أخبار

أبناء الساحل السوري يضعون يدهم على الجيش ويتصدرون المراكز الحساسة فيه

استطاع أبناء الساحل السوري منذ سيطرة آل الأسد على الحكم في البلاد من وضع يدهم على المراكز الحساسة في “الجيش” الذي أثبت مرة وراء أخرى بأنه الموال الأقوى والأكبر للنظام الحاكم حيث لعب الدور الأساسي في الحفاظ على هذا النظام منذ عقود.

ورغم الانتكاسات التي تعرض لها جيش السلطة الحاكمة سواء على الصعيد الخارجي منذ نكسة حزيران عام 1967 وأيلول الأسود 1970 وحرب تشرين 1937 ولبنان 1982، أو على الصعيد الداخلي عبر تدخل الجيش لصالح السلطة الحاكمة في حماة ثلاث مرات على التوالي أعوام 1965 و1982 و2011 وغيرها في القامشلي وبقية المناطق السورية خلال السنوات الفائتة، إلا أنه حاول الحفاظ على كيانه معتمدا على الجهات الخارجية التي تدعمه.

وكان لروسيا وإيران الدور الرئيسي في الحفاظ على هذا الكيان، وباتت وخاصة روسيا هي المتحكمة به، وذلك منذ بدء الاحتجاجات المناهضة للسلطة الحاكمة في سوريا، والتي واجهت المحتجين بالرصاص الحي والاعتقالات وانزلت “جيشها” إلى الساحات لمواجهة المدنيين.

ولم يكن هذا “الجيش” ليحافظ على نفسه لولا تدخل الحلفاء من جهة وتسلم المراكز الحساسة وغير الحساسة فيه خلال السنوات الفائتة لأبناء الساحل السوري من جهة ثانية.

شاهد بالفيديو.. معارضون: روسيا تدير معارك إدلب وتشرف عليها نيابة عن السلطة السورية

ولم يكن ما يحصل ضمن جيش السلطة خفيا على أحد، وكان تقسيم المراكز والمهام تؤكد الطريقة التي تفكر بها السلطة السورية.

وبحسب دراسة نشرها “مركز عمران للدراسات” وتطرق فيها للحديث عن “جيش السلطة” قال إن أهم 40 مركزا عسكريا لقادة الجيش وزعها رأس السلطة، بشار الأسد، على أقربائه وأبناء الساحل لا سيما، مسقط رأسه القرداحة وجارتها جبلة بصدارة (27% للقرداحة، و22% لجبلة).

وكذلك محافظتا اللاذقية وطرطوس وما حولها من قرى أفرزت مئات الضباط وآلاف العناصر، إضافة إلى ريفي حمص وحماه، وهي مناطق يعرفها السوريون أنها الخزان البشري لعناصر وضباط جيش ومخابرات وميليشيات السلطة، لا سيما بعد انطلاق الثورة في آذار مارس 2011.

وأشارت الدراسة إلى أن، حافظ الأسد، الأب، هندس مراكز القوة اجتماعياً بطريقة تضمن ولاء الجيش للسلطة الحاكمة، وتمنع تحوله لأداة سياسية ضد سلطته؛ إلا أنه وبعد الثورة السورية ولأسباب عدة تصدع ذلك، وباتت القيادات في الوحدات العسكرية لصالح تولي الضباط من أبناء الساحل قيادة تلك الوحدات ليس في الصف الأول فقط بل في الصف الثاني والثالث وما يليهما.

وتوصلت إلى أن من يشغل هذه المراكز الحساسة هم ضباط من الساحل السوري، من القائد العام ووزير الدفاع مروراً بقادة الفيالق العسكرية وقادة الفرق وأجهزة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع، وذلك خلال استقصائها للتوزع المناطقي لأهم 40 مركزاً في الجيش السوري حتى تاريخ 10/3/2020.

وحسب الدراسة فإن ضباط اللاذقية يسيطرون على 58% من المناصب القيادية، بينما يسيطر ضباط طرطوس على 17%، وضباط حمص على 15%، في حين يسيطر ضباط حماه على 10%.

ولفتت الدراسة إلى أن هناك محاصصة غير معلنة ما بين ضباط مناطق القرداحة وجبلة وطرطوس ودريكيش، حيث يتولى ضباط من جبلة قيادة ثلاثة فيالق وعدد من الفرق النوعية، بينما يتولى ضباط القرداحة قيادة فيلق وضابط من حمص قيادة فيلق آخر، كما يتولى ضباط القرداحة أكثر الفرق العسكرية قوّة وتنوعاً، في حين يقود ضابطان من نفس القرية بمنطقة دريكيش في محافظة طرطوس قيادة أعتى وأقوى جهازي استخبارات في سوريا.

وظهر جليا من خلال الدراسة أن الثقل المركزي في الجيش للضباط المنحدرين من اللاذقية بشكل أساسي، ومن جبلة والقرداحة بشكل خاص.

شاهد بالفيديو: ترتيب جيش السلطة السورية يتراجع عالميا

يشار إلى أنه قبل عام 2011؛ تكوّن جيش النظام تاريخياً من ثلاثة فيالق عسكرية في القوات البرية تضم 12 فرقة عسكرية أساسية إضافة للحرس الجمهوري والقوات الخاصة وحرس الحدود، ولفرقتين جويتين وفرقتي دفاع جوي وعدة ألوية في القوات البحرية ناهيك عن عشرات الإدارات والوحدات العسكرية والألوية المستقلة وغيرها، وكانت تتوزع المناصب الأساسية في تلك الفرق والوحدات والإدارات على مختلف الطوائف الموجودة في سورية ضمن ثالوث القيادة ( قاعدة توزان طائفي، قائد الوحدة ورئيس أركانه وضابط الأمن) مع وجود تفضيل لاستلام ضباط الساحل السوري لقيادة مناصب معينة دون الالتزام بهذا الثالوث.

واستمر منهج “ثالوث القيادة” كمعيار ناظم لتصميم قيادة الوحدات العسكرية حتى قبل بداية الثورة السورية بعام 2011، إلا أنه بعد بداية الثورة، زجت قيادة السلطة بوحدات معينة من جيشها في الأحداث الدائرة، واعتمدت بداية على وحدات معروفة بولائها لها، ومع تزايد حدّة الاحتجاجات الشعبية وفشل الأجهزة الأمنية في مهامها، تزايد بشكل مطرد دخول وحدات أخرى من الجيش، ونتيجة لممارسات وحشية قام بها الجيش بدأت تظهر حالات انشقاق عن الجيش السوري وازدادت وتيرتها بشكل ملحوظ مع كل انتشار جديد للوحدات العسكرية، وتركزت حالات الانشقاق خصوصاً ضمن صفوف العسكريين من السُنة بمختلف فئاتهم سواء من ضباط أو صف ضباط أو حتى أفراد في الخدمة الإلزامية بالتزامن مع عزوف شبه تام عن الالتحاق بالجيش على صعيدي الخدمة الإلزامية أو الخدمة الاحتياطية.

ومع هذه الانشقاقات بدأ ثالوث القيادة بالتصدع لصالح تولي ضباط من الساحل السوري المناصب القيادية في جيش السلطة، بشكل أكبر من السابق، وليس في الصف الأول فقط بل امتد هذا التصدع ليشمل بقية الصفوف وبشكل ملحوظ، وبدا مع كل نشرة تعيينات أو حتى من دونها تحول الجيش لمؤسسة تضم أبناء الساحل، همها الأوحد الحفاظ على النظام الحاكم وبالأخص في المناصب القيادية في الجيش.

أخبار قد تهمك: مبادرة روسية على حساب دماء شباب السويداء الرافضين لخدمة الجيش

وتختلف الأسباب التي أوصلت جيش السلطة لهذه الحالة، وبالطبع هذه الحالة موجودة على مستوى القيادات أو على مستوى الممارسة الفعلية في صفوف الجيش وبالعودة لتلك الأسباب فيمكن إجمالها بأسباب تاريخية كالأساس الذي بني عليه الجيش منذ قضية وحدات المشرق الخاصة، وبأسباب تتعلق بوصول حزب البعث العربي الاشتراكي عبر انقلاب عام 1963 وسيطرة الضباط البعثيين من أبناء الساحل في سوريا على مجلس قيادة الجيش، والصراع مع حركة الإخوان المسلمين.

وأيضا وحادثة مدرسة المدفعية في حلب. وصولاً لأحداث الثورة السورية منذ 2011. ومن جهة أخرى تبرز عدة أسباب في تنامي هذه المنهجية كممارسة الاقصاء على منتسبي الكليات الحربية من مختلف المناطق السورية، بمقابل زيادة نسبة منتسبي أبناء الساحل في سلك الضباط. وعزوف أبناء بقية المناطق عن التطوع في سلك الضباط نتيجة الشعور السائد بأن أعلى رتبة قد يصل إليها الضابط هي رتبة عقيد، في حين أن الحظ سيكون حليف القلة القليلة أصلاً في تجاوز هذه الرتبة.

 

 تابعنا على الفيسبوك : أنا إنسان

تابعنا على يوتيوب : أنا إنسان youtube

حسابنا على تويتر : أنا قصة إنسان 

مجموعتنا على الفيسبوك : أنا إنسان

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *