أخبار

داعش ومقاتلوها الأجانب هل يشكلون نواة جديدة للتنظيم؟

رغم الإعلان عن القضاء على تنظيم “داعش” في سوريا والعراق، إلا أن خلاياه لا تزال تنشط وتنفذ هجمات بين الحين والآخر ما يشكل مخاوف من إعادة ترتيب صفوفه، ولكن المخاوف الأكبر تأتي من إمكانية إعادة إحياء هذا التنظيم من قبل العناصر الأجانب الذين تخلت حكوماتهم عنهم ورفضت إعادتهم إلى بلادها.

وفي هذا الشأن أصدر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجي بالتعاون مع كلية “كينغز” البحثية في لندن، دراسة تحدث فيها عن التأثير الذي يشكله مقاتلو “داعش” الأجانب وإمكانية تشكيلهم نواة جديدة لهذا التنظيم بسبب أسلوب تعامل حكومات الغرب معهم.

وقالت الدراسة إن “تخلي حكومات الغرب عن السعي في إعادة مواطنيها المنضمين إلى داعش، دفع بهؤلاء إلى التفكير جديا في إعادة إحياء الخلافة مجددا”، وحذرت من أن المقاتلين  الأوروبيين يتدفقون إلى المناطق الأكثر سخونة هذه الفترة، وهي جنوب شرق آسيا (الفلبين)، ووسط وغرب أفريقيا، حيث ينشط التنظيم بشكل كبير”.

واعتبرت الدراسة أن  النقطة المفصلية في مسار “داعش” الجديد لم تكن بمقتل زعيمه “أبو بكر البغدادي” في تشرين أول/ أكتوبر الماضي، وإنما عند خسارته الباغوز، آخر معاقله الحقيقية في سوريا والعراق، وذلك في آذار/ مارس من العام 2019، حيث شكل الأمر مرحلة جديدة قديمة بالنسبة له وهي حرب العصابات والعمليات المباغتة دون وجود منطقة تحت سيطرته، وهو نفسه الأسلوب الذي اتبعه في العام 2013.

وقسّمت الدارسة مقاتلي “داعش” الأجانب إلى أصناف، أولها المقاتلون الذين  لا يزالون ينشطون مع التنظيم سواء في سوريا والعراق، أو فروع أخرى حول العالم، وهم من “المحاربين القدامى” كما يطلق عليهم.، والثاني المتنقلون إلى ولايات أخرى دون وجود معلومات حول نشاطهم، والثالث الأسرى سواء في بلدانهم الأصلية، أو لدى “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، أما الرابع  العائدون إلى أوروبا دون أن يتم اكتشافهم، إما عبر القدوم مع حملات اللجوء، أو بطرق أخرى، علما أن من عاد بعلم السلطات يقدر بنحو ألفي شخص.

وتطرقت الدراسة للحديث عن مرونة التنقل التي يتمتع بها عناصر “داعش” الأجانب، والذين يتنقلون من سوريا إلى العراق إلى جنوب وشرق آسيا وقارة أفريقيا ويعودون إلى أوروبا، ويعملون على إعادة تموضعهم مستغلين الوضع الأمني الهش في سوريا والعراق، مستغلين غياب التنسيق بين استخبارات دول العالم.

وبحسب أرقام صادرة عن مجلس الأمن، فإن مقاتلي التنظيم الأجانب منذ إعلانه الخلافة بالموصل عام 2014، ولغاية بداية سقوطه في 2017 وصل إلى أكثر من 40 ألف مقاتل، في حين ينشط التنظيم بشكل كبير في وسط وغرب أفريقيا، وفي أفغانستان، وسيناء بمصر، وجنوب وشرق آسيا، إضافة إلى نشاط جزئي باليمن.

وقالت الدراسة إن دول الغرب ملزمة بإعادة مواطنيها المنتمين إلى “داعش”، ومحاكمتهم وفقا للقوانين المتبعة، ومن ثم عليها أن تدمج من يخرج من السجن في المجتمع المحلي، محذرة من أن عدم التحرك في هذا الاتجاه يعني بقاء هؤلاء العناصر في بيئة خصبة لـ”داعش جديدة” حتى لو كانوا بسجون “قسد” حاليا.

وكانت صحيفة “واشنطن بوست” نقلت الشهر الماضي عن الخبير البلجيكي توماس رينارد والباحث في الإرهاب، قوله إن “هناك عدة إشارات تشير لمشاعر خيبة بين العائدين ومن أفرج عنهم”، وأضاف: “لا يبدو أنهم أعادوا الربط مع شبكاتهم القديمة، أو يريدون العودة للنشاطات المتطرفة العلنية، ولدينا تقارير من الخدمات الأمنية تؤكد هذا”.

وكان تنظيم “داعش” خسر الأراضي التي يسيطر عليها في سوريا والعراق، ولكن لاتزال خلايا تقوم بأعمال “إرهابية” وسط مخاوف من عودته للظهور، وتقول “الإدارة الذاتية” الكردية في شمال شرق سوريا، إنها تحتجز 30 ألفاً من عائلات عناصر كانوا مع “داعش”، بينهم ثمانية آلاف طفل، وأربعة آلاف امرأة من أوروبا والدول الغربية وآسيا الوسطى.

وترفض دول عدة، خصوصا الأوروبية منها، استعادة مواطنيها من عناصر تنظيم “داعش” المعتقلين، وبخاصة لدى “قسد”، وأفراد عائلاتهم الموجودين في مخيمات في مناطق يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق سوريا. بينما يعيش المحتجزون في ظروف صعبة بحسب التقارير الأممية.

يشار إلى أنه على الرغم من الإعلان عن هزيمة تنظيم “داعش” في سوريا، إلا أنه لا يزال  يسيطر على نحو 3283 كيلومتر مربع، أي ما يعادل 1.8% من إجمالي مساحة سوريا..

ولا يزال التنظيم مستمرا في نشاطه في البادية السورية غرب نهر الفرات، عبر هجمات وكمائن متواصلة في بادية السويداء والرقة ودير الزور وحمص. وبحسب الإحصاءات فإن التنظيم الإرهابي يسيطر حالياً على منطقة تنطلق من جبل أبورجمين في شمال شرق تدمر، وصولا إلى بادية دير الزور وريفها الغربي. كما يتواجد التنظيم في بادية السخنة وفي شمال الحدود الإدارية لمحافظة السويداء.

وخلال الفترة الممتدة من 24 آذار /مارس 2019 وحتى اليوم، تم توثيق مقتل ما لا يقل عن 496 من عناصر وضباط قوات السلطة السورية من بينهم اثنين من الروس على الأقل، خلال هجمات وتفجيرات وكمائن لتنظيم “داعش” في غرب الفرات وبادية دير الزور والرقة وحمص والسويداء. 

كما وثق استشهاد 4 مدنيين عاملين في حقول الغاز واثنين من الرعاة و4 آخرين في هجمات التنظيم، في حين تم مقتل 179 من عناصر التنظيم خلال الفترة ذاتها ، بسبب الهجمات والقصف والاستهدافات.

ما المساحة التي يسيطر عليها “داعش” في سوريا؟



التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *