أخبار

الدروز يخرجون عن صمتهم … ودخول الجيش إلى السويداء خط أحمر

سامر النجم أبو شبلي

لم تكن حالة الازدراء وكشف الأوراق التي برزت في مجتمع السويداء أخيراً مجرد زوبعة في فنجان، وانتهت بانتهاء اجتماع عضو قيادة البعث “ياسر الشوفي” ذو العقلية الأمنية مع مؤيدين ومناصرين ومتعاطفين وإعلاميين وفصائل موالية، خاصة أن الاحتقان وصل إلى أعلى مستوى له خلال سنوات الحرب بفضل سياسة التجويع والعصابات التي فرضتها سلطة المخابرات على الناس، وجعلتهم ضحية للعصابات والقتل اليومي في محاولة لتخريب المحافظة من الداخل دون أن تشترك بالحرب القذرة التي تجنبتها طويلاً.

محاولات “الشوفي” اليائسة في إعادة البوصلة إلى التأييد والتصفيق والجعجعة الفارغة، ذهبت سدى، رغم كل الجولات والاتصالات التي تتم كل يوم من أجل العودة إلى الوراء، إلا أنه لم يجلب له ذلك سوى العار والهزيمة في عقر داره، وبين مناصريه، وكتبة التقارير الذين انتفضوا أخيراً على كل أنواع الجور والحقد، محملين الأجهزة الأمنية مسؤولية التدمير والخراب، وكذلك القضاء الفاسد، وقرارات القيادة العسكرية بشأن الخدمة في جيش النظام.

واتهم الوجهاء المضمونين سابقاً القيادة العسكرية بتمييع مرسوم العفو، والكذب على السوريين وخداعهم، وإعادة طلب الاحتياط قبل تطبيق المرسوم، حيث تسبب ذلك بتدمير شباب سوريين وعائلاتهم، وخاصة المغتربين الذين تم احتجازهم داخل البلد، وسوقهم إلى الخدمة. كما أشار البعض منهم لتعرّض الملتحقين بالخدمة العسكرية للإذلال والشتم والضرب من قبل ضبّاط في الجيش، وسرقة رواتبهم وطعامهم، وهو ما يجعل الكثير من الأهالي يعزفون على إرسال أبنائهم نحو المحرقة.

اللعب بالمحافظة، ومحاولة زعزعة استقرارها بالدعوة إلى دخول الجيش ونصب حواجزه داخلها، تصدى له عدد من الذين اجتمعوا مع القيادة الحزبية في المحافظة، معتبرين هذه الدعوات هي حرب على الناس التي ضحت بأبنائها في أتون الحرب لتحصد الندم، ومؤكدين رفضهم عسكرة “السويداء” رفضاً قاطعاً، ومتحفّظين على بعض تصرفات عناصر الجيش السوري غير المنضبطة، التي يمكن أن تؤدي لحراك شعبي يؤدي إلى خطر إراقة الدماء. خاصة أن من يفتعل المشاكل هم أشخاص تابعين للفروع الأمنية ويحملون بطاقات أمنية، وهم الذين يخطفون ويسلبون ومعروفين بالاسم، وقد تم تسليم قوائم بأسمائهم دون أن يكترث أحد.

وكان توضيح “يحيى أبو رايد” غيض من فيض عندما قال: أن هناك عقيد بالمخابرات الجوية يدعى “محمد برو” ذهب إلى الشيخ “راكان الأطرش” بتكليف من القيادة لحل مشكلة تجار المخدرات والأسلحة في المحافظة. متسائلاً عن هذا الثوب القذر الذي يلبسونه، لماذا يضعونه بقبة الدروز. وأضاف أن أحد رؤساء الفروع الأمنية طلب منه أن يخطف أناس وهو يعطيه الذهب. متهماً القضاء بالفساد أكثر من الفساد الموجود بالشارع، وقال: أن الفساد القضائي يبيع أرزاق الناس وأملاكهم تحت سطوة القانون، (نحن نباع ونشترى بالشارع، وأي واحد يريد أن يزوج ابنه يقوم بالخطف، والحل كله برعاية أجهزة الأمن). خاتماً كلامه الصارخ لعضو القيادة والمحافظ وأمين الفرع: أنتم لستم أصحاب قرار في هذه المسائل. طالباً منهم جلب رؤساء الفروع الأمنية لمحاسبتهم.

الممثل ممدوح الأطرش الذي تعرف توجهاته الأمنية للمحافظة على مصالحه الشخصية، خرج هذه المرة عن خطه المؤيد رغم كل التحيات والتبريكات، متسائلاً عن مصلحة القيادة في تدمير المحافظة؟. وقال: أن كل ما يحصل من أحداث ليست بالصدفة وليست فردية؟ هناك تنظيم معين وممنهج لتدمير الإرث الوطني الشعبي، وكل ما يحصل من إدخال عادات جديدة هو مبرمج ودخيل مثل الخطف والقتل والتشييع. وأشار في نهاية مداخلته عمّا فعلته القيادة للحد من الانفلات الأمني في المحافظة (أنتم لم تفعلوا شيئاً ولم تسمحوا لنا أن نفعل).

الحديث عن التدخل الإيراني ومحاولتها المستميتة خلق جسد لها في السويداء كشفت في الأيام الأخيرة بصورة علنية، وعلى أيدي المؤيدين الذين اكتشفوا أنهم مصابون في عقيدتهم، وطرحوا قضية استقطاب الشباب السّوري للحزب الثوري الإيراني العامل مع الفيلق الخامس مقابل 250 دولار أمريكي.

في السويداء اليوم، تحاول السلطة البعثية تعزيز حضورها بشكل قوي بمناسبة وبدون مناسبة، لكي ينسى الناس ما قام به وقاله عضو القيادة الشوفي الذي اتهم الدروز باللهاث للحاق بانتصارات جيش النظام، وهي الكلمات التي قوضت صبر الجميع، وكشفته أمامهم عندما قال: أن هناك همسة عتب على السويداء، فالسوريين ركبوا القطار لأن الدولة انتصرت، ونحن (أهل السويداء) نلهث وراء القطار.

 الرجل السبعيني الفاشل عسكرياً وسياسياً واجتماعياً وضع كل مشاكل سوريا برقبة الدروز، حيث كانت كلماته عن اللهاث الضربة الأخيرة في نعش التفاهم مع السلطة حول كل المسائل المعلقة من التجنيد إلى الاقتصاد إلى العصابات والأجهزة الأمنية، لكن الشيء الملاحظ أن الموالين حتى النخاع كانوا هم السباقين بالمعارضة، لمعرفتهم المسبقة بما تعنيه كلماته عن اللهاث والقطار.

الانقلاب الأبيض على كل المفاهيم من قبل شخصيات دأبت على الدوام بمدح الجلاد والتصفيق له، تكشف ما يجري على الأرض، وهو ما يعيد للسويداء وأهلها بعض البريق الذي غيبه هؤلاء زمناً طويلاً في حرف الحقيقة وتمييعها، فهل تنجح تلك الأصوات في تجنيب المحافظة ما يحاك لها من مؤامرات؟.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *