أخبار

ماذا تفعل إيران في مطار حلب وهل ينعش تشغيله اقتصاد المدينة؟

تمكنت الميليشيات الإيرانية خلال السنوات الفائتة من الإبقاء على مطاري حلب الدولي والنيرب العسكري تحت سيطرتها رغم كل المحاولات التي قامت بها ميليشيا “الشبيحة” الموالية للسلطة من أجل إخراجها منه، فماذا تفعل إيران في المطار، وهل سيستطيع إنعاش اقتصاد المدينة بعد تشغليه؟.

إيران متمسكة بمطار حلب

رغم المحاولات المتكررة التي قامت بها ميليشيا شبيحة “آل بري” ومن يقف خلفها للسيطرة على المطار، إلا أن الإيرانيين داخله استماتوا في القتال وأحبطوا الكثير من الهجمات التي شنتها الميليشيات المحلية بين الفينة والأخرى العام الماضي.

ومع إعادة الحركة للمطار الذي أوقفت السلطات العمل به بسبب جائحة كورونا، بدأت إيران بتثبيت قديمها أكثر فأكثر فيه، وفي هذا الشأن قالت وسائل إعلام موالية للسلطة، إن مدير شركة الطيران المدني في السلطة، باسم منصور، منح الموافقة لشركة طيران “فلاي بغداد)”، التي يديرها العراقي، عبد الله الجبوري، للقيام برحلات بين مطار أربيل وحلب اعتباراً من يوم الأحد الماضي.

وأثار الأمر التساؤلات مرة أخرى، إذ إن أولى الرحلات التي استقبلها المطار الدولي بعد توقفه لمدة 8 سنوات كانت من بيروت وقد تم ذلك في الأسبوع الماضي، والآن بدأت الرحلات من أربيل، بغض النظر عن الجدل القائم بخصوص المدير التنفيذي لشركة “فلاي بغداد” وعلاقته ببعض الأطراف السياسية والعسكرية المرتبطة بإيران في العراق.

وقالت مصادر خاصة في حلب لموقع “أورينت نت”، إن “ميليشيات إيران وعلى مدار الأشهر الماضية سحبت قسماً كبيراً من عناصرها إلى منطقة، مخيم النيرب ومطار النيرب العسكري، وتركت مجموعات صغيرة داخل المطار الدولي (بهدف الحماية).

وقد شهد المطار على مدار العام الماضي، عمليات ترميم شبه مستمرة من قبل إيران التي أبدت اهتماماً كبيراً بإعادة تفعيل المطار، وعلى الرغم من اندلاع اشتباكات بين ميليشياتها والميليشيات الأخرى، إلا أن ذلك لم يدفع إيران لإيقاف ما بدأته، سيما وأنها شيدت أواخر العام 2019 (مبناها الجديد) قرب المطار.

نقل للسلاح والعتاد ومبنى لقيادة العمليات

وأضافت المصادر: “على مدار السنوات السابقة التي كان المطار فيها هدفاً لفصائل المعارضة، كان المطار يستخدم لأغراض الدعم العسكري واللوجستي الإيراني في حلب، إذ اعتمدت إيران عليه بشكل شبه كامل في نقل عناصر ميليشياتها وسلاحها إلى مناطق شمال سوريا، بعيداً عن النقل البري الذي يعد خطراً ويكون في الغالب هدفاً لفصائل وأطراف عدة تسيطر على الطريق بين دمشق (المقصد الأول لإيران) ومناطق الشمال (خاصة حلب)”.

وتابعت: “كانت إيران تعتمد في النقل على المروحيات كحد أقصى، نظراً لأن المطار بات بعد العام 2014 غير مؤهل لاستقبال الطائرات كبيرة الحجم، وبعد سيطرة ميليشيات السلطة على القسم الشرقي من مدينة حلب، بدأت إيران على الفور بالبدء يأعمال الصيانة، بالتزامن مع سحب مقاتليها منه منتصف العام 2020، إلى المبنى الجديد الذي شيدته قرب المطار، بهدف إعادة تفعيل المطار الدولي بشكل كامل وتأهيله لاستقبال طائرات الشحن والركاب”.

شاهد: مطار حلب الدولي.. أجنحة مقصوصة وأوهام اقتصادية

 

المبنى الجديد هو بحد ذاته كان أكبر دليل على سعي إيران لإبقاء موطئ قدم لها في حلب، حيث وبحسب المصادر فقد شيدت إيران أواخر العام 2019 مبنى جديدا قرب مطار حلب الدولي، وجهزته بكافة أسلحة الدفاع الجوي والأرضي، إضافة لتجهيزه بأجهزة بث واستقبال ورادار، وقد حاولت إيران جاهدة إخفاء أمر المبنى.

وأكدت: “تم وضع المبنى تحت حراسة مشددة، وأن أول من زار هذا المبنى هو قائد ميليشيا فيلق القدس الإيرانية (قاسم سليماني)، إضافة لقادة الميليشيات الآخرين، وقد شكل هذا المبنى غرفة عمليات إيرانية، متصلة بشكل مباشر بقيادات الميليشيات في طهران، كما كان منطلقاً لغالبية الخطط العسكرية والإجرامية التي نفذتها إيران في حلب وخاصة في ريفيها الجنوبي والشرقي”.

ولفتت إلى أن إيران “ومع وضع يدها على ثاني المطارات الدولية في سوريا، تكون بذلك قد حققت طريقاً جديداً (جوي) يصل بين (طهران – بغداد – دمشق – بيروت)”، مع امتلاك قواعد استراتيجية هامة في شمال البلاد من ضمنها (قاعدة المطار) ضمن نطاق المدينة، وقواعدها في (نبل والزهراء) بريفها الشمالي.

هل ينعش المطار اقتصاد حلب؟

ما إن أُعلن عن إعادة تشغيل الرحلات الدولية في المطار حتى بدأت السلطة السورية تروّج للنفع الاقتصادي الذي سيجلبه استئناف تلك الرحلات على مدينة حلب، وتشجيع المغتربين على العودة إليها وتشغيل القطاع السياحي في المدينة.

وقال مدير عام الطيران المدني في سوريا، باسم منصور، في تصريح لإذاعة “شام إف إم”، منتصف الشهر الجاري، إن عودة المطار إلى العمل هي عودة ربط مدينة حلب مع العالم الخارجي، إذ كانت المدينة قبل الحرب في سوريا مرتبطة عن طريق المطار بأكثر من 45 محطة.

وأضاف منصور أن استئناف الرحلات الجوية عن طريق المطار تساعد المواطنين بالدرجة الأولى، كما تساعد المغتربين والصناعيين والتجار والمقيمين خارج البلاد في عودة تواصلهم ونشاطهم التجاري والصناعي، مشيرا إلى أن أغلب القادمين من مطار “رفيق الحريري” الدولي في بيروت هم مسافرو عبور (ترانزيت) قادمون من محطات أخرى.

وأوضح المدير أن الطيران المدني في سوريا دعا كل الشركات إلى العمل عبر المطار، ووجه “الشركة السورية للطيران” وشركة “أجنحة الشام” لإعادة العمل بوحداتهما.

وتعليقا على الأمر قال رئيس “مجموعة عمل اقتصاد سوريا”، أسامي القاضي، في تصريحات لـ”عنب بلدي”، إن تفعيل حركة النقل والشحن الجويين قد يسهم في جلب وشحن بضائع بين حلب والعالم الخارجي.

لكن إنعاش مدينة حلب يحتاج إلى نشاط اقتصادي حقيقي، بحسب القاضي، إذ إن شحن ونقل البضائع يحتاج إلى موارد من القطع الأجنبي، وهذا الأمر غير متوفر في المصرف المركزي أو المصارف الخاصة، ولا حتى في السوق السوداء، بعد صدور مرسوم رأس السلطة، بشار الأسد، رقم “3” لعام 2020، المتعلق بمنع التعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات.

واستئناف العمل في المطار وسط شح الموارد والمواد الأولية وغياب القطع الأجنبي من السوق، أي شح العوامل التي يحتاج إليها أصحاب المنشآت للإنتاج والتصنيع والتصدير وحتى الاستيراد، يجعل إسهام الرحلات الجوية في دوران عجلة الاقتصاد “قليلة”، وليست بالشكل المطلوب.

من جهته، قال رئيس اتحاد غرف السياحة السورية، طلال خضير، إن وصول أول طائرة إلى مطار حلب هو مؤشر مهم على عودة دوران الحركة الاقتصادية في المحافظة، مشيرا إلى أن ذلك يسهم في تشغيل القطاع السياحي بحلب من مطاعم وفنادق، إضافة إلى تشجيع المواطنين المغتربين على العودة إلى المدينة.

وفيما يتعلق بتشغيل القطاع السياحي في المدينة، لا يرى القاضي أن هناك أثرا كبيرا لإعادة تشغيل مطار حلب في ذلك، إذ إنه في طبيعة الحال النشاط السياحي في العالم ككل منخفض بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا، ولن تكون هناك سياحة في بلد “فيها كل جيوش الأرض”، وفيها حالة عسكرية لا تشجع على التجارة أو الاستثمار أو السياحة.

وتعاني السلطة السورية من أزمات اقتصادية نتيجة عدم قدرتها على ضبط سعر الصرف، وانخفاض قيمة العملة المحلية، ومعدلات التضخم المرتفعة، بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه وفق قانون قيصر، إلى جانب العقوبات الأوروبية.

وتُمنع الطائرات السورية من الهبوط في مطارات الاتحاد الأوروبي، بسبب العقوبات المفروضة على السلطة ما يحصر حركة الطيران بالدول التي تتعامل حكوماتها مع السلطة وأبرزها حليفاه، روسيا وإيران.

فتح المطار لأسباب عسكرية لا اقتصادية

ورجح القاضي، أن يكون فتح المطار لأسباب عسكرية واستراتيجية أكثر منها أسباب اقتصادية، وقال إنه يخشى أن يطغى نقل الميليشيات الإيرانية والبضائع الخاصة المتعلقة بـ”الحرس الثوري الإيراني” على طبيعة عمل مطار حلب بعد عودة الرحلات الدولية إليه.

وأضاف القاضي أنه “يخشى أن تقصف إسرائيل المطار بشبهة نقل أسلحة من خلاله، كما استهدفت إسرائيل مطار دمشق الدولي سابقًا عدة مرات”، وتابع، “منذ سنتين، عندما أتى وزير النقل الإيراني إلى سوريا، استُقبل في مطار حلب، وكان كل الموجودين حينها إيرانيين، فيغلب على الظن أن تكون حركة فتح المطار من أجل تسهيل حركة الإيرانيين في الشمال”.

أخبار ذات صلة: مطارات حلب والقامشلي واللاذقية تعود للعمل مجددا بعد توقفها بسبب كورونا

وأواخر العام الفائت أعلنت السلطة السورية عن  إعادة العمل في مطار حلب الدولي ومطاري القامشلي واللاذقية، بعد توقفهم لأشهر بسبب فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19).

وقالت وزارة النقل في السلطة السورية عبر حسابها في “فيسبوك”، إنه “تم إعادة تشغيل مطار حلب الدولي بعد انقطاعه عن الخدمة لأكثر من ثماني سنوات بسبب الحرب بتاريخ ١٩ شباط ٢٠٢٠ ، وتجهيزه بكافة المستلزمات الفنية والتشغيلية واستقبل عدد من الرحلات المحلية والدولية”.

وأضافت: “ليعاد توقيف نشاطه في ٢٦ آذار ٢٠٢٠ بسبب جائحة كورونا وتعليق عمل المطارات والرحلات الجوية حتى تاريخ ٢١ كانون الأول ٢٠٢٠، حيث أعلن استئناف التشغيل وجاهزيته لاستقبال الرحلات وإقلاعها وفق برمجة الرحلات من قبل شركات الطيران الوطنية والخارجية”.

تابعنا على الفيسبوك : أنا إنسان

تابعنا على يوتيوب : أنا إنسان youtube

حسابنا على تويتر : أنا قصة إنسان 

مجموعتنا على الفيسبوك : أنا إنسان

 

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *