أخبار

شهادات من اطفال ادلب عن تجنيدهم لدى الفصائل المسلحة

مرح العبدو – ادلب – خاص أنا إنسان 

التحق أمجد(١٤عاما) بمعسكرات النصرة دون قناعة منه بمايفعله ، غير أن كل ما يعرفه بأن مادفعه لذلك دون تردد هو الحصول على بعض المال للإنفاق على نفسه بعد أن فقد والده أثناء القصف على مدينته كفرنبل أواخر عام ٢٠١٦ .

يقول أمجد موضحا ما مر به من ظروف صعبة لأنا إنسان ”بحثت طويلا عن عمل علي أستطيع من خلاله الإنفاق على نفسي وأمي وأخوتي الذين أضنتهم الفاقة والعوز ،غير أن الأمر لم يكن بتلك البساطة، فمعظم أصحاب المحلات والورش رفضوا تشغيلي لصغر سني ولكوني لا أمتلك أي خبرة في العمل ،الأمر الذي دفعني للبحث عن وسيلة أخرى ”ويضيف أنه لم يجد أمامه سوى الإلتحاق بمعسكرات النصرة بغية الحصول على راتب شهري ومعونة غذائية سوف تساعده على تدبير أموره وأمور عائلته المزرية على حد وصفه .

أمجد اليوم واحد من عناصر جبهة النصرة يخرج مع الأخيرة إلى الرباط والقتال ضمن الصفوف الأمامية مع عشرات الأطفال غيره، وذلك بعد أن خضعوا لدورة شرعية ودورة تدريب على السلاح مدتها شهر .

منذ انتقلت الثورة إلى العمل المسلح أواخر عام ٢٠١١ وقعت إنتهاكات جسيمة للقانون الدولي تتحمل معظم الأطراف المتصارعة في سوريا المسؤولية عنها، وهي التي تجلت بشكل واضح بتجنيد الأطفال دون سن (١٨ عاما) للقتال على الجبهات ما جعلهم عرضة للقتل بشكل كبير ، حيث لا يوجد تقدير دقيق لعدد الأطفال الذين شاركوا في النزاع ،ولكن حتى أيار ٢٠١٤ وثق مركز توثيق الإنتهاكات في سوريا، مقتل ١٩٤ طفلا مجندا .

إن كان أمجد إلتحق بمعسكرات النصرة من أجل الحصول على المال فإن السبب الذي دفع برائد( ١٥ عاما) للتجنيد هو رغبته بالقتال والسبب كمايبينه هو ”الإنتقام من النظام الذي قتل والدي وإثنين من أخوتي أثناء قصف طائراته الحربية لمدينتنا معرة النعمان، والدي كان رجلا بسيطا يبيع الخضار وسط السوق ويساعده أخوي ليستطيع الإنفاق علينا ، ولكن النظام الظالم لم يرحم المدنيين وقتلهم بكل وحشية فلما لا ننضم لصفوف المقاتلين ضده وننتقم منه لما فعله بنا على مدى سنين الثورة من قتل وقصف وتشريد ” لا يتردد رائد بالمشاركة بكافة المعارك التي تقودها النصرة على الجبهات ضد النظام فقد حضر حتى اللحظة أكثر من ٢٥ معركة واستطاع أن يخرج منها سالما ، أما أحمد (١٦عاما) فلم يكن كذلك  حيث قتل أثناء معاركه الأولى ضد النظام بعد أن استهدف براجماته على جبهات القتال وحول ألم فقدانه تحدثنا والدته أم أحمد الأربعينية بغصة ” نعم لقد فقدت ولدي أحمد الذي كان مندفعا لقتال النظام ، لم أستطع إقناعه بالتراجع عما يفعله، على الأقل ريثما يكبر قليلا ويصبح أكثر قوة ووعيا ”وصمتت قليلا لتتابع بحزن” كان يردد دائما بأنه يحمي نفسه وعائلته، فالجميع رحلو للدول الأوربية وتركونا نواجه مصيرنا المحتوم هنا إن لم نرابط ونقاتل وندافع عن أنفسنا ضد النظام المجرم من سيحمينا”.

يلتحق المراهقون بالفصائل المقاتلة بطرق مختلفة وتتنوع طرق استجرارهم بإختلاف القوات المسيطرة جغرافيا على المناطق إذ ليس بالضرورة الحصول على موافقة الأهل لتطوع الطفل المراهق، يكفي له التوجه لأي مقر فصيل ويتطوع .

أيمن الدندوش (١٦عاما) يتحدث لأنا إنسان عن دوافعه للتجنيد وهي تتعلق بأسباب مادية ،كما أن التعليم شبه متوقف ولم يعد هناك دراسة أو عمل، ويضاف إلى ذلك

تشجيع إخوته المقاتلين له بالإنضمام لإحدى الفصائل وهو ما جرى فعلا .

تعددت الفصائل التي تسعى لتجنيد الأطفال في ريف إدلب وأهمها جبهة النصرة التي تطلق حملات تجنيد بين الحين والآخر لإستقطاب أكبر عدد من الشباب واليافعين للقتال في صفوفها وذلك عبر وسائل متعددة ومنها ندوات شرعية في المساجد وتتضمن مسابقات وجوائز ، وعبر وسائل التواصل الإجتماعي، وحملات تطلق عليها أسم إنفرو وغيرها من الوسائل ،وقد إستطاعت تجنيد عدد كبير من الأطفال خلال حملاتها تلك ، وهنالك حركة أحرار الشام التي لاتتوانى عن تجنيد الأطفال ،الأمر نفسه بالنسبة للمناطق التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية داعش والتي تتواصل مع الأطفال عن طريق المكاتب الدعوية وتقوم بغسل أدمغتهم وإشباعها بالإيديولوجيا الجهادية وجذبهم للإنضمام للتنظيم دون أن يتجرأ أحد الأهالي على رفض إنضمام أولادهم إليها ، ومن يرفض سيعاقب بالسجن أو إقامة الحد عليه كونه خارج عن الدولة ،هذا مايؤكده أحد أهالي الرقة النازحين إلى إدلب ويدعى أبو خالد. .

لم يقتصر تجنيد الأطفال في ريف إدلب على التنظيمات الإسلامية وإنما قامت بعض فصائل الجيش الحر بتجنيدهم أيضا ومنها فرسان الحق ، فيلق الشام ،جيش العزة وغيرها وإن كانت نسبة تجنيدهم للمراهقين بنسب أقل.

تستخدم فصائل المعارضة المسلحة الأطفال الصغار لأغراض غير قتالية في بداية الأمر كالطبخ وأعمال التنظيف في المقرات العسكرية، ثم يخضعونهم لتدريبات ودورات عسكرية، ليرسلوهم بعدها إلى مناطق الإشتباكات أو حتى لتنفيذ مهام إنتحارية بحال كان الفصيل العسكري متطرفا .

ويبقى إعادة تأهيل أولئك الأطفال أمر بالغ التعقيد إذ يفتقروا بالدرجة الأولى إلى الشعور بالأمان وإلى مدارس قادرة على تأمين شهادات علمية مفيدة ومهمة لهم في المستقبل ، إضافة لبدائل كمصادر دخل و تأمين معيشة الأطفال وعائلاتهم ، في حين يبقى هذا الأمر صعب المنال وسط حرب لا هوادة فيها لم ترحم صغيرا أو كبيرا.

 

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *