أخبار

حبوب الكبتاغون المخدرة تنتشر بين الشباب في مناطق شمال غرب سوريا

محمد السامر (اسم مستعار) شاب من ريف إدلب الجنوبي يبحث بشكل يومي عن تاجر جديد من أجل شراء كمية من الحبوب المخدرة بعد اعتقال التاجر القديم أثناء تهريبه للكميات في مناطق سيطرة النظام حيث بدأت قصة محمد مع الحبوب المخدرة منذ 3 أعوام سابقة.

ويقول لموقع (أنا إنسان): “خلال الأسبوع أقوم بتناول حبتين من الكبتاعون، حيث أن كل يومين أخذ نصف حبة تساعدني على السهر حتى الصباح، وتمنحني المزاج الجيد بالإضافة إلى البقاء نشيطاً، وتساعد إلى عدم الاكتراث بالوضع الحالي من الفقر والحرب”.

ويضيف السامر أن: “في الليلة الواحدة قد أحتاج إلى ما يعادل 3 علب من الدخان عندما أتناول الحبة، لأنها تجعل الشخص يدخن بشراهة، في حين أنه بعد انتهاء مفعولها صباحاً تجعل الشخص الذي يأخذها يشعر بالضيق والدوران بالإضافة إلى عدم شهيته على الأكل بشكل كامل لمدة يوم، حيث أنها تساعد على إنقاص الوزن بشكل كبير”..

 

بعد مرور ما يقارب 8 أعوام على الثورة السورية؛ بدأت الجوانب السلبية للحرب السورية تظهر في المجتمع وخصوصا فئة الشباب؛ نتيجة للبطالة والظروف المعيشية الصعبة، بدأت تنتشر حبوب الكبتاغون المخدرة بين الشبان في عدد كبير من المناطق المحررة؛ حيث تعمل هذه الحبوب على تعديل المزاج للشخص بالإضافة إلى منحها ساعات أكبر في السهر وعدم النوم.

وقد انتشرت ظاهرة الحبوب المخدرة في عام 2015 بشكل بسيط بين السكان المحليين في حين بدأت تنشط بشكل كبير في عام 2018 ومع بداية 2019 حتى بات بيع الظروف المخدرة والحبوب ينتشر بشكل علني بين الناس، وتباع في الصيدليات دون وجود مراقبة من الفصائل أو الجهات المسؤولة من الشرطة الحرة أو حكومة الإنقاذ.

وقد أدى انتشار الحبوب المخدرة في المناطق المحررة إلى تنامي حالات الإصابات في انسداد الشرايين وخصوصاً الكبار بالعمر، حيث تم إسعاف شخصين من ريف إدلب الجنوبي بعد إصابتهما بجلطة دماغية، نتيجة إفراطهم في تناول الحبوب حيث أن أحدهم قد تناول 5 حبات مخدرة في يوم واحد، في حين أن المتعاطي تبدأ تظهر كدمات تحت عيونه ويبدأ وزنه بالتناقص نتيجة انقطاع شهيته عن الطعام.

 

من جهته يقول زاهر عمار وهو (اسم مستعار) لأحد الأشخاص المتعاطين من ريف إدلب ويقول بأن: “استعمال هذه الحبوب لمنح مزيد من المزاج الجيد في ظل الحرب التي امتدت ل 8 سنوات، بالإضافة إلى البطالة التي يعاني منها أغلب الشباب، لذلك فأن هذه الحبوب تعتبر أبراً مسكنة لطبقة الشباب من أجل تناسي الأوضاع الصعبة”.

ويوضح عمار أن: “بعض الأشخاص يستعملون الحبوب في حفلات الطرب التي تجري في البيوت من أجل صنع جو من الفرح، في حين أن الفئة الأكثر تناولاً لهذه الحبوب هي مقاتلي الفصائل لأن بعض قادة الكتائب في الفصائل تقوم بشراء طرود من الحبوب، لإعطائه لمقاتليها من أجل بقائهم في يقظة تامة على نقاط الرباط لمدة 24 ساعة”.

 

من جهته يقول أبو عمر (اسم مستعار) أحد تجار حبوب الكبتاغون في المناطق المحررة ويقول أن: “معظم مصانع حبوب الكبتاغون في سوريا تنتشر بمنطقة القلمون الغربي وتل كلخ والقصير، إضافة لريف حمص ووادي بردى، وهذه المناطق خاضعة لميليشيات مرتبطة بحزب الله اللبناني، وتأتمر بأمره، وتُعتبر هذه المناطق متاخمة لمناطق حزب الله داخل لبنان”.

ويضيف أبو عمر أنه: ” أسعار الحبوب تتراوح في الأسواق بين 300 ليرة حتى ألف ليرة سورية، وذلك بحسب جودتها حيث أن أغلب الشبان يستعملون الحبوب الرخيصة والتي لا يكون مفعولها قوياً، حيث أن الحبوب الأكثر غلاءاً تدوم فعاليتها لساعات أطول وأضرارها الجانبية تعتبر أقل نوعاً ما”.

 

وتعتبر حبوب الكبتاغون عبارة عن مادة محضرة كيميائياً على شكل حبوب، واسمها العلمي (الفنيثيلين)، وبات يستعملها الشباب بشكل كبير الأمر الذي أصبح يهدد جيلا كاملا، وخصوصاً أن الحبوب تؤدي إلى حدوث هلوسة في السمع والبصر، كما أنّها تحدث اضطراباً في حواس الإنسان، وانفصام في الشخصية، بالإضافة إلى جنون العظمة، وقد تؤدي إلى الوفاة في حالة التناول المفرط.

 

ويقول الصيدلاني مصعب العمر أن: “بعض الصيدليات باتت تبيع المواد المخدرة للمدمنين مقابل حصولهم على أموال مضاعفة، وخصوصاً الصيدليات التي تم افتتاحها دون وجود صيدلي فيها أو ما بات يسمى بالدكاكين الطبية التي تصرف الدواء المخدر بدون وصفة طبية من الطبيب”.

ويضيف بأن: “كثير من الشبان فقد أهاليهم السيطرة عليهم بسبب إدمانهم على الحبوب، حيث ذهب البعض إلى بيع أثاث منزلهم من أجل تأمين سعر الحبوب، وخصوصاً أن المدمن قد يحتاج إلى تناول أكثر من حبة مع بعضها وزيادة الجرعة الدوائية مع بقائه مدمناً لفترة أطول”.

 

وفي 15-7-2017 ضبطت القوى الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام، خلية اتجار وترويج للمواد المخدرة، في ريف إدلب الشمالي، حيث تمكنت بعد أكثر من أربع أشهر من المتابعة من كشف خلايا لترويج المخدرات والاتجار بها في منطقة الدانا شمالي إدلب، حيث قامت بملاحقتهم واعتقال ثلاث تجار و4 مروجين ومتعاطين للمواد المخدرة وضبطت 20 كغ و10 آلاف حبة بحوزتهم.

 

ويقول ملهم الأحمد وهو وزير الداخلية في حكومة الإنقاذ وهي السلطة الوحيدة في المناطق المحررة بعد سيطرة تحرير الشام أنه: “تقوم حكومة الإنقاذ في المناطق المحررة متمثلة بوزارة الداخلية بالتصدي لظاهرة انتشار الحبوب المخدرة والمواد المخدرة بشكل كامل، وفي هذه الفترة انتشرت هذه الأنواع من المخدرات ولا سيما موضوع التعاطي”.

ويضيف الأحمد أن: “كما تم ضبط ثلاثة عشر حالة متفرقة عن طريق مخافر الشرطة التابعة لحكومة الإنقاذ وضبط حالة اتجار واحدة، طبعاً المواد المخدرة التي يتم ضبطها تحال إلى القضاء أصولاً ويتم إتلافها في القضاء، حيث أن المناطق التي تم مصادرة المخدرات فيها وإلقاء القبض على المتعاطين والمتاجرين هي المدن الكبرى والمناطق الحدودية”.

 

ويختم الأحمد أن: “المصدر الرئيسي للحبوب مناطق سيطرة النظام الذي يسعى بشتى الوسائل لزعزعة الأمن والاستقرار في هذه المناطق المحررة عن طريق ضخ كميات كبيرة من الحبوب المخدرة إلى هذه المناطق”.

وأخيراً قام عدد من النشطاء في المناطق المحررة بإطلاق حملة (كفى للمخدرات) وهي حملة تطوعية والتي تهدف للمساهمة في مساعدة المجتمع للتخلص من الظواهر السلبية، والحد من انتشار المواد المخدرة وتوعية المجتمع بخطورة الإدمان، وذلك من خلال إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي وتوزيع مناشير توعوية.

 

أحمد العكلة – أنا إنسان

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *