أخبار
طفل سوري في لبنان يعمل في جمع الكرتون
صورة خاصة لموقع أنا إنسان

حملة لازم نتعلم لتعليم الاطفال اللاجئين … حملة خجولة في الزمن الصعب

عند بداية اللجوء السوري إلى لبنان، كانت أنظار جميع المنظمات الإنسانية تتجه نحوهم، حيث كانت المساعدات الغذائية والأموال تتدفق لدعمهم بشكل كبير. وبدأ التركيز على تعليم الأطفال وأقامت بعض المنظمات خيماً كبيرة تم استخدامها كمدارس لتعليم الأطفال، وشارك في ذلك الجهد الكادر التدريسي من المعلمين السوريين الذين كانوا جزءاً من هذا اللجوء والبعض منهم يسكن في نفس المخيمات.

كان بالإمكان مشاهدة العديد من المنظمات الإنسانية تعمل في المخيمات، وفي بعض الأحيان كنت تجد موظفين لـ 3 منظمات يعملون في المخيمذاته في نفس الوقت، وذلك بالإضافة لوجود نشطاء وإعلاميين وكاميرات تجري لقاءات صحفية، فتنقل وجع هذه العائلات التي هربت من القصف والقتل في سوريا.

مع مرور الوقت بدأت هذه المنظمات بالاختفاء تدريجياً، وانخفض حجم المساعدات التي كانت تُقدم. فبعد مرور 9 سنوات انخفضت المساعدات إلى أقل من 30% مما كانت عليه في البداية، وتحولت هذه المخيمات إلى مناطق معزولة محاصرة ومنسية. وبدلاً من زيارة المنظمات الإنسانية لها، أصبح الجيش اللبناني يزورها على شكل اقتحامات ليلية أو نهارية يعتقل من يشاء من الرجال والشبان إلى مراكز اعتقال حيث يتعرضون للضرب والتعذيب والإهانات النفسية والعنصرية بمبررات متعددة منها عدم وجود أوراق إقامة رسمية لهم في لبنان رغم أنهم لاجئين ومسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة في بيروت وتحت حمايتها.

في كل سنة كان الخناق يزيد، والأموال التي كانت تُقدم إلى الحكومة اللبنانية من أجل توفير المساعدات للائجين أو التعليم للأطفال السوريين كانت تتضاءل دون أن تظهر نتائجها بشكل واضح عل أهالي المخيمات. ولعب استغلال سوق العمل اللبنانية لحالة الفقر دوراً كارثياً في حياة سكان المخيمات، حيث ارتفع منسوب العنصرية في لبنان وبلغ حد إطلاق حملات مدعومة من الحكومة اللبنانية تمنع عمل اللاجئين السوريين وتفرض غرامات مالية على أي منشأة توفّر لهم العمل.

كل ماسبق دفع الكثير من الأطفال السوريين اللاجئين في المخيمات في لبنان للتوجه لسوق العمل اللبنانية من أجل تأمين مصروف عائلاتهم بدلاً من أبائهم نظراً لكون الحكومة اللبنانية منعت تشغيل كل من هم فوق السن القانوني، بينما تغضّ البصر عن عمالة الأطفال وكل ما يحصل بحقهم من تجاوزات وخصوصاً إن كانوا من السوريين.

تجاوز عدد الأطفال في سوق العمل اللبنانية أكثر من 70 ألف طفل سوري حسب تصريح منظمة هيومن رايتس ووتش ومعظمهم في مهن خطرة  كالبناء والحدادة والنجارة، بل أن مزارع المخدرات كالحشيش بدأت تستخدمهم في العمل ضمن مناطق زراعة هذه المواد وبأجور هزيلة.

في ظل هذه الكارثة الكبيرة أطلقت “مؤسسة أنا إنسان” بالتعاون مع مركز حروف التعليمي حملة ( من حقنا نعيش بكرامة … لازم نتعلم) وتهدف إلى إعادة 13 طفل سوري موزعين بين المخيمات السورية إلى مقاعد دراستهم بالتزامن مع حملة إعلامية تهدف إلى تسليط الضوء على واقعهم ومعاناتهم.

الفرق بين الرقمين مخيف … بين أكثر من 70 ألف طفل سوري دون تعليم وبين 13 عشر طفل تم إعادتهم للمدرسة، لكن هذا الفارق بالنسبة للحملة هو بمثابة رمي حجر صغير بمياه راكدة على أمل تحريكها وسماع صوت هؤلاء الأطفال الذي نسيهم المجتمع الدولي بأكمله و أدار ظهره لهم ولمأساتهم.

ما الذي يمكن قوله عندما تجد تقريراً لمنظمة هيومن رايتس ووتش يؤكد أن أكثر من 300 ألف طفل سوري في لبنان وحده بلا تعليم يمر مرور الكرام، وعندما يمر خبراً آخر عن ما يُمارس من انتهاكات من المدراس اللبنانية بحق الطلاب السوريين وصل إلى حد الضرب والإهانة أيضا وفق نفس المنظمة ويمر المرور الكرام … لا أتوقع أن هناك ما يقال.

حملة خجولة في زمن صعب، في زمن أصبحت فيه حياة الأطفال رهناً للعبة سياسية داخل لبنان وخارجه، ووحدهم هؤلاء الأطفال من يدفع ثمنها وبصمت ومن دون أن يسمع أحد … صوت أوجاعهم.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *