أخبار

الإنتاج الزراعي في ريف حلب يتراجع ويعاني من الاستغلال مع انهيار العملة السورية

شهد القطاع الزراعي في ريف حلب تدهوراً كبيراً مع انخفاض قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، والتي وضعت المزارعين مواجهة تحديات جديدة مختلفة عن الأعوام الفائتة التي كثرت فيها الحرائق والتغير المستمر للسيطرة، حيث ساهمت في فقدان قيمة إنتاج المحاصيل الزراعية، مقابل التكاليف الموضوعة مسبقاً خلال فترة الزراعة، وما يلحقها من مبيدات أعشاب وأسمدة. بالإضافة إلى مشكلات عديدة في تسويق المحاصيل الزراعية كإغلاق المعابر المؤدية إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ومناطق سيطرة النظام.

 

تراجع الإنتاج الزراعي

أجرى موقع “أنا إنسان” جولة في الأراضي الزراعية بريف حلب الشمالي للإطلاع على إنتاج المحاصيل الزراعية، والتحديات والمشكلات التي واجهت المزارعين الذين يعتمدون على الأرض لتأمين حاجياتهم الأساسية طوال العام.

وقال عبد الكريم الحمد الذي يملك حقلاً زراعياً في قرية تلالين بريف حلب الشمالي لموقع “أنا إنسان”: “إن إنتاج المحاصيل الزراعية هذا العام لم يؤمن له التكاليف الزراعية، لأسباب عديدة أهمها: أنه حصل على البذار من أحد تجار القرية بسعر عالٍ جداً، خلال البذار، وفي تلك الفترة شهدت السوق المحلية ارتفاعاً بأسعار الحبوب والأسمدة والمحروقات، خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر، الأمر الذي تسبب في ارتفاع تكلفة زراعة الحقل”.

وأضاف: “أن المحصول الزراعي شهد تراجعاً هذا العام عن العام الفائت بسبب قلة الأمطار وتغير المناخ بشكل متقلب جداً، مما أدى إلى خسارات في مختلف المحاصيل الزراعية لدى المزارعين ولا سيما القمح الذي تعرض لأشعة الشمس الحارة لمدة عشرة أيام خلال النصف من شهر أيار/ مايو الماضي، أثناء عملية أخذ حبة القمح شكلها المعتاد مما أدى إلى ضعف في الحبة”.

 وأشار الحمد خلال حديثه لموقع “أنا إنسان”: “إلى أن الدونم الواحد من القمح لم يجنِ أكثر من 350 كغ من القمح، على عكس الموسم الفائت، مما تسبب في انهيار الإنتاج الزراعي”.

 

 

أسعار الحصاد مرتفعة أنهكت المزارعين

كما اشتكى الفلاحون في ريف حلب من ارتفاع أسعار الحصاد الذي تجاوز الـ50 ألف ليرة سورية للهكتار الواحد، في بداية موسم الحصاد إلا أن انهيار العملة السورية أمام العملات الأجنبية دفعهم إلى وضع تسعيرة الحصاد بالليرة التركية حيث بلغ أجار حصاد الهكتار الواحد من القمح أو الشعير 300 ليرة تركية، مما وضع العديد من العاملين في هذا المجال عرضة للخسارات إلى جانب استغلال البعض الآخر من المزارعين بسبب عدم وجود جهة رسمية تحدد تسعيرة واحدة للحصاد بحيث تراعي الجهتين العامل وصاحب الحقل.

 

مصطفى رسلان وهو من بلدة العيون الواقع بريف حلب الشمالي قال لموقع “أنا إنسان”: “إن ثمن الحصاد هذا العام مرتفع جداً وهذا ما لا يتوافق مع تكاليف البذار حيث تساوي 300 ليرة تركية الآن نحو 100 ألف ليرة سورية، ونحن لا نستطيع سداد هذا المبلغ إلا في حال بيع المحصول بشكل مباشر للتجار لذلك فإننا سنتعرض للاستغلال من بعضهم”.

وأضاف: “أن موسم الحصاد في العام الفائت كانت مختلف جداً لأن حصاد الهكتار الواحد بلغ 20 ألف ليرة سورية، أما هذا العام فإنه ارتفع أربعة أضعاف، ماذا سيتبقى لنا من المحصول الزراعي”. وأشار: “إلى عشوائية العمل الزراعية وعدم وجود جهة قانونية راعية لهذا المجال الذي ساهم في تدهور القطاع الزراعي، الذي وضع المزارعين في موقف محرج”.

 

وللاطلاع عن الموضوع أكثر التقى موقع “أنا إنسان”، أحد أصحاب الحصادات العاملة في بريف إعزاز شمال حلب، ناجح جابر، والذي قال: “أنهم يحصدون بخسارة ولا يستطيعون تحقيق أجار الحصادة والعمال فغالباً ما يتعرضون للخسارة بسبب تقلب الدولار مما دفعهم إلى تحديد تسعيرة بالليرة التركية إلا أنهم لا يحققون المرابح التي كانوا يحصلون عليها العام الفائت”.

وأضاف: “في الحقيقة بات عملنا بمثابة الجلوس في المنزل الأموال التي نجنيها لا تكفي للمحروقات التي سجلت ارتفاعاً غير مسبوق مع إغلاق المعابر مع مناطق قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، حيث وصل سعر البرميل الواحد من المازوت 92 دولار أمريكي ما يعادل 230 ألف ليرة سورية، إلى جانب تسعير قطع الحصادة على الدولار وغير ذلك من المصاريف”.

 

 

استغلال المزارعين مع انهيار العملة السورية

كما يواجه الفلاحون في ريف حلب استغلال من قبل التجار الذين يعملون على شراء الحبوب والمحاصيل الزراعية بأسعار غير متناسبة مع تكلفة الزراعة، خاصةً مع تدهور الليرة السورية وإصرار البعض من التجار على التعامل بالليرة السورية، الأمر الذي أوقع العديد من المزارعين في مشكلات مختلفة أثناء محاولتهم شراء عملة أجنبية خاصة مع غياب الرقابة.

عمار عباس، يملك أرضاً زراعية في ريف حلب، لم يستطيع دفع ثمن الحصاد بسبب الديون المترتبة عليه وسوء أوضاعه المادية لذلك لجأ إلى بيع محصول أرضه من الشعير لسد الديون والأجور المترتبة عليه، مما جعله عرضةً للاستغلال من قبل التجار بسبب اغلاق المعابر والمنافذ المؤدية إلى مناطق النظام ومناطق قسد.

ويقول عباس لموقع “أنا إنسان”: أن التاجر دفع له ثمن الطن الواحد من الشعير 200 ألف ليرة سورية، والتي تساوي 80 دولار أمريكي، بينما أن السعر الذي يجب أن يحصل عليه مقابل الطن الواحد من الشعير يتجاوز 125 دولار أمريكي”. وأضاف: “حصلت على ثمن الشعير بالليرة السورية وبدأت أبحث عن صراف يحول لي العملة إلى الدولار أو التركي حفاظاً على قيمتها، إلا أنني تعرضت لاستغلال مجددا من قبل بعض الصرافين في المنطقة”.

ويتعرض المزارعين في ريف حلب للاستغلال والخسارات المتتالية بسبب عدم ثبات قيمة صرف الليرة السورية وتدهورها المستمر مع دخول قانون قيصر حيز التنفيذ.

 

 

خدمات زراعية ساهمت في إنقاذ المزارعين

وأعلنت المؤسسة العامة للحبوب عن بدء استلام الحبوب في ريف حلب للموسم الحالي، وفقاً للتسعيرة التي وضعتها وزارة المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة، والتي بلغت 220 دولار أمريكي للطن الواحد من القمح القاسي و210 من القمح الطري، بما يتناسب مع التكاليف والأرباح التي يستحقها الفلاح.

وقال المهندس الزراعي في مديرية الزراعة التابعة للمجلس المحلي في مدينة مارع علي المصطفى لموقع “أنا إنسان”: “تستمر مديرية الزراعة بتقديم خدماتها للمزارعين طوال العام بالإضافة إلى تقديم الإرشادات والنصائح المتنوعة للمزارعين للحصول على انتاج وجودة أفضل تمكنهم من جني ثمارها إلا أن العوامل العسكرية وإغلاق الطرق والمعابر ساهم في خفض الحركة التجارية”.

وأضاف: “أن المؤسسة العامة للحبوب التابعة للحكومة السورية المؤقتة بدأت باستلام القمح في مركز حبوب اعزاز من المزارعين بعد تحديد السعر مع مراعات التكاليف الزراعية التي وضعها المزارع سابقاً، بالإضافة إلى استلام مركز الحبوب في الراعي الذي يسوق القمح إلى الأراضي التركية وفقاً لتسعيرة واحدة بلغت 220 للطن الواحد من القمح القاسي، و210 للطن الواحد من القمح الطري”.

 

 وتعتمد مراكز الحبوب ومديريات الزراعة على التواصل المستمر فيما بينها إذ لا يستطيع المزارع بيع محصوله الزراعي في هذه المراكز إلا بالحصول على ورقة منشأ يحصل عليها من مديرية الزراعة، للحفاظ على حقوق المزارعين من استغلال التجار.

ويواجه المزارعين تحديات كبيرة بسبب ارتفاع أسعار المحروقات التي عملت على انخفاض الكمية الإنتاجية في المنطقة بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأسمدة ومبيدات الأعشاب وغيرها، مما جعل الإنتاج المحلي في إنهيار مستمر.

 

حسين الخطيب – أنا إنسان

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *