أخبار

الانتحار ظاهرة تغزو دير الزور

منى محمد

 مع تقلبات الأوضاع في محافظة دير الزور، وتلاحق القوى التي تسيطر على المدينة وريفها، بدأت تظهر حالات من الانتحار التي انتشرت بأوساط الشباب خاصة وفي ريف المدينة، إذ تم توثيق أكثر من عشرين حالة انتحار في ريف دير الزور الشرقي فقط في فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر.

ولعل هذه الظاهرة أصبحت خطرة وملفتة للنظر بعد تزايد عدد المنتحرين والمنتحرات لأسباب كثيرة، منها الحب والعلاقات الغرامية، بالإضافة الى الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

لكن هذه الأسباب بحسب الاخصائي النفسي أسعد الخضر، لا تستدعي الشباب والشابات للانتحار لكنها ورغم بساطتها قادتهم الى ذلك.

حالات كثيرة

قامت فتاة في السادسة عشرة من عمرها بإطلاق النار على نفسها من بندقية صيد بسبب إجبار والدها على الزواج من شخص لا تحبه وهي تحب شخص أخر، وكانت قد هددت والدها واهلها بالانتحار إن أجبرت على الزواج بابن عمها، وهذا ما فعلته فعلاً حين تم تحديد موعد الزواج.

لم تنته القصة هنا، فقد قام الشاب الذي يبادلها الحب أيضاً بالانتحار بعدها بحوالي أربعة أيام بسلاح وضعه على رقبته وأطلق النار على نفسه.

 

حالة انتحار أخرى شهدها الريف في دير الزور لفتاة تبلغ من العمر واحد وعشرين عاماً حيث أطلقت النار على نفسها بسبب ضغوط الحياة، حيث انتحرت الفتاة بعد وفاة والدتها بشهر واحد وكان والدها متوفٍ فاضطرت هي لتحمل أعباء المنزل وأخوتها.

يتحدث عنها أحد أبناء القرية أيضاً بانها كانت فتاة اجتماعية ومرحة، لكنها لم تستطع مجاراة واقعها الجديد، خاصة بعد محاولة شقيقها الأكبر تزويجها بالإكراه من أحد أبناء عمها.

فما كان منها إلا أن اختصرت على نفسها كل هذا الضغط بأن ضغطت على زناد البارودة التي كانت بحوزة والدها المتوف وقتلت نفسها.

 

في ريف دير الزور هناك ظاهرة تسمى زواج البدائل، حيث تتبادل عائلتين تزويج أبنائهم، إحدى السيدات اللواتي تم تزويجهن بهذه الطريقة والتي لها من العمر 25 عاما وأم لطفلة، أراد أخوها الزواج بامرأة أخرى تكون ضرة لأخت زوجها وهذا ما يعني أن زوجها سيتزوج عليها هي الأخرى حسب الأعراف السائدة.

حاولت الأخت ردع أخوها واقناعه بالرجوع عن فكرته، وأيضاً حاولت مع والدها أن يوقف هذا الزواج لأنه سيفسد العائلة، لكن أحداً لم يلتفت إليها. فعادت الى غرفتها وأطلقت النار على نفسها لتنقل الى المشفى وتموت هناك.

 

محاولات بسيطة للتوعية

يقول الأخصائي أسعد الخضر وهو أحد اعضاء فريق صناع الأمل: “لم يعد يفرق المجتمع بين حالات القتل والانتحار، فهناك حالات يقال إن الأهل من قاموا بقتل ابنتهم، كما حدث مع إحدى الحالات التي تم توثيقها من قبل الفريق”.

حاول صناع الأمل وبالإمكانيات البسيطة فيما بينهم، بالإحاطة بموضوع الانتحار، الذي بدء يتفاقم بالآونة الأخيرة.

 

تعددت الأسباب

وقد أرجع الفريق انتشار الانتحار إلى عدة أسباب أولها بحسب وجهة نظرهم عدم وجود أي رادع ديني خاصة بعد تواجد تنظيم داعش الذي شوه الارتباط بين الانسان والدين من خلال ممارساته وانتهاكاته، ومن خلال ما قام به من قتل وقطع للرؤوس، فلم يعد للموت هيبة.

ويلعب انتشار المخدرات والحشيش بين الشباب دوارا هاما في ازدياد الحالات، بالإضافة الى الاستهانة بالحياة بسبب الفقر الذي سببه تنظيم داعش ولحقت به قوات سوريا الديمقراطية وميليشيا النظام.

وكان للحب والعلاقات الاجتماعية وما يتصادم معها من موروث اجتماعي وعادات أصبحت بالية ولكنها مازالت سارية كتزويج الفتاة لابن عمها عنوة، وإجبار الأخ لأخته على الزواج دورا في الانتحار.

وآخر الأسباب وأهمها الضغط المادي وعدم توفر العمل للشباب، وبالتالي ازدياد التوتر والفراغ وانعدام أي رؤية واضحة للمستقبل.

كل هذه الأسباب وجب دراستها، وتوعية المجتمع حولها، والوقوف على هذه الظاهرة الخطيرة جداً قبل تفاقمها أكثر. واستغلالها من قبل ضعاف النفوس خاصة أنه لا يوجد سلطة تحاسب، ولا مجتمع مدني ومنظمات تقوم بتوعية الناس التي باتت ضائعة في تلك الأرض التي أصبحنا نجهل الكثير عنها.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *