أخبار

كيف تأثرت حياة السوريين بالقوانين التركية الجديدة؟

قوانين تركية جديدة قلبت حياة السوريين في اسطنبول رأساً على عقب، كان أبرزها فرض انتقال كل من يحمل بطاقة الحماية المؤقتة «كملك» من السوريين إلى أماكن تسجيلهم في المدن والمناطق الأخرى، وتهديد من لا يملك البطاقة بالترحيل.

القرار بإعادة تنظيم تواجد اللاجئين السوريين وإعادة المخالفين إلى سوريا استهدف الكثير من السوريين في العاصمة التركية إسطنبول، وشهدت الفترة الأولى لصدور القانون تشديداً كبيراً رافقه ترحيل من لا يملك بطاقة الحماية المؤقتة «الكيملك» إلى الشمال السوري، في حوادث تناقلتها وسائل الاعلام، وأجبرت حاملي بطاقة الحماية مؤقتة من خارج اسطنبول على العودة إلى ولاياتهم التي استلموا منها «الكملك»، مثل بورصة، وقونية، وقيصري، وغازي عنتاب وغيرها، وعادت مئات العائلات لولاياتها خوفاً من المساءلة القانونية.

جاءت هذه القرارات بعد فوز رئيس بلدية اسطنبول الكبرى عن حزب الشعب الجمهوي أكرم إمام أوغلو، صرح خلال مقابلة أجراها، في 29 من تموز الماضي، مع قناة “DW Türkçe”، أن “التدابير التي تتخذها ولاية اسطنبول تجاه المواطنين السوريين تدل على أن حزب العدالة والتنمية أدار قضية اللاجئين السوريين بشكل خاطئ”، كما أعلن صويلو في حديث تلفزيوني مع محطة “خبر ترك” آب الماضي، أن تركيا مددت حتى 30 أكتوبر/ تشرين الأول المهلة الممنوحة للاجئين السوريين غير المسجلين في إسطنبول لمغادرة المدينة، أو مواجهة الترحيل القسري.

إلا أن لمعاناة السوريين أبعاداً مختلفة يقولها الصحفي أنس الشاغوري، المهجر قسرياً من الغوطة الشرقية، والمقيم في اسطنبول، لموقع أنا إنسان: «بعد وصولنا إلى تركيا؛ اخترنا السكن في مدينة اسطنبول نظراً لوجود أقاربنا فيها، وغناها بالوكالات والقنوات السورية المعارضة للنظام، مما يسهل علي كصحفي فرصة الحصول على عمل، لنتفاجأ بعد أشهر من استقرارنا بقوانين تلزمنا العودة إلى بورصة، المدينة التي استخرجنا الكيملك منها، وشعرت بخيبة كبيرة، فأنا بالكاد وجدت عملاً يناسبني ويعيلني مع أسرتي، وفي الوقت نفسه مضطر للخضوع إلى القانون التركي».

وأضاف الشاغوري: «كان الحل الوحيد أمامنا هو استخراج إذن سفر من بورصة يسمح لنا بالبقاء في اسطنبول مدة محددة قبل الانتقال إلى بورصة، وحصلت على إذن سفر، ما زالت مدته سارية حتى تاريخ 20 من شهر تشرين الأول 2019، وبعد انتهاء المدة سأضطر للانتقال إلى بورصة، لكنني سأستغل هذه الفترة ببيع الفرش الذي اشتريته، وتسليم المنزل لصاحبه»، وأشار إلى أن «كل المهجرين قسرياً الذين وصلوا إلى اسطنبول بطرق غير شرعية في الفترة الأخيرة لا يملكون كيملك اسطنبول، وأغلبهم لم يحصل بعد على كيملك، والمؤلم أنهم تعذبوا كثيراً حتى وصلوا إلى بر الأمان، وحققوا بعضاً من الاستقرار في حياتهم، وسيضطرون الآن لمغادرتها إلى ولايات أخرى، وتأسيس حياتهم من جديد».

من جهته أكد الشاب محمد التركماني من مدينة حلب لموقع أنا إنسان «إن المشكلة لا تكمن فقط في كيملك اسطنبول، لكن الحكومة التركية بدأت تضيَق على السوريين من جميع الجهات؛ مثل الإقامات وأذونات العمل، بالإضافة لتفتيشهم المستمر في الطرقات ومحطات المترو والترام، وكل مخالف يتم تحويله لسجن معين، وتتخذ بحقه الإجراءات الأمنية التي قد تصل إلى الترحيل القسري لمدن الشمال السوري».

وتابع التركماني: «القوانين الجديدة فرقت الكثير من العائلات السورية عن بعضها، فأنا وزوجتي وأطفالي نحمل كيملك اسطنبول، بينما أمي ووالدي يحملان كيملك قيصري، وهما يقطنان معنا في نفس المنزل، ولا يمكنهما الانتقال للعيش وحدهما في قيصري لأنني مسؤول عنهما». لافتاً إلى أن إدارة الهجرة العامة التركية أصدرت بعض الاستثناءات لنقل الكيملك إلى إسطنبول، لكن للأسف هذه القرارات لم تنفذ بعد، وما زالت حبراً على ورق.

موقع أنا إنسان تحدث أيضاً مع الشاعر حسين أحمد الحسين من مدينة منبج، وهو مقيم في اسطنبول، وحيث أوضح أنه مجاز من كلية الشريعة في جامعة دمشق العام ١٩٨٦، وعمل مدرساً وإماماً وخطيباً في سورية لأكثر من عشرين عاماً، وهاجر بسبب الحرب إلى تركيا بعد ان احترق بيته، حيث قال: «سكنت في قيصري مدة ثلاث سنوات، واستخرجت الكيملك منها، لكنني كنت بعيداً عن عالم الشعر واللقاء الجماهيري حتى دعيت إلى مهرجان للجمعية الدولية للشعراء العرب في جامعة مرمرة في اسطنبول، فوجدت ضالتي هنا في حاضرة الثقافة الإسلامية والعربية والعالمية، ووجدت نفسي مع زملائي، فأشرقت الكلمة، وأمطرت سماء اسطنبول شعراً».

وحول القرارات الجديدة، قال الحسين: «فوجئت بها، وتضررت كثيراً، لأنني ملزم بمغادرة صرح الثقافة، والعودة إلى قيصري مع زوجتي وأولادي الأربعة الذين يعيلوننا، لذا أتوجه إلى كل مسؤول في تركيا أن ينظروا إلينا بعين العطف والرحمة، ويستثنوننا أسوة بالطلاب، والأيتام، وأصحاب الأعمال والمشاريع والشركات، فبناء الإنسان والعقل، أهم بكثير من بناء المطاعم والمحال التجارية».

يذكر أن القوانين الجديدة شملت الإقامات قصيرة المدى ومستقبل حامليها وترخيص الشركات والمتاجر التابعة للأجانب ومنهم السوريون، وضبط العمالة غير المنظمة لحماية حقوق اللاجئبن من الضياع، واللوحات التجارية التي تأتي بنسبة 75 في المائة باللغة التركية في مقابل 25 في المائة باللغات الأخرى ومنها العربية، إضافة لقصة بطاقة الحماية المؤقتة «كملك» في مدن التسجيل والعودة إليها، حيث تضم اسطنبول أكبر تجمع للسوريين بين المدن التركية؛ إذ يصل عددهم هناك إلى 547 ألفاً و716 سورياً، وتصل نسبتهم إلى نحو 3.64 في المئة من عدد سكان المدينة، وتأتي بعد اسطنبول غازي عنتاب، وهاتاي، وشانلي أورفا، وأضنة، وتضم تلك المدن أيضاً مراكز إقامة مؤقتة، بحسب إحصائية لإدارة الهجرة العامة التركية التي صدرت في الرابع عشر من شهر آب الماضي.

من جهة أخرى أطلق إعلاميون سوريون بالتعاون مع “منبر الجمعيات” رابطاً طلبوا كل من تعرض للترحيل إلى سوريا بالرغم من وجود كملك الرجاء ادخال المعلومات لتوثيقها وتقديم طلب للنظر بملفاتهم وشرح آلية تطبيق القوانين للجهات المعنية. https://bit.ly/2lJjuO4

ورد مارديني

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *