أخبار

“جذور السويداء”…بناء سوريا في زمن الحرب

ريان محمد – السويداء – خاص أنا قصة إنسان 

طوال عقود مضت.. لم يعرف  السوريون معنى العمل المدني، فكل المجتمع كان مصهوراً ببوتقة الحزب الواحد عبر منظمات ظاهرها مدني، لكن ممارساتها كانت تخدم الحزب المهيمن على الدولة بكامل تفاصيله، إلى أن بدأ الحراك الشعبي السلمي في سوريا في آذار  عام 2011.

مما اقتضى وجود عمل مدني بمفهومه الحقيقي بعيداً عن الهيمنة السياسية أو الحكومية، وإن تجسد ذلك  بأشكال بسيطة سواء على صعيد  العمل الإغاثي أو الطبي أو التعليمي، مفتقرة للاستراتيجيات التنموية، مكتفية بأن تكون ردة فعل على الاحتياجات المجتمعية.  واليوم ..وبعد نحو خمس سنوات ,اضمحل الحراك الشعبي السلمي، ليحل مكانه الصراع المسلح الدموي ونمو الإرهاب بكافة أشكاله، تطور العمل المدني بشكل ملحوظ في جميع الأراضي السورية، لكن يبقى الفارق الوحيد هو مساحة العمل وهيمنة الجانب المسلح إن كان في مناطق المعارضة أو النظام.

جذور 4ومن فرق العمل المدني التي أصبح عمرها اليوم نحو ثلاثة أعوام، ومازالت تحاول العمل في مناطق النظام خدمة لمن تبقى من المجتمع، هو فريق “جذور السويداء”، في مدينة السويداء جنوب سوريا، وهو مكون من مجموعة من الشباب والصبايا، المؤمنين بأن مسؤولية الحفاظ على المستقبل وبناء الغد المستقر يقع على عاتق أبناء المجتمع، بعيداً عن الصراعات السياسية والعسكرية، فلا معنى لأي صراع إذا خسرنا المجتمع الذي هو أساس الوطن.

وقال منسق فريق “جذور السويداء” الناشط والمحامي أيهم عزام، لـ”أنا إنسان” : “تتوفر في مجتمعنا الإمكانات البشرية من متطوعين ومشاركين بالأنشطة وبشكل جيد، ولقد استطعنا رغم العمر القصير للفريق من جذب عدد جيد من الشباب الفاعل والمبادر” . وأضاف :  “لكن يبقى المعوق الأكبر أمام تلبية طموحات فرق العمل المدني هو ضعف الموارد المالية بشكل كبير، إضافة إلى صعوبة إقامة دورات منهجية لتأهيل كوادر تستطيع رسم خطة منهجية لعملنا، تكون متوسطة المدى لسنة أو أكثر، في حين مازلنا نستطيع وضع برامج قصيرة لعدة أسابيع” .

ولفت إلى أن “وجود شباب ملتزم ومنتمي لهذا الخط المدني، يدفعنا للعمل الحثيث على تطوير بعضنا البعض من خلال البحث وإقامة ورشات محلية غير مكلفة ولكنها في ذات الوقت غير احترافية، يضاف إلى ذلك عدم فهم مؤسسات الدولة لعملنا وعدم منحنا التسهيلات اللازمة، لأسباب كالترخيص ومخاوف أمنية وإضافة إلى الواقع السياسي في البلد ومحاولة زيادة السيطرة على كامل مفاصل العمل في الشأن العام ومنه العمل المدني، وغيرها الكثير”.

جذور 3وفيما يخص تقبل المجتمع المحلي للعمل المدني ونشاط جذور السويداء، قال عزام عن فريقه :”استطعنا بفترة قصيرة أن ننتج أثراً فعالاً في المجتمع، من خلال القاعدة الشعبية وشبكة العلاقات التي بنيناها، وهذا بسبب كثافة الأنشطة والمبادرات، إضافة إلى استهدافنا لشرائح مختلفة، عبر الأنشطة الثقافية والأدبية، التي لاقت إقبالا واستحسانا بنسبة عالية ,ولفت إلى أن “فريق جذور السويداء “عمل بجد لتكريس ثقافة  اللا عنف والمواطنة والسلام، مما أبرز هويته وأحدث تغييراً ملموساً بالثقافة المجمعية، لكن ماتزال أوضاع المجتمع الاقتصادية المتدهورة، تجعل الأنشطة التي تستهدف مساعدة المحتاجين عن طريق التكافل الاجتماعي، مثل مبادرة دفتر وقلم، التي وزعنا من خلالها قرطاسية على عدد كبير من الأطفال، هي الأكثر قبولاً وإعجابا لدى المجتمع”.

ويتابع “هذا ينعكس على مفهوم التنمية، الذي يمثل صلب عملنا، حيث أنه مازال غير واضح بالنسبة لشريحة واسعة من المجتمع، وهذا يتطلب عملاً مضاعفاً ووقتاً أطول برأيي .

جذور 2ويرى الناشط المدني أن فريق “جذور السويداء “استطاع إحداث تغيير واضح بالمجتمع وثقافته، من خلال التزامه بمبادئ العمل المدني، فكانوا مورد سلام يجمع كافة شرائح المجتمع على مفاهيم وقيم مجتمعية سامية رغم الانقسام الحاصل، بالإضافة إلى استقطابهم وتأهيلهم لكوادر انغمست وتبنت الفكر المدني وبرأيه ستصل لأن تكون قيادات مجتمعية بارزة وسيكون لها دور مهم في بناء وطنها وقيادة عملية التنمية في سوريا”.

وحول تبني العمل المدني من جهات ذات حيثيات سياسية أو اقتصادية لتأمين غطاء يحمي عملهم، قال : “أتوقع أن هذا الأمر يقيد عملنا، لأنه في حال تم تبنينا من جهة ما فسنتحول للعمل وفق أهدافها، أما  اليوم ففريقنا هو فضاء مفتوح للتفكير في كل ما يخدم بناء مجتمعنا”.

وعن آليات عملهم وتنفيذ نشاطاتهم، قال :”نحن إلى اليوم نعمل على مبدأ الإخطار، فنعلن عن أي نشاط أو فعالية قبل وقت من تنفيذها ، وننفذ النشاط وخلال فترة الاعلان إذا تعرضنا للمضايقات أو طلب منا وقف النشاط، للأسف نوقفه..”

 ويتحدث عزام عن احتياجاتهم قائلا: ” إننا نحتاج للتشبيك أكثر مع مؤسسات مانحة ولإقامة تدريبات ومشاريع كبيرة تكسب الأعضاء خبرات، كما نحتاج من المؤسسات الرسمية فهم عملنا وتقدير قيمته وتسهيل إنجازه، لأنه عمل يسعى لبناء مواطن فعال قادر على المشاركة في بناء وطنه”.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *