أخبار

انتخابات ديمقراطية تحت اشراف المخابرات السورية

حيدر محمد – اللاذقية 

ما الشيء الديمقراطي في أن تختار من سيصلح ضوء الكهرباء؟  أو في الحقيقة من سيسرق أجرة إصلاحه ويدّعي أنه أصلحه!

ضجت الأخبار بانتخابات الإدارة المحلية في سوريا وكأنها أول مرة يجري فيها هذا “العرس”، وبينما يضج موقع الإدارة المحلية بعناوين من قبيل “معاني الانتخابات النزاهة والكفاءة، “إقبال جماهيري على صناديق الاقتراع “، “إقبال نساء محافظة السويداء” ,  تبدو الحقيقة مشككة في الكثير من القضايا المرتبطة بنزاهة هذه الانتخابات، خاصةً أن الحكومة رشحت قائمة “الوحدة الوطنية” التي تفوز آلياً (فازت قائمة الوحدة عبر التزكية في كل محافظتي الرقة والحسكة دون وجود انتخابات في المحافظتين)  وفيما أعلنت لجنة تلقي الترشيحات  عدم ورود أي طلب للترشح من محافظة درعا، تعنون وزارة الإدارة المحلية في موقعها “إقبال حاشد على الانتخابات في محافظة درعا” , فمن انتخب الدرعاويون الذين لم يرشحوا أحداً؟

إن لقائمة الوحدة الوطنية حكاية تشبه حكاية الانتخابات التي كان ينظمها أبو عنتر في قاووشه، فهي إما أن تفوز آلياً وبالتزكية أو أن تفوز بالغصب حين تكون هي المرشح الوحيد، (يحق لقائمة الوحدة سبعين بالمئة من المقاعد فيما يُترك الهامش الـ “ديمقراطي” لـ ثلاثين بالمئة فقط من المستقلين) وإذا ما علمت أن قائمة الوحدة تضم أكثر من خمسين بالمئة من الـ”بعثيين” علمت سبب هذه الـ “سلبطة الديمقراطية ” .

بالعودة إلى القانون والدستور السوري “المفترض” لا يوجد أي إشارة إلى ضرورة وجود أو حتمية وجود “قائمة الوحدة الوطنية” فإذاً ترشحها هكذا على شكل قائمة (فرض عين) “غير دستوري”، لا ينص قانون الإدارة المحلية او الدستور السوري على أن تُـفرض قائمة ويفرض نسبة عدد المقاعد المخصصة لها أبداً (تم تعديل قانون الإدارة المحلية عدة مرات آخرها كان عام 2011 بالمرسوم التشريعي رقم 107) فمن أين جاءت أحقيتها بهذه الـ 70 % ؟!

بالبحث عن مصدر القرار الذي أصدر نسبة السبعين في المئة المخصصة للوحدة الوطنية نجد أول خبر إعلامي يصدر عن موقع وزارة الإدارة المحلية الرسمي ” كشف محمد شعبان عزوز عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي رئيس مكتبي العمال والفلاحين القطري، عن تخصيص 70 بالمئة من مقاعد الإدارة المحلية لقائمة الوحدة الوطنية و30 بالمئة للمستقلين.” فما الوجه القانوني أو الدستوري الذي أعطى الـ “عزوز” صلاحية إصدار القرار؟!

من الجدير بالذكر أنه لم يسجل في تاريخ سوريا أو في انتخابات سورية حصلت على عهد البعث خلال أربعين عاما ونيف أي عملية تزوير أو شكوى ضد أي انتخابات حصلت، بينما في سابقة من نوعها في سوريا تم الإعلان عن مخالفة للانتخابات في اللاذقية في المركز رقم 212 في حديقة الفرسان وتم إلغاء نتائجه وإعادتها تحت عنوان “النزاهة أهم شي” لتعود قائمة الوحدة للتصدر “ديمقراطياً”.

كل هذا الضجيج من أجل انتخابات الإدارة المحلية أثار في ّ الفضول لمعرفة ما هي صلاحيات تلك المجالس؟ هل تستحق كل هذا التضخيم الإعلامي؟ هل تستحق كل هذا التزوير “الديمقراطي” عبر فرض قائمة الوحدة الوطنية؟

وبعد الكثير من البحث (الذي لم يكن سهلاً أبداً) وجدت أن صلاحيات مجالس الإدارة المحلية  تقتصر على  الأمور الخدمية المتعلقة بالمنطقة  التابعة لها ولا تملك أي صلاحية سياسية  إذاً لماذا أقحمت أسماء الحزبيين أصلاً؟ ما علاقة السياسي بالخدمي؟ ثم طالما أن الصلاحيات مقتصرة على الخدميات لماذا هذا الإصرار على إقحامهم أيضاً؟ هل تخشى الحكومة إلى هذه الدرجة من وصول مستقلين إلى مركز قرار من “يفتح شارعا أو ينير طريقاً؟”

ختاماً:

لا تفتأ أجهزة الإعلام الحكومية على تصوير كل عملية انتخابات على أنها “عرس” ديمقراطي كبير … وهذا جعلني أفكر في البعد النفسي الحقيقي وراء كلمة الـ “عرس” هذه:

 أولا: بعد كل عرس هناك “ليلة دخلة”.

ثانيا: معظم الأعراس في هذا البلد تقوم بالدَين وأهل العريس ينتقدون العروس وأهل العروس ينتقدون أهل العريس ولا أحد راضٍ ولكن الجميع عليه أن يبدو سعيداً.

ثالثا: معظم الأعراس تقوم على “الجكر” فالجميع يريدون عُرساً ضخماً مزيناً ومزركشاً إما ليجاكر عشيقته السابقة أو أولاد عمومته أو جيرانه حتى لو لم يكن سعيدا بكل ما يحصل وفي غالب الأوقات لا يكون سعيداً.

رابعاً: معظم من يرقص في العرس يرقص من باب الواجب .. “إنو عيب ما يرقص” كي لا يحرج نفسه أو يبدو مغتاظاً

خامساً :  الصيغة غالبا تكون مزورة وغرضها فقط الإظهار ” فالصو”  وفق اللفظة الشعبية

سادسا: كثيرا ما تكون العروس غير راضية وقد تزوجت من أجل الـ “سترة” فقط لا أكثر ولا تجمعها بالعريس أي حالة عشق شاذة على مبدأ “ظل راجل ولا ظل حيطة” .

وهكذا نجد هذا التلاحم ” العضوي” والـ “وظيفي” بين العرس الديمقراطي والعرس العادي .. هذا التلاحم الذي تؤكد دوما الحكومة على وجوده ..  والسلام.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *