أخبار

انتهاكات وأزمات خانقة وتجنيد إجباري.. كيف مر تشرين الثاني على السوريين؟

تستمر حالة الفلتان الأمني في المناطق التي تسيطر عليها السلطة السورية، حيث ارتفعت معدلات القتل والجرائم دون وجود أي تحرك من السلطة لضبط الأمور

وفي هذا الشأن أصدر المرصد السوري لحقوق الإنسان تقريرا تحدث فيه عن حالة الفلتان الأمني، مشيرا إلى أن أعلى معدلات العنف والاضطرابات الأمنية خلال شهر تشرين الثاني 2020 تم تسجيلها في درعا.

وأضاف أن أعداد الهجمات ومحاولات الاغتيال بلغت 39 عملية تسببت بمقتل 20 شخص، 9 منهم مدنيين و6 من مقاتلي الفصائل سابقا والذين أجروا تسويات ومصالحات، و5 من قوات السلطة والميليشيات الموالية لها.

وأشار إلى أنه تم تسجيل حالة اختطاف على الطريق الواصل بين بلدتي سحم الجولان وجلين بريف درعا الغربي، واعتقال قوات السلطة شخص يملك مكتب صرافة في بلدة داعل.

كذلك ادعت قوات السلطة أنها تستهدف خلايا داعش في منطقتي الشياح والنخلة بمنطقة درعا، ولكنها قامت بمداهمة مزارع ومنازل المنطقة واعتقلت عددا من الأشخاص بطرق عشوائية، وشهدت المنطقة سقوط قذائف أطلقتها قوات السلطة خلال الحملة على أطراف درعا البلد وسط إطلاق نار.

أما داخل معتقلات السلطة السورية، أكد المرصد إن وثق مقتل 7 مواطنين تحت التعذيب في سجون السلطة وهم من محافظات مختلفة.

كذلك تطرق التقرير للحديث عن استمرار التظاهرات ضد السلطة السورية في شهر تشرين الثاني، والتي خرجت في ريف درعا.

وفي الشأن ذاته اقتحم عناصر من الفرقة الخامسة التابعة لقوات السلطة أحد مساجد حي البقعة غرب منطقة اللجاة في ريف درعا الشرقي بمحافظة درعا، وكسروا أثاثه وعبثوا بمقتنياته، وانتهكوا حرمته، كما منعوا الأهالي من الاقتراب منه، ليتم استخدام مرافقه من قبل عناصر قوات السلطة.

القصف الإسرائيلي

أحصى المرصد السوري خلال الشهر الفائت قيام إسرائيل باستهداف قوات السلطة السورية والميليشيات المساندة لها 3 مرات، اثنين منها استهدفتا جنوب دمشق وحدود القنيطرة، وواحدة استهدفت شرقي دير الزور

وأسفرت تلك الاستهدافات والضربات الجوية بدورها عن مقتل ما يقدر بـ 32 شخصا، منهم 10 قضوا خلال القصف الأول، من بينهم 3 سوريين من ضباط وعناصر الدفاع الجوي، و5 يرجح أنهم من جنسيات إيرانية تابعين لفيلق القدس، واثنان لا يعلم فيما إذا كانا من الجنسية اللبنانية أو العراقية.

وسقط القتلى يوم 18 الشهر بقصف على مركز للدفاع الجوي التابع للسلطة ومواقع ونقاط ومستودعات ذخائر وأسلحة للميليشيات الموالية لإيران وحزب الله اللبناني في منطقة مطار دمشق الدولي ومحيطه ومنطقة السيدة زينب والكسوة ومواقع أخرى جنوب وجنوب غرب العاصمة دمشق عند الحدود الإدارية مع القنيطرة.

أما الاستهداف الثاني بتاريخ 21 الشهر، شمل تمركزات للميليشيات الموالية لإيران، بريف البوكمال شرقي دير الزور، حيث قتل 14 من الميليشيات الموالية لإيران من جنسيات أفغانية وعراقية، حيث قصفت تمركزات جديدة لهم في تلك المنطقة، كما تسبب الاستهداف بتدمير مركزين اثنين بالإضافة لآليات قتالية.

أما الاستهداف الجوي الثالث فجرى في 25 تشرين الثاني وطال جبل المانع بريف دمشق الجنوبي، ومركز عسكري تابع لميليشيا “المقاومة السورية لتحرير الجولان” في محيط قرية رويحينة الواقعة عند الحدود السورية مع الجولان المحتل بريف القنيطرة، وأدى إلى مقتل 8 من الميليشيات الموالية لإيران وحزب الله اللبناني من جنسيات غير سورية، بالإضافة إلى تدمير مستودعات صواريخ في جبل المانع وآليات تابعة لمركز عسكري للمقاومة السورية لتحرير الجولان ضمن اللواء 90 في محيط رويحينة.

اقتصاديا، استأنفت الليرة السورية انخفاضها في سوق المالي العالمي خلال شهر نوفمبر 2020، حيث سجلت الليرة السوري في 23 تشرين الثاني انخفاضاً جديداً لقيمتها أمام العملات الأجنبية بسعر 2910 شراءً و 2940 مبيعاً أمام الدولار الأمريكي، وسعر 3452 شراءً و 3493 مبيعاً أمام اليورو، قبل أن تشهد تحسناً طفيفاً خلال أواخر الشهر.

أزمات لا تنتهي

عادت أزمة الخبز للطفو على السطح من جديد، لاسيما مع الانهيار الجديد الذي سجلته الليرة السورية مقابل ارتفاع في أسعار الذهب والعملات الأجنبية خلال شهر نوفمبر2020.

شهدت عموم محافظات السلطة ومنها على سبيل المثال لا الحصر مناطق “المصالحات والتسويات” أزمة خانقة على محطات الوقود بسبب انخفاض كميات المازوت التي تم ضخها من قبل السلطة.

ويضاف إلى ذلك قلة وشح الغاز المدعم المقدم للأهالي، حيث شهدت تلك المناطق توزيع جرة غاز واحد لكل عائلة عبر ما يسمى بـ“البطاقة الذكية” منذ ثلاثة أشهر بسعر “3500” ليرة سورية، ويبلغ سعر الجرة في السوق السوداء “23000” ليرة سورية، وسط عجز تام لدى الأهالي عن شرائها بهذا السعر، مما اضطرهم لاستخدام الحطب كوسيلة بديلة، والذي ارتفع سعر الطن الواحد منه إلى “250000” ليرة سورية.

كما اضطر الأهالي في بعض مناطق نفوذ السلطة مع ارتفاع سعر الوقود إلى شراء لتر البنزين الواحد من السوق الحرة بسعر 1200 ليرة سورية، بينما بلغ سعر اللتر الواحد في محطات الوقود 450 ليرة سورية، فيما تم بيع الوقود في المحطات المدعومة بكميات محددة عن طريق “البطاقة الذكية”.

وتسببت أزمة الوقود في ظهور أزمة المواصلات في عموم مناطق نفوذ السلطة والتي تمثلت في قلة وسائل النقل العامة و”السرافيس”، وارتفاع أجور وسائل النقل الخاصة بسبب شرائهم الوقود بأسعار مضاعفة من السوق السوداء.

وتتركز أزمة المواصلات في المناطق الحيوية ضمن المدن السورية كافة، بالإضافة إلى ندرة وسائل النقل العامة بين الأرياف والمدن، مما شكل معاناة لدى الأهالي إبان عملية الانتقال، خاصة الموظفين وطلاب الجامعات الذين يجدون أنفسهم مضطرين إلى الذهاب بالسيارات الخاصة أو استئجار سيارات نقل خاصة وتحمّل أعباء مادية كبيرة من أجل الوصول إلى مدارسهم وجامعاتهم ووظائفهم.

إيران تستمر بعمليات التجنيد والتشييع

استمرت عمليات التجنيد لصالح القوات الإيرانية والمليشيات الموالية لها خلال شهر تشرين الثاني في كل من الجنوب السوري والضفاف الغربية لنهر الفرات، عبر الحملات المتواصلة بشكل سري وعلني من قبل عرابي المنطقة لتجنيد الشبان والرجال في درعا والقنيطرة وريف دير الزور عند ضفاف الفرات الغربية، مقابل العطايا والمغريات المادية ولعب متواصل على وتر الانتماء الديني والمذهبي، المتمثل بعمليات مستمرة لـ“التشيُّع”.

وقد ارتفع تعداد المتطوعين في صفوف الإيرانيين والمليشيات الموالية لها في الجنوب السوري إلى أكثر من 8350 متطوعًا، كما ارتفع إلى نحو 6700 عدد الشبان والرجال السوريين من أعمار مختلفة ممن جرى تجنيدهم في صفوف القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها مؤخراً بعد عمليات “التشيُّع”، وذلك ضمن منطقة غرب نهر الفرات في ريف دير الزور، إذ تعمد المليشيات الإيرانية لتكثيف عمليات التجنيد مستغلة لانشغال الروس في الاتفاقات مع “الضامن” التركي بالشمال السوري.

وفي درعا تتم عمليات التجنيد وتشييع الشبان والرجال عبر عرابين تابعين لإيران وحزب الله، كسرايا العرين التابع للواء 313 الواقع في شمال درعا بالإضافة لمراكز في صيدا وداعل وازرع، ويخضعون المجندون الجدد لدورات تدريبية في منطقة اللجاة شرق درعا، وعلى مقربة من الحدود مع الجولان السوري المحتل، يعمد حزب الله اللبناني إلى ترسيخ نفوذه في القنيطرة عبر استقطاب الشبان الهاربين من ملاحقة أجهزة النظام الأمنية بشأن الخدمة الإلزامية والاحتياطية.

ونظراً لتردي الأحوال المعيشية مع انعدام فرص العمل، تركزت عمليات التجنيد والتشييع في كل من مدينة البعث وخان أرنبة، أما في غرب الفرات، فإن عمليات التجنيد تواصلت بشكل كبير ضمن المنطقة الممتدة من الميادين حتى البوكمال بريف دير الزور الشرقي، والتي باتت تحت سيطرة النفوذ الإيراني بشكل كامل.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *