت لوحدها مع بنتها الصغرى، ومنذ الحديث عن بدء انتشار فيروس كورونا، التزمت منزلها وتخرج لشراء مستلزماتها وتعود، خوفا من الإصابة بهذا المرض، وعدم وجود أي أحد بجانبها.

تعيش “أم علي” على الحوالات التي يرسلها لها أبناءها من الخارج، وتقول إنه لولا ذلك لـ”مت من الجوع أنا وابنتي”، فالأسعار مرتفعة جدا ولا تأخذ أي مساعدات إنسانية، ولا معيل لها، فحالها كحال الكثير من النساء اللواتي فقدن المعيل والأبناء بسبب القصف والاعتقال.

حال عائلة “شيماء” و”أم محمد” كحال الكثير من الأسر السورية، ذات الدخل المحدود، والتي لا يوجد لبعضها دخل ثابت، وتعيش في قلق مستمر من المستقبل الذي يحاصرها أكثر فأكثر، ومن الوضع الاقتصادي الذي يتدهور يوما بعد يوم ويرمي بقسوته وظلاله السلبية على العائلات الأشد احتياجا.

وخلال الأسابيع الأخيرة ارتفعت الأسعار بشكل كبير في الأسواق، بسبب وباء “كورونا”، وحققت بعض المواد أرقاما قياسيا، وتأثرت الكثير من المهن والحرف وتوقف عمل الكثير من الشبان، خاصة مع اتخاذ السلطة السورية العديد من الإجراءات الاحترازية لمكافحة الفيروس، دون طرح حلول بديلة للأهالي، الذين لايزالون يدفعون من جيبوهم ثمن كل شيء مرت وتمر به سوريا منذ تسع سنوات.

النظام السوري يسجل إصابات جديدة بـ”كورونا” ويفرض عقوبات على مخالفي قرار حظر التجوال