أخبار

جذور إيران بدير الزور..ترويض الحاضر بهدف المستقبل!

 حسام محمد

يمكن اعتبار النظام الحالي في سوريا، بالنسبة لحليفيه روسيا وإيران، كالرقعة المخصصة للاعبي الشطرنج يختار كل طرف المربعات الأفضل للتقدم وتثبيت قواعد اللعب، فتدخل موسكو وطهران بهذا الثقل العسكري والسياسي لصالح الأسد، هدفه اقتصادي وديني بالدرجة الأولى، ويليهما جعل سوريا مسرحاً وورقة يتم استخدامها في المعادلات الدولية.

قبل الثورة السورية بأعوام، وخاصة في عامي 2006 و2007، كان النشاط الإيراني بتزايد مستمر في البلاد، من بناء حسينيات في المحافظات، ومشاريع اقتصادية هنا وهناك بهدف التقرب من الحاضنة الشعبية قبل التوغل فيها، فكانت دير الزور عاصمة الشرق السوري، أحد الأهداف الإيرانية قبل الانتفاضة ضد الأسد وبعدها.

تؤكد العديد من المصادر المطلعة عن كثب في دير الزور، قيام طهران ببناء أضرحة وحسينيات في أرياف دير الزور، وانشاء جمعيات بغايات دينية ظاهرها خدمي واجتماعي، مستغلة بذلك سطوتها العسكرية بداية، ومن ثم تحكمها الواسع بمفاصل الدولة السورية، وآخرها الفقر والحالة الاجتماعية السائدة بين الأهالي.

من المراكز الدينية المشيدة مؤخراً في دير الزور، ضريح “دموع الحسين” بمنطقة “عين علي” بريف المحافظة الشرقي، بالإضافة إلى حسينيات وأضرحة متعددة الأسماء في ريف البوكمال، وكذلك ضريح “أبو عابد” داخل مدينة الزور، ، وأن الهدف من وراء ذلك، هو التذرع بهذه الأضرحة المزعومة للبقاء في المنطقة في المرحلة المقبلة.

أما بالنسبة للمنظمات والجمعيات الإيرانية الفاعلة في ذات المنطقة، فتعد أهم تلك الفعاليات “منظمة جهاد البناء”، والتي تمتلك العديد من المكاتب الموزعة على امتداد المدن الرئيسية بريف محافظة دير الزور الشرقي، حيث تنشط الميليشيات الطائفية الإيرانية.

تعمل “الجهاد للبناء” على شراء المنازل السورية، وخاصة تلك العائدة لابناء المحافظة المهجرين داخل سوريا وخارجها، ومن ثم تقوم بوهب تلك المنازل للمقاتلين الغير سوريين بهدف تمهيد الطريق أمامهم لجلب عائلاتهم والاستيطان في دير الزور.

هيمنة كاملة

لم يقف النشاط الإيراني عند هذا الحد من السياسة المنسقة في الحاضر السوري، بل تعداه إلى بناء مركز ثقافي داخل مدينة دير الزور، تحديداً في “حي القصور”، ضمن المناطق التي ينتشر فيها النظام السوري والميليشيات الرديفة له، ويعمل هذا المركز على تقديم منح للسوريين الراغبين باستكمال دراستهم في طهران، حيث تم إرسال العديد من الدفعات حتى اليوم إلى إيران.

لإيران أيضاً، نشاطات متنوعة في دير الزور، حيث يمكنك أن تجدها بأي جانب اجتماعي يحتاجه الإنسان السوري، فسياستها تقضي بإستمالة السوريين بأكبر قدر مستطاع، مستخدمة لذلك الخدمات الصحية كـ “العيادات الطبية، المشافي، المدارس” وغيرهم، إذ تسمح للمدنيين بإرتياد كل ما سبق بشكل مجاني، حتى في كأس العالم الأخير، كانت إيران بقوة، من خلال نصب شاشات كبيرة في ساحات المحافظة.

المياه الدافئة..هدف مراد

مصدر محلي مطلع، قال لـ “أنا إنسان”: سياسة طهران في شرق سوريا، تحظى بإهتمام كبار رجال الدولة الإيرانية، فما يجري اليوم يحقق لهم الهلال المنشود، من خلال ربط ثلاث دول عربية بعاصمتها، تنتج من خلالهم هلالها الشيعي، مما يمهد لها الطريق لتحقيق الغاية الأهم، وهي الوصول إلى المياه الدافئة في البحر الأبيض المتوسط.

جيوب طائفية..وثقوب اجتماعية

ويضيف المصدر، الذي فضل حجب اسمه، الغاية الأبرز لدى ساسة طهران اليوم، هي الإمساك بالحدود السورية –العراقية بشكل محكم من الجانبين، فهي مفتاح متعدد الأبواب سياسياً وعسكرياً حتى على الصعيد المدني، من خلاله تستطيع تغيير خارطة شرق سوريا ضمن مناطق نفوذها، وتخلط أوراق الحاضر تمهيداً لهدفها المنشود في المستقبل من خلال بناء حاضنة شعبية تلبي غاياتها، وتساعدها على التمدد أكثر في مواجهة التحديات الدولية والأهداف الخاصة بمشاريعها، فهذه الجيوب لا يمكن الشعور بالوقت الراهن بمدى خطورتها على النسيج السوري، بسبب حالة البعثرة الكبيرة في الملف السوري، ولكن عندما تستتب الأوضاع سيجد السوريين أن كل شيء قد اختلف، وبأنهم أمام واقع خطير يحمل في جعبته تحديات بالغة الحساسية، فما تفعله إيران لا علاقة له بالتعايش بس هو ضخ واقع جديد داخل نسيج اجتماعي اقترب من الانهيار الكلي بسبب سياسة النظام السوري وحليفيه روسيا وإيران.

سوريا..جبهة إيرانية

ويقول عضو شبكة فرات بوست “صهيب جابر” لـ “أنا إنسان”: بالطبع، الهدف من هذه التحركات المشبوهة هو التغيير الديمغرافي على عدة مستويات ووفق عدة سياسات في دير الزور، وقد ضاعفت إيران من نشاطاتها في هذا المجال بعد يقينها بأنها ستقصى من المعادلة السورية، ووجود ضغوط دولية بهذا الاتجاه.

إذ تسعى لتوطيد تواجدها المتعدد الوجهات في سباق مع الزمن، حتى أن أوامرها للميليشيات الموالية لها تقضي بطمس معالم المنطقة، ودفن الهوية السورية بعد التخلص من سكانها، سواء بإتباع أدوات التهجير، أو بتفريغها من الشباب السوري عبر المنح الدراسية إلى أراضيها، أو التشييع مستغلة لتحقيق ذلك الفقر، واعتمادها على سلاح الضخ المالي لاكتساب ذلك، والحديث هنا لذات المصدر.

سرقة ألفي سوري!

فقد قارب عدد السوريين المتشيعين في ديرالزور لصالح المشروع الإيراني ألفي شخص، لكن نسبة كبيرة منهم لم يتشيعو عن قناعة، بل بدوافع وإغراءات مادية –بحسب جابر”، لكن وبعد جميع المحاولات لم تستطع طهران جلب الكثير من المتشيعين، وحتى من تشيع سيتخلى عن ولائه لأن ولاء مبني على المادة والعوز، ونوه إلى أن روسيا، اكتفت بمراقبة الوضع.

ويعتقد “جابر”، بعدم جدية هذه الخطوات من الناحية العملية لإيران تكون هذه الخطوات، فقد اقتربت النهاية، والفترة المقبلة ستشهد خروج الميليشيات الطائفية بعد توافق جميع الدول المتحكمة في الوضع السوري على إقصاء إيران من المنطقة، بالإضافة إلى أن جميع عقود تملك العقارات وحتى التي زورها نظام الأسد لمساعدة الميليشيات، تعتبر لاغية بموجب القوانين المنصوص عليها محلياً ودولياً لاندراجها ضمن إطار “التغيير الديموغرافي”، حتى الممتلكات والعقارات التي تحولت ملكيتها لعناصر الميليشيات الإيرانية ستعاد لأصحابها، لأن هذه العقود تعتبر لاغية من الناحية القانونية لأن هدفها التغيير الديموغرافي المحظور وفق ما ورد في نظام روما الإنساني لـ المحكمة الجنائية الدولية.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *