أخبار

قارئ للكتاب يؤسس مكتبته الجديدة في عفرين

يزن محمود

على أنغام صوت حسون بالجوار وتحت ظل شجرة تتخللها أشعة شمس خافتة، يبدأ أحمد خبية أبو صطيف الستيني المهجر من الغوطة الشرقية إلى ريف حلب الشمالي يومه بقراءة الكتب على طاولة خشبية مستديرة ونظارات مركونة عليها وأقلام حبر وإلى جانبه فنجان من القهوة، أجواء لطالما حلم بها لقراءة الكتب في الغوطة ولكن لم يكن ذلك متاح في ظل قصف الطائرات وأصوات الصواريخ التي تساقطت على الغوطة.

أكثر من عشرين عاما من حياته قضاها أبو صطيف في المطالعة وقراءة الكتب، جمع خلالها مكتبة تضم أنفس الكتب التي تنوعت ما بين دينية وتاريخية ولغوية وعلمية.

يقول أبو صطيف: “ضمت مكتبتي التي جمعتها في مدينة دوما على مدار عشرين عاما أكثر من ثلاثمئة كتاب حوت جميع العلوم، وتحولت لمرجع للعديد من المهتمين، كنت أعير الكتب لطلاب الجامعات والمهتمين ولكن فقدي لها بقصف النظام السوي حرق قلبي إلى اليوم فلا زلت أتحسر عليها وأستذكر مابها من كتب قيمة حتى وصل بي الأمر ولشدة شغفي بجمع الكتب كنت آخذ كتابا بدل أجرة عملي”.

لم تكن مكتبة أبو صطيف تحمل فكرا تعصبيا كان الناظر إليها يراها متوازنة في الأفكار، بعيدة عن الفكر التكفيري.

ورغم كل ذلك، لم توقف آلة الحرب في الغوطة عشقه للقراءة، ومع تهجير أبو صطيف إلى الشمال السوري وجد من الكتاب المؤنس الوحيد له في هذا الواقع الذي فرض عليه،

 فعمل خلال السبعة أشهر الماضية على استعادة جزء بسيط من مكتبته وتمكن من جمع قرابة المائتي كتاب حتى الآن، لكن هذا العدد كان غير كاف للهدف الذي يصبو إليه، رغم أن هذه المرة الكتب أشمل وأوسع وبعضها يبحث في جذور الديانة الأزيدية والثقافة الكردية “فرض علي تنوع الديانات في عفرين ذلك، إضافة للتعمق في معرفة اصول هذه الديانات لمعرفة طبيعة الشعب ومدى القدرة على التقارب والتعايش معه”.

لم يكن هدف أبو صطيف من جمع المكتبة القراءة فقط بل يسعى لتكون هذه المكتبة نواة لمركز ثقافي يكون مرجعا لطلاب المدارس والجامعات، “أسعى جاهدا من أجل هذا الهدف كما أني اقوم ومنذ عدة شهور بالتواصل مع أصدقاء لي من أجل الحصول على كتب قيمة.”

يهوى أبو صطيف قراءة كتب اللغة ويهتم باللغة العربية بشكل خاص، ومن الكتب المميزة لديه كتاب قطر الندى حيث لا يمل من قراءته وكلما قرأه من جديد يشعر بأن هناك شيئا جديدا ليتعلمه كما يقول.

وجود قارئ مثل ابو صطيف في زمن قل به القُراء وباتت وسائل التواصل الاجتماعي الطاغية على المشهد أمر نادر، وجود مثله لايزال يعشق الكتاب وينهل المعرفة منه رغم كل الظروف القاسية التي مر بها ويسعى لعودة الكتاب لأخذ دوره الحقيقي ويكون مرجع لطلاب العلم والمثقفين.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *