أخبار

ميدانكي بحيرة تودّع سنويا غرقى محبي السباحة في عفرين 

تتمتع منطقة عفرين السورية بكثرة الأنهار والجداول والبحيرات الموزعة ما جعلها منطقة سياحية سورية بامتياز، ومن أبرزها بحيرة ميدانكي التي يقبل عليها الأهالي للسباحة في فصل الصيف التي يعتبرها الأهالي مكانا للترفيه من أهالي المنطقة والمهجرين.

لكن في لحظة تنقلب السعادة والسرور إلى أجواء حزن وعزاء بسبب حدوث حالات غرق أغلبهم من مهجري “حمص وحلب والغوطة الشرقية وإدلب وحماة” ويعود أسباب ذلك لعدم معرفتهم بخطر السباحة داخل التجمعات المائية وطبيعتها، وأكثر حالات الغرق تحدث في بحيرة ميدانكي ونهر عفرين رغم تمكن بعضهم من السباحة وجهل البعض الآخر.

وتمتد بحيرة ميدانكي من الأراضي التركية وصولاً إلى قرية ميدانكي شمال غرب عفرين المدينة، والنهر الأسود الممتد أيضاً على طول الحدود السورية التركية شمال غرب مدينة راجو. بالإضافة إلى وجود مساحات مائية أخرى يسبح فيها أهالي عفرين مثل نهر عفرين الذي يمر على أطراف المدينة وساقية الري الزراعية الضخمة التي تتفرع بكامل المنطقة بالقرب من الأراضي الزراعية، فضلاً عن بعض البحيرات الصغيرة والينابيع الطبيعية.

 

 

السباحة في البحيرات والأنهار أوفر من المسابح المُغلقة

يقول “أبو محمد” المهجر من ريف حمص الشمالي لموقع “أنا إنسان” أنه يرتاد مع أصدقائه بحيرة ميدانكي كل يوم بفصل الصيف لشدة الحر في منطقة عفرين، بقصد السباحة والترويح عن النفس، لعدم وجود أماكن مخصصة للسباحة، فكل المسابح الخاصة القريبة من مكان إقامته أسعارها مرتفعة فرسوم الساعة الوحدة ٥٠٠ ليرة سورية ووقت السباحة محدود، في المقابل الوقت في البحيرات والأنهار الطبيعية مفتوح بدون مقابل، فضلاً عن السباحة ضمن مساحة واسعة وليست ضيقة أو مغلقة.

وأشار “أبو محمد” إلى أن السباحة في بحيرة ميدانكي خطيرة جداً، فمن الممكن أن يخرج الشخص في أي لحظة عن السيطرة ويكون معرضا للغرق بسبب الدوامات التي تحصل في قعر المياه على عمق يتجاوز ١٠٠ متر، بالإضافة لوجود تكهفات وانهيارات للصخور الكلسية أثناء تقلب مناخ المياه في الصيف والشتاء، مضيفاً إلى أن من يستطيع السباحة بشكل جيد يسعى أن يكون حذرا جداً ويستعين ببعض قطع الفلين أو إطار سيارة مملوء بالهواء ليتمكن من العوم على سطح الماء لمسافات بعيدة.

وتابع يوجد إقبال كبير على هذا المكان من قبل الأهالي لأن أجواء بحيرة ميدانكي تجذبهم بقصد السباحة والتنزه وخصوصاً العائلات والشباب، ولا يمر يوم إلا ويوجد أكثر من حالتين غرق على شاطئ البحيرة تُنفذ قبل الشباب المتواجدين الذين يجيدون السباحة.

 

 

شاهد على حوادث الغرق

ومن جهته يقول “لؤي الخالد” والذي يرتاد ساقية الرّي مع العديد من رفاقه بقصد السباحة أثناء الظهيرة للهرب من الحر الشديد، بأنه شاهد على إحدى حوادث الغرق لشاب مهجر من الغوطة الشرقية أثناء السباحة في ساقية الري “كان الشاب يسبح مع أصدقائه على طرف مجرى الساقية وفي برهة قصيرة من الزمن أصبح يستغيث ويطلب النجدة وسط الساقية التي يبلغ عمقها ٦ أمتار، ثم فقد الشاب السيطرة على نفسه وبدأ بضرب يديه على سطح الماء لم يلبث إلا قد أصبح تحت الماء فكان لا يجيد السباحة بشكل جديد، مشيراً الى أنهم حاولوا إنقاذه ولكن جميع الطرق لم تجدي نفعاً بسبب جريانه مع الماء”.

تحذيرات الدفاع المدني السوري

ورغم حملات التوعية من خطر السباحة ضمن المجاري المائية والبحيرات التي يطلقها الدفاع المدني السوري في منطقة عفرين كل عام لم تجدي نفعاً بسبب إصرار بعض الأهالي بالمخاطرة في أنفسهم بدون الأخذ بعين الاعتبار ما الذي قد يحصل، فقد بلغ عدد الأشخاص الذين قضوا غرقاً ٥٣ شخص في مناطق مختلفة بعموم أرياف حلب موثقة بحسب مديرية الدفاع المدني السوري في ريف حلب.

ومنذ مطلع صيف هذا العام قضى ٤ أشخاص نحبهم غرقاً منهم نساء وأطفال؛ اثنين منهم في نهر “تل سلور”، وشخص في ساقية “الري” وآخر في بحيرة “ميدانكي”.

وقد أوضح بخصوص ذلك قائد قطاع الدفاع المدني السوري في مدينة عفرين “إسماعيل النعسان” لموقع (أنا إنسان) عن التدابير المتخذة بالنسبة لخطر السباحة ضمن المجاري المائية والأنهار في منطقة عفرين “الدفاع المدني السوري في عفرين لديه ٤ غطاسين متمرسين من ذي الخبرة العالية في مركز مدينة “شران” كونه الأقرب من بحيرة ميدانكي لأن أغلب حالات الغرق تكون هناك، مشيراً إلى أنه يتم إبلاغ الفريق عن طريق أرقام مخصصة أو عن طريق المخاتير أو أشخاص لديهم تواصل مباشر مع الفريق، ينطلق فريق الغطاسين إلى مكان الحادث”.

ويفصّل “النعسان” بطريقة الإنقاذ: “يبدأ الفريق بالبحث عن الشخص الغريق ولكن في بعض الأحيان تنتهي المهمة بأقل من نصف ساعة ويتم إخراجه من الماء، والبعض الأخر يستغرق البحث ساعات زمن، بحسب طبيعة المكان والرؤية تحت الماء، وقد حصل مع فريق الغطاسين هذا الأمر لأن الحالة كانت في مجرى نهر تل سلور ساعتين من البحث تحت الماء حتى وجدت جثة الغريق بسبب انعدام الرؤية بشكل كامل وجريان مياه النهر بقوة ما يعيق عمل الغطاسين واستهلاك كميات كبيرة من الأكسجين”.

 

التوعية

وكما أشار “النعسان” أن الدفاع المدني السوري قطاع عفرين سيقوم بحملات توعية على أطراف البحيرات والمجاري المائية بتوزيع بروشورات ونشر لافتات تحذر من مخاطر السباحة وتداعياتها السلبية، فضلاً عن وضع شباك معدنية كل ١٠٠ متر على طول ساقية الري الضخمة لسهولة البحث عن أي حالة غرق قد تحصل، بالإضافة إلى تدريب ١٠ متطوعين من الدفاع المدني السوري في عفرين على الغطس والإنقاذ المائي وسيتم توزيعهم على جميع مراكز الدفاع المدني المتواجدة في المنطقة لسهولة الوصول لأي حالة غرق بأسرع وقت ممكن.

ماجد عثمان

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *