أخبار

أسواق سورية لبيع السلاح عبر مجموعات الفيس بوك

أحمد ناصيف – خاص أنا إنسان

يبدو “أبو عمر” سعيداً وهو ينشر صورة سلاحه “كلاشنيكوف روسي” في مجموعة على الفيسبوك  عارضاً علاماته المميزة وسعره طالباً من أعضاء المجموعة الراغبين بشراء هذه “القطعة” التواصل معه مع ملاحظة أن السعر “قابل للتفاوض”

هذه العملية تتم بمنتهى البساطة من خلال منشور على مجموعة فيسبوك هي واحدة من العديد من المجموعات المنتشرة على الموقع الأزرق والمصيبة الكبرى أن هذه العملية تتم على “عينك يا تاجر” وفي مجموعات تعنى بالبيع والشراء بشكل عام حيث يتم عرض السلاح الخفيف والمتوسط وكأنه سلعة عادية مثلها مثل “الغسالة” و”البراد” و”الميكرويف”

الحاجة للسرعة في زمن السرعة

تنتشر ظاهرة بيع السلاح على مجموعات التواصل الاجتماعي في الشمال السوري وطبعاً في ظل حالة عدم الاستقرار الأمني والتي أدت لإنعدام وجود أدنى مستوى من الرقابة فقد إزدهر سوق السلاح بشكل كبير ولم يعد الموضوع حكراً على تجار سلاح كبار لا أحد يراهم ولا يسمع عنهم بل أصبح مشاعاً بين الأفراد الذين عادة ما يكونون مستعجلين لبيع سلاحهم (معظم حالات بيع السلاح الفردي هي من أجل الحصول على المال بقصد السفر) أو لشرائه (نتيجة الحاجة الماسة له في مجتمع مسلح بالكامل)  فقد اتجه سوق السلاح لمواكبة التطور والتكنولوجيا مستفيداً من الخدمات البسيطة والسريعة التي تقدمها وسائل التواصل الاجتماعي حيث يقوم الراغب بالبيع بعرض صورة لسلاحه مع المعلومات المفصلة عنها في منشور على المجموعة لتنهال عليه التعليقات أو الرسائل من الزبائن الراغبين بالشراء فيقوم بانتقاء الزبون ويتفاوض معه ويتفقان على موعد ومكان التسليم في عملية لا تحتاج لأكثر من نصف ساعة مرتاحاً كذلك من أجور الوساطة (في معظم الأحيان هذه المجموعات لا تتقاضى أجور وساطة “سمسرة” على ما ينشر من خلالها)

الخفيف والمتوسط للفيسبوك.. أما الثقيل فله مكانه

لا توجد إحصائية دقيقة بعدد هذه المجموعات المنتشرة (الأسواق الافتراضية) على الفيسبوك لكنها تكاد تصل العشرات وبعض هذه المجموعات يصل عدد أعضائها عشرات الألوف مثل مجموعة (سوق سرمدا.. للبيع والشراء) حيث يصل عدد أعضائها ما يقارب الستين ألفاً بما يتجاوز المئة منشور يومياً مايقارب ثلثها تقريباً مناشير عرض وطلب للسلاح الخفيف والمتوسط وخاصةً المسدسات وبنادق الكلاشنيكوف والقناصات حيث يصل سعر الكلاشنيكوف صاروخ روسي لألف دولار أما المسدس 9/14 فيترواح مابين ال1500 وال2000 دولار طبعاً كلٌ بحسب نظافته وذلك بحسب مارصد موقع “أنا إنسان”.

يوّضح لنا “عمران” أحد الذين قاموا ببيع سلاحهم الفردي بقصد السفر وهو أحد سكان إدلب سابقاً قائلاً:«العملية كانت بغاية البساطة، كان لدي مسدس 8،5 أردت أن أبيعه فقط قمت بتصويره وتحميل الصورة في مجموعة “السوق الافتراضي” لأتفاجأ بجاري يعلق لي معلنا رغبته في شرائه، هنا الجميع يعتمد على الفيسبوك في عمليات بيع السلاح الفردي، أما السلح الثقيل كالدوشكا ومضاد الطيران مثلاً فله ترتيب آخر حيث يعتبر حكراً على قادة الفصائل وتتم عروض بيع مثل هذه الأسلحة في مجموعات سرية غير متاحة للعامة وخاصةً أن أسعارها مرتفعة جداً والمعلوم أن التطبيق الأفضل لعمليات البيع والشراء هذه هو التيلغرام المعروف بصعوبة اختراقه وحفاظه على سرية معلومات البائع والمشتري

لاحسيب ولا رقيب

يمنع موقع “فيسبوك” بحسب مبادئه عمليات بيع السلاح من خلال منصاته حيث يقوم عادةً بإغلاقها ولكن يبدو أنه نظراً لكثافة وضخامة هذه الأسواق فأنه يبدو عاجزاً عن ملاحقة كافة عمليات البيع والشراء هذه وبحسب ما يوضح لنا المبرمج “لؤي” أن الفيسبوك عاجز عن رصدها بشكل دائم لكن يكفي تقديم بلاغ عن المنشور ليصار إلى حذفه وإغلاق المنصة وهذا بالفعل ماتم مع العديد من هذه المجموعات لذا فقد عمد المشرفون على هذه الأسواق الافتراضية إلى حذف هذه المناشير بعد مدة قصيرة من نشرها (إتمام عملية البيع أو الشراء) الأمر الذي يجعل عملية رصدها من قبل موقع فيسبوك أو الإبلاغ عنها شبه مستحيل مما يجعل هذه الأسواق تماماً من دون حسيب أو رقيب.

لا بارقة أمل قريباً..

كما أسلفنا فإن إزدهار هذه الأسواق الافتراضية مرتبط بإنتشار السلاح بكثرة في مناطق نشاطها والتي لا يبدو أن هناك من يود أن يحذر أو يريد يضبط أو يستطيع حتى ضبط ظاهرة انتشار العشوائي للسلاح في مناطق الشمال السوري فالجميع مستفيد في حين يبقى المدنيون هم الخاسرون دائماً ضمن هذه الظروف والأجواء المشبعة بالبارود والتي تدفع أيضاً بكل أسف للتوجه لحمل السلاح أيضاً للدفاع عن أنفسهم أما النافذين من قادة الفصائل فالموضوع لا يعنيهم مادام لا تؤثر على تجارتهم بل وبالعكس تزيد من إزدهارها.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *