أخبار

وباء “كورونا” والتدهور الاقتصادي يحاصران فرحة العيد في سوريا

رغم قساوة الظروف التي تمر على السوريين في مختلف المناطق والأوضاع الاقتصادية المتدهورة وأزمة وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد -19) التي خيّمت بظلالها على المنطقة، إلا أن السوريين يحاولون التمسك بتقاليد عيد الفطر السعيد ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، ويجاهدون أنفسهم للاحتفال به لأجل أطفالهم.

 

وحول الأجواء في مناطق سيطرة السلطة السورية، تقول “ريما” مهندسة تبلغ من العمر 30 عاما مقيمة في مدينة دمشق بحديث لـ”موقع أنا إنسان”، إن سكان العاصمة حاولوا جاهدين التمسك بأجواء العيد، ورغم مخاطر أزمة كورونا وسوء الأوضاع الاقتصادية إلا أن الأسواق امتلأت يوم “الوقفة” وجل من فيها قصدها لشراء الثياب للأطفال.

وتضيف: “لا أستطيع أن أصف لكم الوضع، صحيح أن الأهالي يتجولون في الأسواق لشراء ثياب العيد لأطفالهم، ولكن الحزن يملأ أعينهم، فالأسعار كوت الجيوب، وباتت فوق طاقة تحمل المواطنين، تخيلوا أنني اشتريت لطفلي البالغ من العمر 3 سنوات بنطال وقميص ودفعت 17 ألف ليرة سورية، وهذه الثياب من محل تجاري عادي وليس من إحدى الماركات المتواجدة في المنطقة، وحقيقة لم أفكر بأن اشتري ثياب لي ولزوجي لأن ذلك مستحيل في ظل هذا الغلاء الفاحش، اتخيل نفسي أنني اشتري بنطال لي بـ 25 ألف ليرة!”.

“ريما” في هذا العيد لم تستطع تحضير الحلويات كما هو المعتاد، واكتفت بشراء كمية قليلة جدا من السوق. حيث تقول إن شراء مستلزمات حلويات العيد من طحين وسمن نوع جيد والمواد التي تستخدم لوضعها داخل أقراص حلويات العيد سيكلفها الكثير ووضعهم الاقتصادي لا يتحمل.

حال ريما كحال “ملك” (ربة منزل 26 عاما)، والتي قالت إنها لم تعمل على تحضير حلويات العيد، وأيضا لم تستطع شراء شيء من الأسواق، واكتفت فقط بجلب ثياب لطفلتها، وذلك بعد أن أرسلت لها إحدى شقيقاتها من الخارج بعض الأموال.

وتضيف: “لولا أموال شقيقتي لم أستطع شراء الثياب لطفلتي، كان كل همي خلال شهر رمضان أن أدّخر لها بعض الأموال لشراء الثياب لطفلتي البالغة من العمر 6 سنوات، أردت أن أدخل السعادة لقلبها في ظل هذه الظروف السيئة التي نعيشها”.

ويبدو أن الحظ كان حليفا لـ”ملك” هذا العام، ولكنه لم يدق أبواب “سميرة” (سيدة مقيمة في ريف دمشق ولديها ثلاث أطفال)، فلم تستطع شراء ثياب العيد لهم، وأخذت ثياب من عائلة ميسورة الحال وعملت على تنظيفها وألبستها لأطفال، حيث قالت، إن زوجها منذ بداية أزمة كورونا خسر عمله والأموال التي معهم أدخروها لشراء الأطعمة والاحتياجات الأساسية، أما الثياب فهي شيء ثانوني بالنسبة لهم في ظل هذا الارتفاع الجنوني للأسعار في الأسواق.

وعن أجواء العيد، قالت إنها شبه غائبة في المنطقة التي تقيم بها، باستثناء بعض الزيارات العائلية خارج فترة الحظر الجزئي الذي تفرضها السلطة السورية، مضيفة أن الأطفال حزينون لعدم وجود ساحات للعيد وانتشار الأراجيح على أرصفة الطرقات وفي الحواري، واستطردت قائلة: “لكن ما يعزي النفس أن تكبيرات العيد تصدّح عالية مما يشعرنا أن اليوم هو أول أيام العيد، ونتمنى ألا تتوقف”.

أمّا في الشمال السوري لم يكن الوضع بأفضل، حيث يقول الناشط “محمد عارف” إنه لا يمكن أن نقول عن الأجواء بأنها أجواء عيد، فليس هناك مقومات ساعدت على ذلك، وعزا الأمر لعدة أسباب أولها سوء الأحوال الجوية وهطول الأمطار بغزارة، واقتصار الزيارات على المجتمع الضيق المحيط بكل عائلة، وغياب ساحات العيد، والأوضاع الاقتصادية السيئة للأهالي

ويضيف ليس هناك تجهيزات للعيد الآن سابقا كنا نحضّر حلويات العيد، أما في الوقت الراهن لا يمكن ذلك وخاصة في ظل الغلاء الفاحش في الأسواق وارتفاع أسعار كل المواد.

أما “نور الدين” ناشط من إدلب، وصف أجواء العيد بـ”الخجولة” في ظل غياب “مظاهره الحقيقة”، وظهور الحزن على وجوه الكبار الذين هجرتهم السلطة السورية من قراهم ومدنهم وبلداتهم .

وتابع: “من الممكن أن تشاهدوا حركة على الطرق العامة وبين المدن والبلدات، وهذه الحركة لعائلات ذاهبة لزيارة أقربائها، ولكن هذا يأتي في ظل غياب الفرحة عن وجوه الأطفال الذين لم تنصب لهم الأراجيح وأغلقت مدن الملاهي أمامهم في ظل أزمة كورونا”.

لربما هذا من أقسى الأعياد التي مرت على السوريين خلال السنوات التسع الفائتة، والتي ملأها القصف والقتل والدمار والاعتقال، ولكن في كل مرة كانوا يحاولون الوقوف مجددا والتمسك بتقاليدهم وعاداتهم وفسح المجال أمام أنفسهم وأطفالهم ليعيشوا الفرح مجددا.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *