أخبار

جبهة النصرة في ادلب .. حليفة النظام السوري في إدلب

 

لم يكن مصطفى الخالد (22عاما) يتوقع أن تسريحة شعره المميزة ستدخله سجون النصرة لأكثر من عشرة أيام متواصلة ، تعرض فيها لمختلف الضغوط الجسدية والنفسية .

مصطفى وغيره الكثيرون من الشباب والفتيات راحوا يعانون مؤخرا من التضييق عليهم من إحدى الأذرع الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام والمسماة بسواعد الخير،حتى أجمع الكثيرين بأن ممارسات النصرة تلك لا تختلف عن ممارسات نظام الأسد حين راح يضيق الأهالي ويكبت الحريات .

مصطفى طالب في جامعة إدلب، يروي تفاصيل ما حدث معه فيقول لأنا إنسان” بينما كنت أمشي في الطريق المؤدي إلى الجامعة وإذ بسيارة خرج منها اربعة ملثمين لم أعرفهم سوى من الشارات الموجودة على ملابسهم التي تدل على أنهم فريق من سواعد الخير، كان أن إقتادوني إلى السجن حيث بدأت الهواجس والأسئلة تدور في رأسي، ماهي تهمتي فأنا لم أفعل شيئا”، كان هذا وضع مصطفى حتى اليوم الرابع ويتابع ماجرى بعدها قائلا ” جلست أمام المحقق وبدء يسألني عن تسريحة شعري وحينها علمت السبب ، وبدأ الأخير يأنبني على حلاقتي وأنها من المحرمات ويجب أن أعفي لحيتي ولا أحلقها ،ومن ثم إقتادوني إلى السجن حيث أتممت ستة أيام بالإضافة للأربعة الماضية ليصبح عدد الأيام التي قضيتها في سجن النصرة عشرة أيام دون أي ذنب اقترفته”.

سواعد الخير مجموعة من المقاتلين التابعين لهيئة تحرير الشام وهو اسم جديد أطلقته الهيئة على فرع ”الحسبة”التابع لها والذي ينشط في مدينة إدلب وأريافها، وكان اسمها سابقا هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتسعى الهيئة من وراء ذراعها هذا إلى بسط نفوذها على حركة المدنيين وتطبيق قوانينها الخاصة على أهالي محافظة إدلب .

الناشط الإعلامي أنس جمعة يشرح لأنا إنسان بأن الأهالي” مستائين كثيرا جراء تصرفات سواعد الخير التي استهدفت صالونات الحلاقة ومحلات الألبسة والمحلات التجارية والأسواق وحتى المشافي في المنطقة” ويذهب الجمعة للقول بان الخوف بات في الآونة الأخيرة أن تسلم النصرة مناطق ادلب وريفها للنظام بعد استعدادات الأخير لاجتياح إدلب، وما بعث الأهالي على تلك التخوفات هو قيام النصرة بتسليم النظام وحلفائه مناطق شرق السكة والتي ضمت مطار أبو ضهور والخوين وغيرها من المناطق يناير الماضي ،وهو ما دعى لاعتقاد الكثيرين بأن النصرة تعد حليفة للأسد وذراعه الخفي في المنطقة.

مصعب الخليق (32 عاما) أحد حلاقي مدينة إدلب يقول ”بينما كنت أعمل في الصالون فوجئت بدخول ثمانية مسلحين ملثمين إلى المحل ومعهم شاب كنت قد سرحت له شعره منذ مدة قصيرة من الزمن، فسألوني هل أنت من حلق القزع للشاب؟ فأجبتهم بنعم، وحينها قال لي أحدهم ،ألا تعلم أن القزع حرام يجب أن تذهب معنا للمحكمة” وبعد مشادات كلامية رفعو في وجه الخليق السلاح ما أجبره على الذهاب معهم للقاضي ، وهناك سأله “كيف تحلق القزع، فأجبته أنني أقص للزبون شعره حسبما يريد هو لا كما أريد أنا، فخييرت بين السجن ستة أيام وبين دفع ضريبة مالية قدرها 2000 ليرة سورية فدفعت الضريبة ووقعت على تعهد خطي بعدم حلق القزع وعدم حلق اللحية ومن ثم أطلقو سراحي”.

لم تقتصر ممارسات سواعد الخير على الشباب فهناك لجنة نسائية تابعة لهم يمارسون الضغوط على الفتيات والنساء .

مريم الأخرس( 20عاما) طالبة في جامعة إدلب تقول ” دخلت مجموعة من النساء اللواتي يتبعن لسواعد الخير إلى الجامعة وبدأن بتأنيب الفتيات لأنهن لايرتدين اللباس الشرعي اي (الخمار)ومن ثم أتت إلي إحداهن وبدأت بتوبيخي ولومي، فحدثت بيني وبينها مشادات كلامية انتهت بتهديدي بالإعتقال، ففضلت أن ألبس الخمار على أن أدخل السجن، مع أنني أكره إرتدائه فإنه يشعرني بالضيق ولا أستطيع الرؤية الواضحة من خلاله ”.

حتى منظمات المجتمع المدني لم تسلم من تسلط هؤلاء ،إذ أن مجموعات سواعد الخير اعتقلت سبعة من سائقي باصات النقل الداخلي التابعيين لمنظمة بنفسج وذلك بحجة إختلاط النساء والرجال أثناء عملية النقل الداخلي في إدلب، لتطلق سراحهم فيما بعد عقب إصدار بعض المنظمات والجمعيات بيانا إستنكرت فيه هذا” التصرف الأعمى” .

وحول الموضوع تقول المهندسة ماجدة منتقدة ”بهذا التصرف حرموا الناس من الإستفادة من الباصات ، وخاصة في ظل الظروف الحالية ،فأسعار النقل عالية نظرا لغلاء المحروقات وأوضاع الناس المادية سيئة بسبب الفقر والغاء والنزوح، حيث حرم الأطفال من خدمات تلك الباصات التي كانت تساعدهم في نقلهم إلى مدارسهم والموظفين إلى مناطق عملهم فهي كانت تخدم شريحة واسعة من المجتمع ” .

وكذلك عمدت سواعد الخير إلى نشر حواجز أمنية تابعة لها على مداخل ومخارج مدينة إدلب من أجل مصادرة الدخان والتبغ والأراكيل ، واعتقال الذين يتعاملون بهذه البضائع ، ما أدى إلى انقطاع هذه الأشياء عن المدينة، وحول الموضوع يروي محمد الحموي ماحدث معه ” كنت أعمل في بيع الدخان وكانت هذه المهنة مصدر رزقي الوحيد، تساعدني بتأمين قوت يومي ويوم عائلتي غير أن مجموعة من سواعد الخير قاموا بتخريب المحل وحرق محتوياته ،ليس ذلك وحسب وإنما اقتادوني للإعتقال لمدة عشرين يوم ودفعت غرامة مالية وصلت ل25 الف ليرة سورية ليطلقو سراحي ”.

لم يقتصر عمل سواعد الخير ومضايقاتها على ما تم ذكره فقد طالت ممارساتهم المشافي والمراكز الطبية فعمدوا إلى إقتحام المشافي وإجبار الممرضات على لبس اللباس الشرعي .

خديجة العمر (25 عام)ممرضة في إحدى مستشفيات إدلب تؤكد لأنا إنسان بأن  بعض الملثمين دخلوا المشفى وبدأوا بالتعرض للكادر الطبي بألفاظ سيئة وتهديدات بالسجن بسبب عمل الممرضات والممرضين بنفس الكادر فهذا على حد تعبيرهم” إختلاط ”.

وكان أن علقت مديرية صحة إدلب عملها لأكثر من أسبوع نتيجة التدخلات السافرة على المراكز الطبية.

وبينما يتعرض السكان إلى ضغط الإجتياح من قبل النظام والإستهداف المباشر لهم من طيرانه الحربي، تضغط قوات النصرة على الأرض لتحول حياتهم جحيما، وكأنها تسعى لإرساء نفوذ النظام وبطشه في المنطقة،في إشارة لمساندتها له واتباعها لنهجه وعلى كل المستويات، والسؤال الذي يطرح نفسه، هل ينقص السوريون اشكال جديدة للمعاناة.

هنادي درويش – إدلب – خاص أنا إنسان 

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *