أخبار

دلائل جديدة حول اختطاف رزان زيتونة مع رفاقها في الغوطة الشرقية

نشرت وكالة DW الإعلامية الألمانية، تحقيقاً أجراه الفريق الخاص بالتحقيقات، وجاء تحت عنوان “كيف انقلب المتشددون في سوريا ضد ناشط حقوقي؟”. وتناول قضية اختفاء رزان زيتونة وزملائها، التي وصفوها بأنها “من أكبر ألغاز الحرب السورية حتى اليوم”.

ووفق التحقيق، فقد أصبح توثيق انتهاكات حقوق الإنسان بحلول صيف 2013 من المحرمات حتى في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في سوريا.

ولغت إلى أنّ رزان زيتونة بقيت صامدة في مدينة دوما المُسيطر عليها من قبل فصيل “جيش الإسلام” في ذلك الحين.

ونوّه التحقيق إلى أنّ قادة فصائل المعارضة دعموا على نطاق كبير توثيق الفظائع التي ارتكبتها قوات السلطة السورية، إلا أنهم تعاملوا بعدائية إزاء الجهود الرامية إلى توثيق “جرائم الحرب الخاصة بهم”. وفي نهاية الأمر خطف مهاجمون مجهولون زيتونة وزوجها واثنين من زملائها.

وبقي الاختطاف حتى هذا اليوم، من أكبر الألغاز التي لم تُحلّ في الحرب السورية، في حين انخفض عدد الشهود المحتملين في السنوات الثماني التي تلت اختطاف الأربعة.

ويعود ذلك وفق التحقيق إلى أنّ بعض أولئك الشهود مهدد بالصمت، والبعض الآخر قُتل، وهناك من يتعرّض للترهيب.

وقرر فريق تحقيقات إبقاء هويات مصادرها -الشهود- مجهولة في معظم الحالات نظراً للمخاوف الأمنية وعمليات الانتقام.

اقرأ أيضا: جيش الإسلام يتحدث مجددا عن قضية اختفاء رزان زيتونة

وأضاف أنه في غضون أسابيع من وصولها إلى دوما في ربيع 2013، طلبت زيتونة الوصول إلى مختلف السجون التي تديرها فصائل المعارضة للتحقيق في مزاعم تعرض المعتقلين للتعذيب.

وجاء في التحقيق إن جهود زيتونة أدّت إلى قلق وزعزعة استقرار الكثيرين في المدينة، ووصل الأمر إلى اتهامها من قبل البعض بولائها للثورة السورية.

وأشار التقرير إلى أنّ دوما في ذلك الحين لم تكن ساحة معركة للثوار والسلطة فقط، بل كانت بلدة متنازعاً عليها بشدة بين تنظيم “الدولة” و”جبهة النصرة” وتشكيلات عسكرية أخرى تتنافس على السلطة.

وتمكن فصيل “جيش الإسلام” المتشدد أن ينتصر على الجميع ويسيطر على المدينة، ورغم إثبات دوره في تهريب زيتونة وزوجها إلى دوما، إلا أنه اعترض في النهاية على كيفية تصرفها هناك.

وقال الزعيم السياسي السابق لـ “جيش الإسلام” محمد علوش، لـDW : “لقد نصحت السيدة رزان بنفسي بأن الكتابة عن السلطة السورية هي مسألة أخلاقية كبيرة. لكن قبل كتابة تقارير عن الانتهاكات التي ترتكبها جماعات المعارضة، طلبت منها التحدث إليهم وإعطائهم النصح وتعليمهم حقوق الإنسان”.

إلا أن جيش الإسلام حرم زيتونة من الوصول إلى مرافق المعارضة، بما في ذلك تلك التي يديرها “جيش الإسلام”.

وبحسب التحقيق فعندما رفضت التراجع، أخذ أعضاء جيش الإسلام الأمور خطوة إلى الأمام، وأطلقوا حملة على وسائل التواصل الاجتماعي لتشويه سمعتها بما في ذلك جعلها تظهر على أنها امرأة غير أخلاقية وتشبيهها بجاسوسة للسلطة السورية، بحسب الكثير من مصادر الثوار والناشطين الذين كانوا في في دوما في ذلك الحين.

مثل هذه الادعاءات تشكل خطرًا كبيرًا على سلامة زيتونة إلا أن مركز توثيق الانتهاكات، وهو منظمة مساعدات ساعدت في تأسيسها في بداية الثورة السورية، سيستمر في الإبلاغ عن الفظائع، بصرف النظر عن مرتكبها.

وفي ذلك الوقت كان جيش الإسلام، يعدّ من أقوى فصائل المعارضة التي تقاتل قوات السلطة السورية، إلا أن سنوات القتال العنيف والحصار والإجلاء النهائي لشمال سوريا أضعفت الفصيل بشكل كبير.

وأكمل التحقيق أنه بحلول أيلول 2013، أصبحت الجهود المبذولة لوقف عملها في مجال حقوق الإنسان في دوما عدوانية وتلقت رزان في ذلك الشهر رسالة تهديد وأُطلق الرصاص على بابها.

وقالت DW إنها حصلت على تسجيل صوتي لرجل أمره أحد منتسبي جيش الإسلام بتهديد حياة الزيتونة. يقول الرجل في التسجيل: “أخبرني أن هذه الفتاة عميلة، وأنها توثق معلومات عن الجيش السوري الحر، وكتابة تقارير إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، والتي يمكن أن تقدمنا ​​للمحكمة بتهم ارتكاب جرائم حرب”.

“قلت له إذا كانت عميلة وتعمل ضد الدولة، فلماذا لا تفعل شيئًا؟ لماذا لا تخطفها؟ هل تخاف منها؟ قال: لا، نحن لسنا خائفين منها، سنقوم بإسقاطها، لكن في الوقت الحالي نريد تهديدها “.

وفي التسجيل يشير الرجل إلى “حسين الشاذلي”، وهو رجل أمن محلي اعترف لاحقاً بتلقيه أوامر مباشرة من زعيم جيش الإسلام الديني سمير كعكة، وفقًا لمصادر المعارضة وعضو سابق في جيش الإسلام كان حاضرًا أثناء عمله.

وتابع DW أنّ الشاذلي، الذي أقام علاقات ودية مع جيش الإسلام، قال إنه هدد بقتل زيتونة إذا لم تغادر دوما “خلال أيام” ويقيم الشاذلي اليوم في مدينة الباب شمال سوريا تحت حماية جيش الإسلام.

ونوه التحقيق إلى أن مجموعات أخرى استهدفت زيتونة أيضًا بسبب عملها -لكن لم يصل أي منها إلى الحد الذي وصله جيش الإسلام.

وأكد التحقيق أنه حوالي الساعة العاشرة من مساء يوم الـ9 من كانون الأول 2013، دخل الخاطفون مكاتب مركز توثيق الانتهاكات، حيث تعيش زيتونة مع زوجها وائل حمادة. كما حضر الاجتماع صديقان آخران هما الناشطة السياسية سميرة خليل والمحامي ناظم حمادة.

ولفت إلى أن حمادة كان على مكالمة عبر سكايب مع شقيقه عندما اقتحم المتسللون المكان. قطع المكالمة من أجل التعامل مع الضجة، لكن جملة واحدة توقفت قبل أن ينقطع الخط: “أعداء الله”.

وبحسب إفادات الجيران فإنهم سمعوا صراخ رجال مجهولين وزعم أحدهم أنه رأى أحد قادة الفصائل يقود سيارته مع الناشطين وقالت تقارير إعلامية إن المهاجمين كانوا مسلحين.

ووفق DW فالمؤكد شيء واحد فقط: “كانت أجهزة الكمبيوتر والهواتف الخاصة بالناشطين من بين الأشياء التي تم أخذها، إلى جانب حفنة من الملفات، أثناء عمليات الاختطاف”.

وقيل للموقع إن أكثر من 25 ألف يورو (بحسب سعر صرف الليرة السورية في ذلك الوقت) على الطاولة تُركت دون مساس.

وبعد شهرين من الاختطاف، استطاع أحد أعضاء جيش الإسلام من الوصول إلى حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي عبر جهاز كمبيوتر حصلت عليه زيتونة وخليل من خلال برنامج ممول من وزارة الخارجية الأميركية، بحسب مصادر DW.

وقال أحد المصادر إنه نبه السفير الأميركي آنذاك روبرت فورد بأن أجهزة الكمبيوتر قد تم أخذها خلال عملية الاختطاف مضيفاً أن السلطات الأميركية تمكنت من تحديد الموقع الجغرافي للكمبيوتر والتعرف على المستخدم الذي وصل إليه، حيث أن هوية هذا الشخص معروفة لـ DW.

وتابع التحقيق أنه تم تتبع الكمبيوتر إلى مجمع جيش الإسلام الأمني ​​في دوما، والذي يضم مبنى سجن سيء السمعة يُعرف باسم (التوبة).

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن المسؤولين ليسوا على علم بمصير زيتونة بعد خطفها.

مؤسس جيش الإسلام، المتوفى الآن زهران علوش نفى تورط مجموعته في الاختطاف رغم مواجهته حينها بمعلومات حول الحاسوب.

ورغم ذلك، وبعد 24 ساعة من تلك المواجهة، تم حذف حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لعضو جيش الإسلام الذي وصل إلى الحاسوب عبر منصات متعددة، وقالت مصادر  إن هذا الشخص لم يسمع عنه مرة أخرى.

لقطة شاشة في Google Earth لمجمع جيش الإسلام الأمني صور الأقمار الصناعية تظهر مباني منشأة زراعية تابعة للدولة أعيد استخدامها كمجمع أمني وسجن لجماعة جيش الإسلام المعارضة المسلحة.

ووفق التحقيق فإنه في غضون أشهر من اختطافها، شوهدت زيتونة في سجن التوبة من قبل محتجزة أخرى، وفقاً لشهادة صوتية حصلت عليها DW، ولفتت المرأة إلى أن زيتونة في مزيج من الصور التي تضمنت صوراً لأشخاص آخرين، وفق مصادر من الثوار والناشطين الذين كانوا شاهدين.

وقالت المرأة في شهادتها أمام جماعة معارضة أخرى: “سمعنا في التوبة اسم رزان زيتونة أحضروها ذات مرة إلى الاستجواب ورفضت فقاموا بضربها وأغمي عليها طلبوا منا إعادتها إلى زنزانته. وعندما استيقظت رأيت عينيها خضراوتين”.

وأكد الموقع أنّ العديد من الشهود الآخرين أكدوا وضع زيتونة في سجن التوبة بين عامي 2014 و2017.

وتحدثت DW مع سجناء سابقين في جيش الإسلام أكدوا العديد من الفظائع التي ارتكبت في التوبة، بما في ذلك الاغتصاب والتعذيب والإعدام بإجراءات موجزة.

وأفصح (راتب خبية)، وهو قائد سابق في فصائل المعارضة ومعتقل في سجن التوبة: “لا فرق بين سجون جيش الإسلام وسجون السلطة السورية إنه نفس التعذيب، نفس المعاملة السيئة، كلها متشابهة”.

ويتابع التحقيق أن منظر عام يُظهر مواد استخدمها مقاتلو جيش الإسلام للتعذيب في سجن تحت الأرض في مدينة دوما السورية التي كانت تسيطر عليها المعارضة سابقاً على أطراف دمشق.

ونفت قيادة جيش الإسلام باستمرار تورط الجماعة في اختفاء الزيتونة، وواجهت DW المتحدث باسم الفصيل، لكنه اتهم الشهود بالإدلاء بشهادات زور.

وقال المتحدث حمزة بيرقدار: “أنكر رسمياً، وقد أنكرنا سابقاً، أن جيش الإسلام احتجز أي شخص من فريق رزان، لا رزان ولا رفاقها. قطعاً وأبداً، وأقسم بذلك”.

وتوضح مصادر أمنية أنه من غير المرجح أن يكون المؤسس الراحل للفصيل والقائد العسكري زهران علوش على علم بالاختطاف مسبقاً، ففي ذلك الحين، كان يخوض معركة إستراتيجية ضد قوات السلطة السورية لفتح ممر إمداد إلى دوما ويرجح أنه اكتشف ذلك بعد أيام فقط.

وأشرف نائبه أبو قصي الديراني على الفرع الأمني ​​للتنظيم في دوما، في حين تشير الدلائل إلى أن الديراني والزعيم الديني للجماعة سمير كعكة تآمرا معاً وأمرا بالاختطاف دون علم علوش.

وطلبت DW مقابلات مع الديراني وكعكة لكنهما رفضا هذه الطلبات كلا الرجلين لا يزالان نشطين في جيش الإسلام.

بعد إبلاغه، ورد أن زهران علوش أصبح يائساً بشأن ما يجب فعله مع الناشطين الأربعة المختطفين، بحسب مصادر من الناشطين.

وقبل أسابيع فقط من قتله في غارة جوية روسية في كانون الأول 2015، وعد علوش أصدقاء وعائلات الضحايا بتسوية المسألة المتعلقة بمصيرهم.

وقال مازن درويش، محامي حقوق الإنسان وصديق زيتونة منذ فترة طويلة: “عرضت عليهم حتى تسجيل شريط فيديو، يفيد بأنني أمرت باختطاف رزان بسبب المشكلات المالية أو السياسية -أو أي شيء يريدونه كضمان”، وتم ذلك أثناء محادثات مغلقة في مدينة الرياض- السعودية.

ورد المفاوض على مازن: “حتى لو أعطيتنا الشريط، هل يمكنك أن تضمن أن رزان لن تتحدث؟”. وهنا يوضح درويش أنه تأكد وقتها بأن رزان لديهم ولكن اغتيال علوش المفاجئ أفسد الصفقة”.

وبعد ذلك، رفض ابن عمه وخليفته السياسي محمد علوش الالتزام بالاتفاق بحلول عام 2016.

وحاولت أطراف أخرى بالإضافة إلى الأقارب والحلفاء، إطلاق سراح زيتونة، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا وفي إحدى الحالات، بناءً على طلب من واشنطن، يُعتقد أن قطر عرضت على قيادة جيش الإسلام 5 ملايين دولار مقابل العودة الآمنة للناشطين الأربعة.

ثبت أن جميع المحاولات الأخرى للتفاوض مع جيش الإسلام للإفراج عنهم باءت بالفشل.

وشدد التقرير إلى أنه بعد عقد من الحرب في سوريا، هناك الآن زخم جديد لمحاسبة الأطراف على الجرائم المرتكبة في أوروبا، وبدأت عدة دول تحقيقات جنائية في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سوريا، بما في ذلك ألمانيا.

ولفت التحقيق إلى أنه على الرغم من أن الغالبية العظمى من الحالات تتعلق بالفظائع التي ارتكبتها السلطة السورية والجماعات (الإرهابية) مثل تنظيم “الدولة”، تُبذل جهود جديدة لمزيد من التحقيق مع الجهات الفاعلة غير الحكومية، بما في ذلك جماعات المعارضة المسلحة مثل جيش الإسلام.

وفي العام المنصرم اعتقلت السلطات الفرنسية مجدي مصطفى نعمة، المعروف باسمه الحركي، إسلام علوش، على خلفية اختفاء زيتونة، وكان نعمة من بين كبار الرتب في جيش الإسلام، حيث شغل منصب المتحدث باسم الجماعة لأكثر من خمس سنوات.

وأكدت وحدة جرائم الحرب الرسمية الفرنسية في باريس لـ DW أنها تحقق مع جيش الإسلام لكنها لم تقدم المزيد من التفاصيل لأن التحقيق ما يزال مستمراً.

 

تابعنا على الفيسبوك : أنا إنسان

تابعنا على يوتيوب : أنا إنسان youtube

حسابنا على تويتر : أنا قصة إنسان 

مجموعتنا على الفيسبوك : أنا إنسان

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *