أخبار

المخدرات كانت الطلب الاول لهم حين وصلوا هولندا

صفوان الخطيب – هولندا – خاص ” أنا قصة إنسان “

تجده جالساً و”سيجارة الحشيش ” بين يديه، وكأن هدفه باللجوء تحقق أخيراً عبر تمكنه من تدخينها بشكل علني وواضح، واستطاع أن يمارس حريته التي سعى اليها سيراً على الأقدام، براً وبحراً… وطبعاً لا يمكنك أن تعمم هذا الكلام على كل اللاجئين، لكنه يشمل قسماً لا بأس به من جيل الشباب الذي اتجه نحو المخدّرات كحل لمشاكله النفسية، وبات شريك حياته اليومي.

فعلى سبيل المثال، هنا في هولندا ومن أماكن تواجد السوريين وأغلب الجنسيات الأخرى التي وصلت إلى هذا البلد بهدف اللجوء نظراً للظروف الإنسانية والحرب الدائرة والدامية، فقد باتت المخدرات بمختلف أنواعها هي المطلب الأساسي والحاجة اليومية للشاب السوري والعراقي الذي قطع البحر وعرّض نفسه للخطر والإهانة كي يحقق حلمه بالمخدرات ونشوتها.

المخدرات هنا في هولندا تسمح بها الدولة بنسب معينة، حيث يحق لشخص شراء 1 غرام، والذي يبلغ سعره 7 يورو، وكم كان يلفتني منظر طابور اللاجئين المصطف للحصول على حصة غذائية، ولكن في هذه المرة تتمتع عيناي بمشاهدة ذات الرتل وإن كان بأعداد أقل من ذلك الرتل الذي كان هدفه الحصول على الحصة الغذائية وغيرها من الحاجيات الأساسية.

وفي حديثي الخاطف والمختصر مع أحد الزبائن المخلصين والمنتظمين في الحصول على الماريجوانا يقول: ” هنا في هولندا أشعر بالراحة والاستقرار، لا أحد يملي النصائح أو يرهقني بالحكم والأقوال المأثورة التي تعودنا على سماعها وسماع مثل هذه المعزوفات في مجتمعاتنا العربية بشكل عام “.

لجوء

هذا النوع من المخدرات ليس له ضرر إن كان استخدامه من قبل شخص يعي تماماً ماهي حاجته إليه كما يقول هذا الشخص. وكنوع من المعلومات الماريجوانا أو الحشيش… مادَّة تُستخرج من نبتة الكانابس (Cannabis) يُمكن تدخينها كالتبغ، لكن يمكن أيضًا استهلاكها بوسائل أخرى مثل خلطها مع الطَّعام أو المشروبات.

وبعد هذه الجولة على صفات وتأثير هذا النوع من المخدرات، ختمت حديثي معه كما تعودت باحترام الرأي والرغبات وأن لكل شخص منا الحق في الحياة على اختلاف الحاجيات وترتيب أولوياتها من شخص إلى أخر ومن مجتمع إلى أخر.

لكن تبادر حينها سؤال إلى ذهني…هو: “أمن أجل هذا قطع البعض كل هذه المسافة الى هنا؟ … وهل بالفعل المشاكل النفسية هي التي تدفع الشبان للمخدرات كحل “… وكان الجواب من شاب لاجئ وصل منذ فترة الى هنا قال لي:” القضية لا تتعلق بالحالة النفسية فحسب وإنما بالوعي المتوفر في عقول القادمين الى هنا أيضاً، ولا تنسى أننا هنا جميعنا هربنا من واقع مر وهذه أول خطوة من خطوات الانكسار والخسارة ألا وهي الهروب، لكن هناك من يتابع حياته ويؤسس من جديد وهناك من يستمر في هروبه بوسائل أخرى منها المخدرات ومنها الجنس أيضاً”.

ويتابع:” وهناك أمور لا تتعلق بالحالة النفسية وإنما تتعلق بالضمير لدى الأفراد اللاجئة، فعلى سبيل المثال تجد رجال تجاوزت الأربعين من العمر ولديها عائلات لازالت موجودة في سورية أو في مخيمات اللجوء وبدلاً من أن يسعى في لم شملهم تجده ينساهم ويغوص في حياته الخاصة، بل أن منهم يتزوج وينسى أطفاله وزوجته ويكتفي بإرسال القليل من المال، في حين تجد شبان تعمل بجد للحصول على الإقامة وتقوم بلم شمل عائلتها وتكدح ليل نهار للحصول على مكانة جيدة في المجتمع الذي لجأت اليه، إنه الوعي أولاً ومن ثم الضمير … ولا شيء آخر”.

هذه اللمحة عن احتياجات بعض اللاجئين في هولندا ليست للهجوم أو النقد، بل للمقارنة والإضاءة على طبيعة الحياة والاندماج في بلدان اللجوء الأوربية والتي تختلف كل الاختلاف عن المعايير والحاجيات التي نشأت في داخلنا .

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *