أخبار

دار طائفة الموحدين الدروز … لمساعدة كل السوريين

رواد بلان – السويداء – خاص أنا إنسان 

“عين الزمان” مقام ديني مقدس لدى طائفة الموحدين الدروز في مدينة السويداء وهو يحتضن كذلك دار الطائفة، وما أن تدخل من بوابته الرئيسية حتى تلحظ حركة نشطة لأبناء الطائفة وغيرهم من طوائف أخرى، وفي الفترة الأخيرة تحولت هذه الدار إلى مركز مجتمعي يقدّم خدمات صحيّة وإغاثية تخفف عن ألاف المحتاجين شهرياً.

على باب المركز الصحي في عين الزمان ينتظر الكثير دورهم فهذا يحتاج لمعاينة طبية وذلك ينتظر صرف وصفته الدوائية فجميع خدمات المركز مجانية.

احدى العيادات في دار الطائفة

العم أبو عدنان (اسم مستعار) في الستين من عمره يحتاج إلى عملية قلب مفتوح بشكل مستعجل، وقد ساعده المكتب على تأمين موعد قريب في إحدى المشافي الاختصاصية بدمشق إضافة إلى تأمين جزء من تكاليف العملية، فضلاً عما لاقاه من حسن معاملة من الكادر الطبي والإداري.

أما أمامديرة المركز (نادية البحري) إجازة جامعية في العلوم الطبيعية، تكرّسُ وقتها للعمل التطوعي بعد عودتها من الاغتراب الذي دام لعدة سنوات، تقول: “هذه حالة من عشرات الحالات التي تحتاج إلى عمل جراحي مستعجل ولا تستطيع الانتظار على الدور في المشافي العامة، وفي الوقت ذاته تعاني من سوء الوضع المادي”.

لافتةً إلى أن “المركز يتواصل مع المشافي والأطباء والمخابر، حيث نحصل على التخفيضات فالكثير من الأطباء يجرون العمليات بشكل مجاني”.

ولفتت إلى أنه “في ظل ازدياد الحالات الصحية المحتاجة إلى المساعدة وقلة الإمكانيات مقارنة بالاحتياجات، تراجعت قدرتنا على تقديم المساعدة كما نتمنى، وخاصة في إجراء العمليات الجراحية التي نحاول الإسهام بتغطية نفقاتها، فليس لدينا الإمكانية لتغطيتها بشكل كامل بالإضافة إلى تأمين الأدوية، ونتوقع أن تكون نفقات المركز لعام 2018 أكبر من عام 2017 حيث زادت نفقاته عن 14 مليون ليرة سورية”.

يعملُ في هذا المركز بشكل تطوعي 35 طبيباً من اختصاصات متنوعة، إضافة إلى 9 متطوعات يشرفن على المسائل الإدارية واللوجستية ويقمن جميعاً على تقديم مختلف الخدمات لأكثر من 1200 حالة أسبوعياً مقسمين على ثلاثة أيام، حيث يطمح المتطوعون إلى إقامة مشاريع تنموية تعود بفائدتها على المركز مما يزيد من إمكانياتهم، كما أنهم يعملون على توسيعه واستكمال باقي التجهيزات، وقريباً سيكون في المركز عيادة عينية بعد أن تقدم أحد المتبرعين بالتجهيزات اللازمة”.

مركز توزيع الادوية المجانية في دار الطائفة

وفي صيدلية المركز يبدو إيقاع العمل سريعاً جداً، حيث يحاول أربعة متطوعين أن يجمعوا الوصفات الطبية من المرضى المنتظرين على الباب ليصرفوها لهم، الصيدلاني (مضر الشاطر) وهو متطوع في صيدلية المركز، يقول: “الصيدلية توزع الأدوية يوماً واحداً في الأسبوع وهو يوم الإثنين، حيث تحتوي على مختلف أنواع الأدوية الوطنية أما الأدوية الأجنبية وأدوية أمراض السرطان فغالباً ليست متوفرة، بسبب ارتفاع أسعارها، وبالرغم من صعوبة الحصول عليها نقوم بتسجيل الأسماء المحتاجة للدواء بشدة ونسعى لتأمينه عبر العينات المجانية التي تقدمها شركات الأدوية، وما لا نستطيع تأمينه عن طريق العينات نقوم بشرائه من التبرعات، لكننا حتى اليوم لم نستطع تغطية مرضى الأمراض المزمنة طوال الشهر، وغالباً ما نؤمن 75% من احتياجاتهم، وخاصة أننا نصرف أسبوعيا نحو 400 وصفة مع أننا نعمل بجهد كبير ونسعى إلى وضع نظام الأتمتة في العمل ليزيد التنظيم في وضع مواعيد محددة لصرف وصفات الأمراض المزمنة”.

 

“باب التطوع مفتوح لكل من لديه رغبة بمساعدة الناس ورؤيتهم بخير” هكذا قالت المتطوعة في المكتب الصحي سامية عزيز، وتابعت: ” أنا أعمل كمتطوعة في العمل الإنساني منذ نحو 14 سنة، حيث عملنا لسنوات قبل الأزمة على توزيع المساعدات، ومع حدوث الأزمة زادت الحاجة وارتفع التوزيع من 25 حصة لأكثر من 3 ألاف حصة، فنحن نعمل في المركز منذ 4 سنوات بشكل متواصل”.

وتحدث الشيخ (أسامة رشيد) رئيس القسم المالي في المركز، لـ”أنا إنسان”، قائلا ” يوجد ضغط عمل كبير في القسم المالي فهو المسؤول عن العملية المالية في عين الزمان كمقر لدار الطائفة ومركز مجتمعي إنساني وأوضح أن تمويل جميع الأعمال الإنسانية التي يقوم بها مكتب الصحة ومكتب الإغاثة وغيرها من الأعمال، من وقف مدينة السويداء إضافة إلى ما يصل إليه من تبرعات مع أنها خجولة بشكل عام مقارنة بالاحتياجات”.

ولفت إلى أن المحتاجين يقصدون المكتب يومياً، ونحن نحاول ألا نرد أحداً بما يتوفر لدينا من قدرة، ففي العام الماضي مثلا أنفقنا أكثر من 23 مليون ليرة سورية في الأعمال الإنسانية، حيث لا يوجد واردات ثابتة”.

يحصلُ 200 شخص على مساعدات مالية شهرية إضافة إلى المساعدات المالية الطارئة والمعونات الصحية والتي يستفيد منها عشرات الأشخاص شهرياً بالإضافة إلى أننا نقدم مساعدات لنقاط منظمة الهلال الأحمر، فالأمر يزداد صعوبة خصوصاً مع ازدياد موجة النزوح إلى مدينة السويداء.

 

بدوره، قال مدير المكتب الاعلامي في دار طائفة الموحدين الدروز في السويداء المهندس رشاد أبو سعدة، لـ”أنا إنسان”، إن “العنوان العريض هو دار الطائفة بمرجعيتها الروحية والدينية في مقام عين الزمان عليه السلام، حيث تقوم بدور مجتمعي إنساني كبير، ومع تردي الوضع الاقتصادي والانساني خلال السنوات الأخيرة، قررت مشيخة العقل التدخل بدور اجتماعي إنساني إيجابي يتكامل ويدعم مؤسسات الدولة، وكثف العمل برعاية شيخ العقل يوسف جربوع، بتشكيل فريق للعمل لجنة العمل الخيري، وقامت بتقديم العديد من الخدامات، وشكل فريق دعم مجتمعي أصبح عضو باللجنة الفرعية للإغاثة في المحافظة، إضافة إلى التعاون مع عدة منظمات كالهلال الأحمر ودوليا كمنظمة الهجرة والمفوضية الدولية لشؤون اللاجئين وغيرها من المنظمات، فأصبح وجود هذا الفرق نشط في ساحة المحافظة وأصبح مقصد من قبل المجتمع”.

وتابع “وسرعان ما تشكل المكتب الصحي كرديف للجنة العمل الخيري، حيث كان هناك حاجة لدى شريحة واسعة من المجتمع للرعاية الصحية، وشكل أيضا برنامج التكافل ودعم المرأة، وهناك أيضا في عين الزمان تطلعات ثقافية تنويرية وتوعية، حيث نعوم بإنجاز المرحلة الأخيرة من إنجاز بناء مكتبة نور التوحيد التي ستتسع لـ7 ألاف كتاب، إضافة إلى وجود قاعدة اجتماعات”.

ولفت إلى أن “دار الطائفة ترعى المجتمع وتعمل على ضمان تماسك الأسرة، عبر توثيق عقود الزواج الدينية لجميع أبنائنا، حيث لحظت مشيخة العقل ضياع المجتمع باتجاه الحفاظ على شكل مؤسسة الزواج، فمثلا هناك حالة تسيب في المجتمع اتجاه خدمة العلم، حيث يعيق ذلك الشبب من تسجيل زواجهم في المحكمة المذهبية، وبالرغم من أن عدم الخدمة العسكرية شيء سلبي، لكن الأكثر سلبية هو وجود أسر غير مسجلة بشكل قانوني ما يهدد بضياع النسب والحقوق وارد، وعليه قامة المؤسسة الدينية بتسجيل عقود الزواج للحفاظ على الانساب وحقوق المرأة والأسرة، وتوثيقها لتكون مستند يعتمد في المحاكم القانونية كوثيقة متفق عليها بين الطرفين”.

وأضاف “كما تقدم دار الطائفة خدمة مجتمعية مهمة هي الحفاظ على السلم الأهلي عبر حل النزاعات المحلية، لتخفيف التوترات المجتمعية بين الأفراد والعائلات على أسس القانون الاجتماعي والعشائري والعرف والتقاليد، المتوافقة مع القانون في محاولة للتدخل الإيجاب الداعم للحفاظ على السلم الأهلي، حيث هناك يوميا عشرات حالات النزاع يتم العمل على حلها على أسس مجتمعية، في ظل تدهور الوضع الأمني وتغييب لدور القانون في ردع المخلين بالقانون، حيث هناك قصور في تحصين استقرار المحافظة، وإن كان هناك جهود مشكورة يتم بذلها من الجهات المعنية لكن العمل عليه هو ليس كافي باعتقادنا”.

ولفت إلى أن “هناك نوعا ما تنسيق وتعاون في المجال الإغاثي مع مؤسسات الدولة، وحبذا لو كان هناك تعاون أكبر وخاصة في قطاع الصحة، مع عدم تقليلنا للدور الذي يقوم به، نتمنى لو كان هناك تنسيق بشكال أكبر للتخفيف من تكاليف إجراء العمليات في المشافي الخاصة، ونحن نعمل بشكل جدي لخلق حالة تشاركية مع مؤسسات الدولة لتغطية حاجات المجتمع المتزايدة”.

وبين أن هناك “تحديات كثيرة قد يكون أكبرها هو تغطية نفقات العمل الانساني، وقد تأثر المجتمع اقتصاديا بشكل كبير ما أثر سلبا على تمويل صناديق الوقف الممولة للعمل الانساني، وذلك بالتزامن مع عدم وجود تكامل بين أوقاف مناطق السويداء التي في مجملها مناطقي”.

وأعرب عن رغبتهم في “الحصول على دعم من المنظمات الدولية، وخاصة بعد سنوات عصيبة، تحتاج إلى حلول لحماية المجتمع وخاصة الشباب، إضافة إلى التعاون من قوى المجتمع ومؤسسات الدولة، للوصول إلى الأفضل، وهذا يتطلب دعم معنوي ومادي، وهذا مقترن مع طرح مشيخة العقل تطرح مشاريع تنموية يمكن أن يكون الوقف شريك بها ما يؤمن إنفاقه الخيري، لكن لليوم يبدو أن البيئة العامة في البلد لا تشجع على الاستثمار بالرغم من السويداء لم تشهد أحداث أمنية تذكر، عبر إرادة أهلها”.

يشار إلى أن محافظة السويداء، بالرغم من أنها لم تشهد صراعات عسكرية وأحداث أمنية تذكر، إلا أنها تتحمل الكثير من أعباء الحرب الاجتماعية والاقتصادية إضافة إلى الفوضة الأمنية، في وقت استضافت فيه أكثر من 18 ألف عائلة لجأت إليها هرباً من الصراعات المسلحة الدائرة في مناطقهم.

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *