أخبار

الصداقة في الزمن السوري الردئ … عملة صعبة وخسارات سهلة وأخرى لا تقدر بثمن

خولة غازي 

الصداقة في الأوقات الاعتيادية ليست  بالأمر السهل ، وتزداد صعوبة في فترة النزاعات والحروب  ، اواقع السوري ليس استثناءاً عن بقية البلاد التي تعرضت لذات الظروف ، ومع ذلك لم يمنع الوضع من تشكل صداقات جديدة رغم الإختلافات وعلى الرغم من ندرتها إلا أنها مدعاة للتفاؤل ، بالمقابل هناك صداقات تهشمت واندثرت تحت وابل من الشتائم والاتهامات والتخوين ، حتى أن الكثير من حالات الطلاق تمت  بدافع الإختلاف في الرؤى السياسية .

انقسام الواضح والجلي في المجتمع السوري بدأ منذ عام 2011 حين تعززت الكراهية في إطار سلسلة معقدة تعرضت لها بنية المجتمع السوري، مشاعر الإنقسام إنعكست سلباُ علي طبيعة المجتمع الذي هو بالأساس مجتمع ودود ومحب للتعاون . .

حول هذا الانقسام وخسارة الصداقات طرحت سؤالاً في موقع التواصل الإجتماعي الفيسبوك  “كم صديقا خسرت خلال السنوات السبع الأخيرة ..؟”

ليتني خسرت نفسي وما خسرتهم

 

“ليتني خسرت نفسي وما خسرتهم ” جملة موجعة كتبها سالم اليوسف ، ومحمود عكل كتب  :” خسرت الكثير، بعضهم أصدقاء من الأقارب، لذلك كانت الخسارة مضاعفة.. للأسف جماعة (كنا عايشين) كان عددهم كبيراً ”

أما محمد أحمد حمصي فقد كتب : “الذي تخسره ليس صديقا ، الصديق هو الذي لا تخسره إلا بالموت ، صديقي أحمد قمحية رحمة الله عليه لمدة   15  سنة ولم يتركني إلا عندما استشهد ” .

عروة الخضر كتب:” أربع أصدقاء فارقوا الحياة ، خسرتهم للابد اما الباقي وهم كثر للأسف مازال لدي أمل بأن نتصالح”

سليمان حسين كتب ” خسرنا الكثيرين وكان الأموات أكثر من الذين لا نعرف عنهم شيئاً ”

السيدة غيداء العودات قالت “خسرت اثنين من أصدقائي وكان عمر صداقتنا أكثر من 38 سنة لم يكن لدي غيرهم ، الحقيقة لم أستطيع أن أعوض  صداقة بربع صداقتهم “وأضافت “نحن لم نكن حق مطلق وكانت عاطفتنا تعمي بصيرتنا كان من الممكن أن نرى بأعينهم  ليروا بأعيننا وبعد التجربة لا نستطيع أن نقول أنهم كانوا علي خطأ  مئة بالمئة انهم كانوا يروا أشياء كنا  ننكرها وكذبهم وسددنا بوجههم الباب ،كان لازم نكون صبورين أكثر .”

أحمد الزعبي قال “بعد ما انكشفت القلوب ووضعنا بين خيارين إما أن نكون مع الحق يا أو مع الباطل و منهم من اختار الوقوف مع الباطل شعرت أنني خدعت بهم ، كيف لم اكتشفهم و كنت واثق فيهم ثقتي بأخوتي من أبوي و أمي.”

 

القاعدة الذهبية تقول: لا تندم على شيء

الشاعر والمترجم إبراهيم قعدوني كتب يقول “الخراب في نهاية المطاف طال كل شيء في حياة السوريين، ومن الطبيعي أن تكون العلاقات الاجتماعية من بين الجوانب التي لحِقَها الضرر أيضاً. أنا على المستوى الشخصي لا أميل لتسميتها بخسارات، بل أعتبرها عملية فلترة طبيعية تفرضها استحقاقات كل مرحلة وظروفها. يعني إذا ألقيت نظرة سريعة على قائمة “الأصدقاء” الواقعيين و الافتراضيين، ألاحظ أنها تخلخلت كثيراً، اختفى آخرون وظهر غيرهم، وهذا طبيعي برأيي. لكن وللحق أقول بأنّ معنى الصداقة كمفهوم وصار من الصعب بالنسبة لي ضبطه، لكني ألتزم بقاعدة ذهبية تقول: لا تندم على شيء”

الكاتبة نادية خلوف كتبت تقول ”  في كل مرة أكتب بها مقال سياسي أو أدبي أخسر 50 صديق علي الفيسبوك” السيدة أسماء كفتارو كتبت “الذين خسرناهم ليسوا أصدقاء ، كانوا عابرين لذلك ابتعدوا ”

الفنان التشكيلي ابراهيم ايبو كتب يقول : “خسرت الجميع لأني لم أقف بجانب أي من الأطراف المتحاربة في سوريا ”

الكاتب عبد الله الحسن كتب : “خسرت من الطرفين الكثير بسبب المواقف ، أحيانا أقول أنه قد يكون ذلك بسبب أني أسبح عكس التيار وأحيانا أقول من الجيد ان اسبح عكس التيار حتى لو خسرت اصدقاء”. أما الكاتب فايز سارة قال “خسرت الكثيرين وبنفس الوقت ربحت أكثر منهم ”

 

الأزمة أخرجت معادن البشر

 

أسامة عزو  كتب يقول” كنت سوف أخسر أعلى أصدقائي ولكننا تجاوزنا ذلك “ ، أما مي عطاف فقد كتبت : “تفاجأت بقسوة من صديقه أحبها ولم أخسرها ” ، بالنسبة لـ إبراهيم زرقة فقد كتب :” الذين خسرتهم من طرف”نا” أكتر من الذين خسرتهم من الطرف الأخر” .

معتز ملكاش كتب : ” لم أخسر أحداً لكن الأزمة أخرجت معادن البشر وخسرت شخصا من أعز الأصدقاء”.

نهى العجيل رأت أنه “في السبع سنوات الماضية تم التعرفعلى أفكار بعضنا بشكل جيد لم اخسر صديق بمعنى الصديق الحقيقي بالعكس تعرفت على أصدقاء رائعين،إضافة لمن فقدناهم بسبب الموت المجاني”.

صلاح شعار” خسرت أصدقاء عمر صداقتهم  لـ  ” ٥٠ سنه”  وهم من باشروا، بالنسبة لـ  أصدقاء الفيسبوك أيضاٌ خسرت منهم  لـ مواقفي وخلال الشهر الماضي خسرت أصدقاء تمتد صداقتنا لمدة عشرين سنة”

 

صداقة في زمن الحرب

بين الأطراف المتخاصمة و المتحاربة ، فهناك العديد من الصداقات التي تمت،  خلال الحرب الفرنسية البروسية عام 1870  احتفل الجنود الفرنسيين والألمان بليلة الميلاد سوياً .

أما في سوريا فـ العميد مصطفي شدود ضابط في الجيش السوري دعا المقاتلين المعارضين للحوار وتحدث في أحد مقاطع الفيديو الذي انتشر علي مواقع التواصل الاجتماعي  عن ضرورة المصالحة وعدم ترك الفرصة للفاسدين من الطرفين لـ تخريب ما تبقى من البلاد، ورفض أن يحدد منطقته، بل تمسك بجوابه (أنا من سوريا) وأخبر العناصر بأنّه يفتح بيته لمهجّرين من القصير، وأنه درس الهندسة والتحق بالجيش ليدافع عن بلده، لا ليقتل إخوته السوريين,

كما تداول السوريون مقطع فيديو للضابط المنشق يوسف الجادر وهو يقول : “والله مزعوج.. هي الدبابات دباباتنا، وهذا العتاد عتادنا، والله العظيم كل ما بشوف واحد من مقتول بزعل ”

وهناك شكل أخر من الصداقة ففي السابع من شباط 2017  كتبت إحدى الصفحات “في رأس السنة قام  شبيح و خطَيف من حي الزهراء  بإرسال زجاجة مشروب لـ شبيحة الثورة في جب الجندلي”.

مر هذا الخبر مرور الكرام  ولم ينتبه الكثيرين إلى أن الأذى مشترك وأن الذين يلعبون بكلا الطرفين يشبهون بعضهم بعضاً  وهدفهم هو إبادة النوع البشري الذي بداخل السوريين.

 

مازال هناك أمل :

غالبية الإجابات ركزت علي مقولة الصديق الحقيقي لا تخسره ، ومنهم من عدُد أصدقائه الذين خسرهم ، ومنهم من فرق بين الأحياء والأموات ، فـ الخسارات الحقيقية برأي العديد منهم  هي التي أخذها الموت الذي كان البطل الأول في المحنة السورية

رغم كل الصعاب والهواجس التي تحكم مزاجية السوريين  لا بد أن يكون هناك أملا في أن يتجاوز السوريين هذا الاختبار الصعب ، عبر مسارات كثيرة بعيداً عن السياسة التي يقف طرفاها بعيدين تماماً عما كان يأمله السوريون .

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *