أخبار

ع طريق … لبنان

نسرين عزام – كاتبة سورية 

و البيت يا يمّا بلا خلانو شو نفعو

و الغربة يمّا ذبحت قليبي و زادت وجعو

رح نرجع يمّا حضري الزاد ال….

_ لو سمحت من وين طريق الي بيطلع اعلى التلة ؟

_ ع بيت الست أديبة ؟؟

_ ايوا

_ عاليمين في طريق بين الشجر .. بس دير بالك الطريق وعر

_ مشكور خيي

مشت السيارة على مهل على ذلك الطريق الوعر بعد أن سأل السائق الرجل البدين مستدلاً منه على الطريق .. طبعاً لقد قطع أغنيتي التي كنت أرددها في نفسي طوال الطريق من سوريا إلى لبنان..

كنت أجلس وحيدة في السيارة بأدب فتاة بلغت عامها السادس عشر و صارت (صبية) .. أمسك براحتي يدي و أشبك أصابعي مرة و أفكهم مرة .. عيناي غلبتاني لقد تشبثتا بسحر جمال جبال لبنان الخضراء .. و كأنهما كانتا ترويان عطش السنين الماضية إلى منظر جميل بعيد عن لون الحرب و الدم ..

_ و أخييييييييييرا يا أمورة وصلنا .. و هيدا بيت خالتك أديبة .. تفضلي

استدار السائق نحوي بابتسامة عريضة .. لم استطع الرد عليها إلا بانحناءة رأس .. ثم ترجلت من السيارة مع حقيبة صغيرة ..

كانت خالتي في انتظاري .. عانقتني و قبلتني و صرخت فرحة :

_ هيااااا حياااااااااتي يا هيا .. فوتي ارتاحي جوا حبيبي لحاسب الشوفير

دخلت البيت بهدوء لكن أنفي انتفض بسرعة .. اللافندر .. الظاهر أن خالتي تحب معطرات الجو برائحة اللافندر

نظرت من النافذة التي تكشف قرية كاملة .. ويلي كيف تُبنى البيوت هنا ؟ .. بيت أعلى التل مرعب في الليل لكنه ساحر في النهار و يمك….

_ اااااااه حبيبتي الحمدلله ع سلامتك .. انشالله ما تعذبتي عالطريق ؟

قاطعتني خالتي أو بالأحرى قاطعت أفكاري و هي تدخل البيت .. و تقفل الباب بقفلين كبيرين :

_ حبيبتي هون بتقفلي الباب وراكي لانو ما بتعرفي شو بصير ..

هززت رأسي موافقة .. ثم تابعت خالتي :

_ يا حبيبة قلبي أنت .. رح اعملك اكلة بتحبيها كتير .. فاصوليا و رز .. أكيد جوعانة و تعبانة من السفر

ابتسمت ثانية و هززت رأسي موافقة .. كنت أضحك في سري من قال لها أنني أحب الفاصولياء مع الرز .. لم أتذوق هذا الطبق يوماً فهو يسبب لي حرقة أعلى المعدة .. لا بأس .. ربما حياة الخرس أجمل بكثير من الكلام الممل الذي لا طائل منه.. أشكر الله أنه عقد لساني مذ فُجعت بأبي و أمي و أخوتي دفعة واحدة.. ربما لو لم يعقده لما أبقيت شتيمة إلا و نطقتها .. أضحك في سري دائما من كل شيء و بلا سبب .. و بين الضحكة و الأخرى تلمع في رأسي أغنية .. لقد ألفت حتى الان ثلاث أغان .. و أخرها كان و أنا في طريقي إلى هنا . . .

حسناً.. ربما تذوق الفاصولياء مع الرز أهون بكثير من تلك الحرب اللعينة ..

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *