أخبار

إيران تضع عينها على داريا ومقام سكينة المزعوم حجتها الأولى

سعت إيران منذ تدخلها إلى جانب السلطة السورية لقمع الاحتجاجات في سوريا التي اندلعت في العام 2011، لوضع يدها على كافة المفاصل في البلاد ونشر أفكارها ووضع موطئ قدم لها سواء عسكريا أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافيا وغيرها.

وعمدت تلك الميليشيات إلى أحياء “المزارات الشيعية” وبناء المراكز الثقافية على امتداد الجغرافية السورية، وكانت مدينة داريا في ريف دمشق الغربي، واحدة من تلك المناطق التي وضعت إيران عينها عليها.

فالمدينة تضم حسب الإدعاء الإيراني مقام السيدة “سكينة بنت الحسين بين علي بن أبي طالب”، ويختلف مؤرخون في مكان ضريح سكينة فأكد أحدهم أن قبرها موجود في المدينة المنورة، وذهب آخرون إلى أن ضريحها في مصر، بينما أكد مؤرخون أنها دفنت في مقبرة “باب الصغير” في العاصمة دمشق.

أما مقام “سكينة” الذي بدأ إنشاؤه عام 2003 فلم يكن معروفًا قبل سنة 1999، ويعتبر دخيلًا على داريا، ويقول أهالي المدينة إنه يعود لقبر امرأة تسكن في المنطقة، التي كانت نائيةً عن وسط المدينة، بينما يذهب آخرون إلى أنه قبر “كلب” لرجلٍ يدعى “أبو صادق”.

ويرى سكان من المدينة أن إيران تحاول وضع قدم لها في المدينة انطلاقا من بوابة المقام المزعوم، وتعمل على شراء الأراضي والعقارات لصالحها لضمان تطوين عائلات لها في المستقبل.


إيران تشتري العقارات في داريا عبر أشخاص

قال رجل ستيني من أبناء داريا والذي استطاع العودة إليها، ومطلع على تطورات الأوضاع، إن الميليشيات الإيرانية تعمل على شراء العقارات والأراضي من السكان في مدينة داريا، ولكن ليس بشكل مباشر وإنما عن طريق أشخاص يتبعون لها.

وأضاف الرجل الذي لقب نفسه “أبو محمد” في حديث لموقع “أنا إنسان”، أن شراء الأراضي كان بشكل ملحوظ في منطقة الخليج المحاذية لمطار المزة العسكري، حيث يستغل الأشخاص التابعين لإيران الأوضاع الاقتصادية السيئة للسكان ويشترون منهم العقارات.

وتابع: “قبل سماح السلطة السورية لسكان داريا العودة إليها بعد سيطرتها عليها في العام 2016، كان هناك تخوف كبير لدى الأهالي من سيطرة إيران على المنطقة وخاصة في ظل وجود مقام السيدة سكينة المزعوم، ولكن تدخل روسيا هو ما أفشل ذلك، بحسب الأنباء التي تواردت من الشخصيات المحسوبة على السلطة والتي تعمل لصالحها”.

اقرأ أيضا: بالقوة.. الميليشيات الإيرانية تستولي على أملاك السكان في السيدة زينب ومحيطها

وزاد أن الميليشيات الإيرانية تدفع مبالغ طائلة للسكان الذي يقيمون في محيط مقام السيدة سكنية من أجل بيع عقاراتهم، وهذا الأمر كان موجود حتى قبل انطلاق الثورة السورية.

وأكد أن هناك حالة تخوف شديدة في صفوف الأهالي من توطين عائلات إيرانية في محيط المقام، وأن تضيع إيران موضع قدم لها في داريا، وتبدأ بنشر أفكارها.

بدوره قالت سيدة من داريا لاجئة في لبنان وكانت تملك منزلا في منطقة الخليج المحاذية لمطار المزة العسكري، قبل أن تدمره قوات السلطة السورية، إنها اضطرت لبيع بقايا منزلها بسعر قليل جدا، وذلك بسبب حاجتها للمال، وخاصة أن زوجها معتقل لدى قوات السلطة وترك لها خمسة أبناء.

صراع روسي إيراني في المنطقة

قال الباحث في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان، إن الاهتمام الإيراني الكبير في مقام السيدة سكنية بنت الحسين، كان قبل الثورة، وأصبح هناك تفعيل لهذا الاهتمام ومحاولات إيرانية لإيجاد موطئ قدم في داريا منذ عام 2000 عن طريق تجديد المقام وزيارته.

وأضاف: “الآن ما يرسم خريطة النفوذ الإيراني في مقابل النفوذ الروسي، هو القوات المحلية أو الخارجية التي شاركت في السيطرة على هذه المنطقة وإعادتها إلى اللون الذي يشير إلى سيطرة قوات السلطة السورية”.

وأشار إلى أن من عمل على حصار داريا وأدار المعركة بشكل شبه كامل فيها، وقصف ودمر وهجر من بقي بالمدينة هي روسيا، لذلك تحاول إيران جاهدة الدخول إلى داريا ولكن ليس بالنفوذ العسكري والأمني لأن هذا لا يتاح لها، وإنما بأمرين، الذريعة الدينية ومن خلال منظمات المجتمع المدني، وهذا ضعيف لأن العودة لداريا نسبيا حتى الآن.

وتابع علوان: “الأمر الثاني من خلال توطين ميليشيا الحرس الثوري الإيراني عناصر، وذلك بناء على القانون رقم 10 والمرسوم الرئاسي الذي أقر إقامة مدينتين سكنيتين، واحدة منهم بشكل رئيسي في داريا والثانية أيضا جزء منها من داريا”.

والمدينة الأولى يطلق عليها اسم “باسيليا سيتي” وهي المنطقة السكنية 102، وتقع على محور كفرسوسة- المزة- بساتين القنوات – داريا، أما الثانية وتحمل رقم 101 وهي ماروتا ستي، وتقع على محور جنوب المزة – كفرسوسة وهذه المنطقة تفصل بشكل كامل داريا عن دمشق وتسمى أيضا “بساتين الرازي” وهي خلف السفارة الإيرانية التي تقع على أوتستراد المزة في دمشق.

وزاد: “المنطقتان السكنيتان تم استصدارهما في العام 2012  عبر مرسوم رئاسي يحمل الرقم 66،  وبموجبه يتم  إعادة ننظيم داريا المدينة والبساتين بما يتواقف مع العمران الجديد والتخطيط الجديد، وبعدها جاء قانون رقم 10 لعام 2018 وحدد آليات استملاك الحصص، ونعلم أن معظم سكان داريا خارج سوريا ومعارضين للسلطة السورية ولا يستطيعون إثبات ملكية، لذلك جزء بسيط من سكان داريا استطاعوا العودة إليها وهم من كانوا نازحين لمناطق مجاورة لمدينتهم”.

ويشرف الحرس الثوري الإيراني بشكل مباشر على مشروع إعمار هاتين المنطقتين السكنيتين والمشكلة في التمويل، ولكن الحرس يضع كل إمكانياته لتنفيذ إعمار هاتين المنطقتين، عبر شركات تابعة له ولتكون الحصة الأكبر له في موضوع توطين 20 ألف عائلة تنتمي للحرس الثوري في المرحلة الأولى ضمن خطة توطين 40 ألف عائلة في كامل منطقة دمشق ومحيط دمشق، بحسب “علوان”.

إيران تحاول نشر أفكارها بشتى الطرق

قال “علوان” إن مكتب ممثل المرشد الأعلى في دمشق يحاول مع السفير الإيراني بشكل مباشر، تنشيط الحسينات ورحلات الكشافة ونشر الثقافة الشيعية وتشييع القسم الأكبر من الناس، إما عبر حوافز مادية أو عن طريق الوجهاء والعشائر مثلما يحصل في دير الزور، أو حوافز أمنية، عن طريق ضمان الخدمة العسكرية في مناطق تعتبر جيدة.

ولفت إلى أن هناك رفض مجتمعي للتيشيع في دمشق ومحيطها لأن درجة الوعي أكبر، ولكن الشيء الخطير جدا هو موضوع إقامة الميليشيا العسكرية بالتزامن مع الفشل بنشر التشيع، وهذه الميليشيا تتزود بالأموال وتأخذ اليافعين وتبعدهم عن مجتمعاتهم وتنشر ثقافتها بين صفوفهم وتغريهم بالأموال، وهذا الشيء حصل عندما تم إخضاع العشرات من الشبان لدورات في سهل البقاع في لبنان بإشراف ميليشيا حزب الله اللبناني، بحسب تأكيدات محدثنا.

وقال: “إيران جندت بين 2000 وحتى 2500 شاب وهؤلاء جاهزين لاقتحام درعا الآن، فعلى المستوى البعيد هناك جهد متواصل لاستغلال الحالة العشائرية في دير الزور لنشر التشيع، وجهود في دمشق وريفها لتوطين أفغان وباكستان، لا ننسى أن اختراق إيران لوزارة الداخلية في سوريا، أدى لتجنيس ما يقارب 20 ألف فردا كانوا عائلات أفغانية وبكستانية وتنكشف قضايهم رويدا رويدا”.

داريا “أيقونة الثورة”

تقع داريا على بعد 8 كيلو متر جنوب دمشق، وهي أكبر مدن غوطة العاصمة الغربية، ويعمل معظم سكانها بالزراعة، وتبلغ مساحتها 476 هكتاراً، أي ما يعادل 4 آلاف و760 دونماً، ويطلق عليها كثيرون “مدينة العنب” لشهرتها بزراعة جميع أنواعه.

وبعد أيام قليلة من اندلاع الحراك السلمي في عدد من المدن والمناطق السورية منتصف آذار / مارس 2011، انضمت داريا إليه وسميت حينها بـ”أيقونة الثورة”، لكن عنف السلطة ضد الأهالي المشاركين فيه وارتكابه المجازر بحقهم، وكان أبشعها “مجزرة داريا الكبرى” في 25 آب/ أغسطس 2012 التي سقط فيها أكثر من 650 قتيلاً، دفع فصائل الجيش الحر الذي كانت نواته قد تشكلت في المدينة حينها إلى الدفاع عن المدينة وأهلها والسيطرة عليها وطرد قوات السلطة منها، لتحاصر الأخيرة بعد ذلك الأخير المدينة وتشن حملة عسكرية مسعورة ضدها انتهت في آب 2016 بسيطرتها عليها وتهجير نحو ألفي شخص من مقاتلي المعارضة المسلحة وعائلاتهم نحو الشمال السوري، في وقت بلغ عدد الضحايا الموثقين بالأسماء في المدينة، والذين قُتلوا على يد السلطة والميليشيات الموالية له 2712 شخصاً، بينهم 174 تحت التعذيب، بحسب فريق التوثيق في داريا.

خاص – أنا إنسان – سناء محمد

تابعنا على الفيسبوك : أنا إنسان

تابعنا على يوتيوب : أنا إنسان youtube

حسابنا على تويتر : أنا قصة إنسان 

مجموعتنا على الفيسبوك : أنا إنسان

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *