أخبار

اتفاق بالقرداحة على عدم اشعال حرب … ودور أسماء الأسد بقضية رامي مخلوف

في الوقت الذي نقلت فيه وسائل إعلام شبه رسمية أن روسيا بصدد إرسال مئات الدبابات من طراز  T-90 الى سوريا للبدء بعملية عسكرية لم يُعرف اتجاهها إلى إدلب أم إلى الشمال، على أن تتولى تسليمها مباشرةً إلى حلفائها، فإن اﻷنباء التي يتداولها اﻹعلام العربي والعالمي بقضية رامي مخلوف والصراع مع بشار اﻷسد تبدو أكثر من مبالغ فيها بهدف صب الزيت على النار التي تكاد تخمد بين الرجلين والتي انتهت فصول صراعها العلني تقريباً بخسارة رامي مخلوف جزءً كبيراً من شركاته داخل البلد بعد وضع اليد عليها من قبل القصر الجمهوري.

ماذا يجري في القرداحة وجوارها؟

نقلت محطات عربية وأجنبية أخباراً عن معارك واشتباكات جرت في القرداحة بين مؤيدين لبشار اﻷسد وآخرين مؤيدين لرامي مخلوف، وفي الحقيقة التي عملنا على الوصول إليها، فإن السبب في نقل هذه اﻷخبار بعود إلى صفحة مزورة باسم “شريف شحادة” نقلت “تمنياً على كبار القوم الذين يحتمي بهم ألا يدخلوا في مواجهة مع الدولة قد تكون عواقبها وخيمة على جبال الساحل، وكرّت السبحة بعد ذلك إلى حروب كلامية على منصات التواصل بين مؤيد ﻵل مخلوف وآخرين مؤيدين لقيام بشار اﻷسد “بحركة تصحيحية جديدة” (تيمنا بانقلاب والده اﻷبيض الذي جرى عام 1970) وأن أسماء جديدة سوف تحاسب”.

ما جرى في ريف القرداحة كان اجتماعاً ﻵل مخلوف في مسقط رأسهم قرية “بستان الباشا” حيث موقع جمعية البستان الخيرية، وكان هناك عناصر تابعة للجمعية لحماية المكان، وحسب مصادر من داخل القرية فإن إطلاق نار عشوائي قام به هؤلاء العناصر لوقت قصير في الجو وليس اشتبكاكاً مع أي جهة أو أفراد مؤيدين لبشار اﻷشد.

في القرداحة نفسها، حيث يوجد مؤيدون للطرفين فإن مشفى القرداحة، وفق مصدر مطّلع من داخله ـ لم يستقبل أية إصابة لا جرحى ولا قتلى منذ ظهور الخلاف، خلافاً لما تم تناقله في وسائل اﻹعلام.

 

شاهد بالفيديو : من هو رجل الأعمال رامي مخلوف:

لايعني هذا عدم احتمال تطور الأوضاع في حال اعتقال رامي مخلوف، وهو اﻷمر الذي ما زال بعيداً عن الحدوث بحكم عوامل كثيرة، أهمها إدراك النظام أن أمراً كهذا قد يشعل عليه بقية الشارع المؤيّد في منطقة تعتبر عصباً أساسياً له.

تهمة المخدرات لرامي مخلوف من ورائها؟

أثار ظهور رامي في مقطعي فيديو على التواصل الاجتماعي من مكان ما قيل إنه ريف دمشق (يعفور) أو من دبي، الكثير من التساؤلات عن اﻷسباب التي دفعت الرجل إلى الظهور بهذا الشكل ومخاطبة جمهور لم يعتد على مخاطبته، مستخدماً لغةً دينية الطابع، دافع فيها عن سجل شركاته اﻹنساني في سوريا منذ تأسيسها ومتهماً “جهات معنية” بأنها وراء وضع المخدرات في علب حليب تحمل اسم ملك مان خاصة بإحدى شركاته كانت في طريقها إلى ليبيا، كشفتها الجمارك المصرية في ميناء الإسكندرية بعد إخبارية عنها.

شاهد بالفيديو : رامي مخلوف أبن خال بشار الأسد يظهر في فيديو جديد يفضح فيه ملفات النظام

في الحقيقة إن كلام رامي صحيح، فالكمية الهائلة من المخدرات التي تخرج من سوريا وضبطت أكبرها في اليونان العام الماضي (33.3 مليون حبة كبتاغون قادمة من مرفأ طرطوس) وآخرها ضبطته السعودية (18.2 مليون حبة) شُحنت من اللاذقية، هي من إنتاج شخص آخر يمتلك معملاً ﻹنتاجها في سفينة بحرية تتحرك في المياه الدولية ولديها أسطول نقل خاص بها والموقع قريب من الساحل السوري، والشخص المنتج على علاقة مباشرة مع حزب الله وإيران وفي موقع حساس في هرم السلطة، وهو الذي أوقع رامي في الفخ.

بالطبع لا يهدف هذا التوضيح إلى نفي أي تهمة عن رامي الذي قال أنه في فترة من الفترات كان الداعم اﻷوحد للأجهزة اﻷمنية في سوريا بكل فظاعاتها واليوم ينكرون عليه الخبز والملح، والهدف الذهاب إلى أن الصراع المحتدم الذي استدعى اجتماع بشار اﻷسد مع الفريق الحكومي المعني بجائحة الكورونا والحديث فيه حديث أقل ما يقال فيه أنه عادي ولا قيمة له تثبيتاً لدحض فكرة متناقلة كثيراً في اﻹعلام أنه يعدّ أيامه اﻷخيرة في القصر.

 

صراع المافيات .. من ورائه؟

انطلق الصراع في الدائرة الضيقة منذ أكثر من عامين على خلفية حاجة النظام إلى مزيد من الموارد المالية في ظل انقطاع الدعم اﻹيراني للفرقة الرابعة، وهو ما تسبب في تحويل عدد من عناصرها من العمليات القتالية إلى جباية اﻷموال من الناس بطرق إجبارية، فمن مرفأ اللاذقية حيث على أصحاب الحاويات القادمة إلى المرفأ دفع ما يعادل 200 دولار لكل طن، وصولاً إلى فرض ضريبة حوالي دولارين على كل مزارعي الساحل على أي منتج ينتقل إلى الداخل السوري أو يتم إنتاجه، ومنه البندورة وزيت الزيتون، وهو مارفع أسعار مختلف أنواع المواد في السوق السورية، فقد فرضت الفرقة على أصحاب المعاصر مبلغ 2 دولار على كل بيدون زيت، حيث قامت حواجز الفرقة المنتشرة في كل اﻷماكن بتحصيل تلك اﻷموال وإرسالها إلى الفرقة.

شاهد بالفيديو :تسجيل جديد لرامي مخلوف يثير جدلاً بشأن خلافه مع أبن خالته

في تلك المعمعة، نقلت اﻷنباء الضيقة رفض رامي دفع المزيد من اﻷموال لصالح الميليشيات اﻹيرانية الطابع، وهو ما فجّر صراعاً كان مختباً مع بشار اﻷسد، ساندته فيه أسماء اﻷسد التي بدأت منذ ذلك الوقت التجهيز لحملة واسعة النطاق محاولةً الاستحواذ على شركة سيريتل الشركة الكبرى في شركات رامي، مع العلم أن الشركة لم تعد كلها ملكية شخصية له بعد أن طرح أسهمها للاكتتاب العام منذ العام 2012، وهو ما جعل من مطالبة الهيئة الناظمة للاتصالات بتسديد مبلغ 234 مليار دولار على شركتي الخليوي مؤخراً، نصفها لشركة سيريتل، وصولاً للصراع بين تلك اﻷطراف إلى طريق مسدود.

شاهد بالفيديو : كيف علقت الصحف العالمية على رسائل رامي مخلوف الأخيرة 

فمنذ العام 2015 لم تسدد شركتي الخليوي ضرائبها للدولة السورية، وهو ما ظهر في تقرير خاص قام بإعداده فريق مالي روسي زار القصر الجمهوري وبدأ تحقيقات غير مباشرة في موضوع التهرب الضريبي، وﻷن هذه المبالغ ارتبطت كلها بحيتان البلد، جرت محاولة فاشلة لتحصيل بعضها، وقد نقل اﻹعلام أن قيمة التهرب الضريبي تلك بلغت أكثر من 152 مليار دولار أميركي منها 48 مليار تقبع في البنوك اللبنانية التي ترفض تحريك تلك اﻷموال.

عامل ثالث أضاف للطبخة ملحاً زائداً هو قيام رامي مع بعض الشركاء اﻵخرين بنقل أموال بطائرته الخاصة إلى أوكرانيا عبر بيروت، وهو خبر أكدته عدة جهات داخل البلاد، وهو سبب اعتقال عدد من موظفي سيريتل الكبار مؤخراً في دمشق واللاذقية، وقد أشيع أن اﻷموال المنقولة بلغت أكثر من 36 مليار دولار أميركي، وكانت عملية النقل إلى أوكرانيا دفعت روسيا إلى تسريب الخبر ومعه قبل أيام تسجيلات صوتيه للرجل يتهدد فيها ويتوعد.

 

دور أسماء الأخرس الكبير وأسبابه:

دخلت أسماء اﻷخرس على الخط الاقتصادي منذ وقت بعيد، فقد كانت على شراكات تجارية هنا وهناك دون اﻹعلان عنها، أبرزها مع رئيس الوزراء اﻷسبق ناجي عطري في دير الزور، إلا أن السعي اﻷكبر إلى الدخول كلاعب أساسي ظهر بعد التحول في موقف رامي مخلوف من دعم ميليشيات الفرقة الرابعة التي تعتبر العمود الفقري في القوات النظامية،

كانت المسألة من العلاقة مع رامي مرتبطة بعاملين رئيسيين، اﻷول، الإمبراطورية الاقتصادية لرامي، والثانية رامي نفسه بحكم كونه أحد الأشخاص المحتمل أن ينافسوا بشاراً الأسد في انتخابات الرئاسة المقبلة في حال ظهر توافق دولي وروسي باﻷساس على دخوله تلك المعمعة، خاصةً أن سجل رامي في العمل اﻹنساني وتقديم المساعدات وحضوره المتوسط في الشارع بصورة مختلفة عن بشار اﻷسد الذي بات دون كثير تحليل غير مرغوب كثيراُ حتى في الشارع الموالي بحكم كونه كما يطلق عليه في هذا الشارع “طرطوراً” إلى درجة عدم قدرته على تعيين مدير عام جديد لمشفى القرداحة نفسه!.

شاهد بالفيديو: فضيحة اللوحة … كيف انتقم مخلوف من أسماء الأخرس؟

هناك عامل ثالث مخفي في انتفاخ دور أسماء اﻷسد يعود إلى علاقاتها البريطانية، وأنها تحمل الجنسية البريطانية (لم تتخلى عنها حتى اﻵن) وهو ما عنى تحت الستار إضافة الدور البريطاني الاستخباراتي في الصراع الروسي ـ اﻹيراني ضمن الدوائر الضيقة في نظام الحكم السوري، فإيران لديها ماهر  وبشار اﻷسد، وروسيا تبحث مع المجتمع الدولي عن بديل لبشار، وضمن هذه التداخلات الكثيرة فإن حضور أسماء اﻷخرس بحكم انتمائها الديني السني ودورها الكبير في تحريك خيوط ما يجري في تلك الدائرة الضيقة قد يكون له أسباب أبعد من مجرد تفكيك إمبراطورية رامي الاقتصادية.

شاهد بالفيديو: رامي مخلوف بمواجهة أسماء الأخرس في العائلة الحاكمة وماهي التوقعات 

روسيا التي تراقب ما يجري بعقلية استخباراتية سرّبت قبل أسابيع خبراً عن قيام بشار اﻷسد بشراء لوحة فنية ﻷسماء اﻷسد من مزاد علني في بريطانيا بقيمة 30 مليون دولار أميركي في الوقت الذي طلبت فيه الحكومة من روسيا تأمين قرابة 500 ألف طن من الطحين دون قدرتها على دفع ثمنها حالياً. وهو ما فجّر استياء لدى الشارع الموالي من جديد على بشار الذي  يخضع “ﻹملاءات زوجة بشار الأسد أسماء الأخرس في كل شيء”.

لماذا لا يهتم الشارع بالساحل السوري  يما يجري؟

الشارع السوري، وتحديداً الشارع في الساحل السوري يخلو من الاهتمام الكبير بقضية الصراع الدائر بين رئيس مجلس إدارة سيرياتيل رامي مخلوف وبشار اﻷسد، خلافاً لكل ما يتم تناقله في وسائل اﻹعلام العربية والعالمية. والسبب في ذلك يعود إلى أن أسهم “مكافحة الفساد” التي دأب بشار على الحديث عنها طيلة سنوات من حكمه، عرف الناس حقيقتها وأنها مجرد ذر للرماد في العيون، ففي آخر حملة ضد الفساد طالت عدداً من الرموز الاقتصادية لم تتمكن الجهات المعنية من تحصيل سوى مبالغ ضئيلة لم تدخل في خزينة الدولة السورية وفق أرجح اﻷقوال.

الحديث عن تحصيل اﻷموال من رامي ودفعه إلى الواجهة كأحد الرموز المتهربة من دفع الضرائب الكبيرة لم يكن بريئاً من محاولة إلهاء الشارع بقضايا مثل هذه في ظل ارتفاع جنوني حقيقي للأسعار في البلاد ووصول الدولار إلى عتبة 1300 ليرة سورية في التعاملات اليومية، مع ارتفاع أسعار الخضار بنسبة لا تقل عن 50 % في عز موسمها بسبب ضرائب الفرقة الرابعة عليها ومثلها الفواكه، حيث بلغ سعر كيلو البندورة المنتج محلياً في الساحل 1000 ليرة سورية، والتفاح 2000 ل.س، فيما حلّقت أسعار كل المواد الغذائية اﻷخرى بدرجات متفاوتة.

 

حيدر محمد – اللاذقية – خاص أنا إنسان

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *