أخبار

طلاب سوريون برعاية الائتلاف السوري… على حافة الهاوية

 

عمر بكار – خاص ” أنا قصة إنسان” 

طائفة من الطلّاب على حافة الهاوية لا يدرون متى يسقطون…عالقون بين مطرقة الحكومات وسندان عقارب الوقت، بعد أن كانوا في بلدهم الأم سورية يعدّون أحلامهم على نارٍ هادئةٍ لا يستعجلون نضوجها …مطمئنين …مؤمنين بلقائها في آخرِ المطافِ، وفجأةً ودون أي سابق إنذار، خرجت صرخة تنادي بالحرية … وقامت الثورة، ونزح منهم من نزح إلى البلاد الإقليمية الأقرب إليهم (لبنان، الأردن، تركيا).

عندما نزحوا لم يحملوا همَّ توقفهم عن الدّراسة في بادئ الأمر، ولكن عندما طالت المدّة قليلاً … أصبحوا يبحثون عن بديلٍ تعليمي يواصلون به بناء أحلامهم المنشودة و المنتَظَرة، فبعضهم التحق بصفوف المدارس الرسمية في بلد اللجوء، والبعض الآخر آثَر العمل على الدّراسة لمساعدة أهله في تكبّد مصاريف الحياة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشون فيها إلى أن يصبح بمقدوره مواصلة تعليمه… فالقسم الأول من الطلاب “أقصد هنا الذين التحقوا بالمدارس الرسمية في دول اللجوء ومنها لبنان” ،بعد أن سجلوا في هذه الصفوف بذلوا قصارى جهدهم في التحصيل العلمي والنجاح , ولكن اختلاف المنهج الدراسي الذي كان قد اعتادوا عليه في بلادهم  العائق الكبير أمامهم، ناهيك عن العائق الذي لا يقل أهمية عن الأول ألا وهو صعوبة بل استحالة استكمال الأوراق المطلوبة لإتمام عملية التسجيل في امتحانات الشهادة الإعدادية والثانوية الرسمية , هذا إن استطاعوا الوصول إلى مرحلة ما قبل الامتحانات , بسبب حالة الحرب التي تدور رحاها في سورية وتدمير المدارس التي توجد فيها هذه الأوراق أو تحويلها إلى مراكز اعتقال أو ثكنات عسكرية ، فالكثير الكثير من هؤلاء الطلاب قد تركوا المدارس الرسمية اللبنانية وقطعوا حبل الأمل منها وانصرفوا إلى الانتظار .

طلاب 2 ذات يوم تناقل اللاجئون أخبار تفيد بأن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية قد أسَّس هيئات تعليمية وطنية في لبنان وظيفتها إقامة مدارس تدرّس المنهج السوري بأساتذة سوريين من بين اللاجئين وتنظيم امتحانات في نهاية كل سنة، وفعلاً… أُقيمت المدارس وتدافع آلاف الطلبة إلى التسجيل بها، والتزموا في هذه المدارس بكل نشاطٍ وجديّة غيرَ مدركين لما ينتظرهم أو إذا صحَّ القول ما سوف يصطدمون به.

وقبل فترة الامتحانات بقليل، بدأت التساؤلات تدورُ بين الطلاب عن كيفية إجراء الامتحانات وكان السؤال الأكثر انتشاراً وشيوعاً: “أين سوف نجري الامتحانات؟”.

 مجموعة من المسؤولين كانوا يصرِّحون للطلاب أن تقديم الامتحانات سوف يكون داخل سورية في منطقة حدودية قريبة كي يستطيع الطالب أخذ شهادة نظامية معترف بها، ولكن مجموعة أخرى من المسؤولين رفضت هذه الفكرة وبشدة خوفاً على الطلاب من الوقوع في براثن الاعتقال أو حتى احتمال الموت بالإضافة إلى أن الطلّاب رفضوا أيضاً فكرة الذهاب إلى سورية.

طلاب 3 بعد ذلك صدر قرار من قِبل المسؤولين بالأكثرية بإجراء الامتحانات في مراكز تربوية لبنانية، وبُوشِر العمل على قدمٍ وساق لإجراء هذه الامتحانات وكان الحرص على أن تكون على درجة عالية من الشفافية والنزاهة كي تكون ورقة قوة في يد المسؤولين في طريق تأمين الاعتراف بهذه الشهادات من قِبَل الدولة اللبنانية… وفعلاً امتلأت القاعات وغصَّت بالطلّاب وسارت على أكمل وجه …

انتهت الامتحانات وبدأ الطلاب يهيّئون أنفسهم للنتائج واستلام الشهادات، وفي أثناء هذا الوقت أجريت الكثير من المفاوضات مع وزارة التربية اللبنانية لتأمين الاعتراف، وأُعطِيَت الكثير من الوعود للمسؤولين من قِبَل شخصيات لها وزنها في الحكومة اللبنانية، ولكن للأسف تلك المفاوضات والطلبات ما آتت أكلها، كذلك الوعود نُكِلَت جميعها.

 روت إشراق قصتها، وهي طالبة سورية حصلت على هذه الشهادة في مدينة طرابلس اللبنانية بعد أن سمعت عن مدارس تدرّس المنهج السوري، فسارعت للالتحاق بإحدى هذه المدارس وقالت: “إن الصدمة الكبرى كانت عندما عرفت بعدم رسمية الشهادة وعدم اعتراف الدولة اللبنانية بها”، فيما قالت سيرين وهي طالبة أجرت امتحاناتها في مدينة عرسال الحدودية أنهم تلقّوا وعوداً كثيرة بالاعتراف بشهادتهم في حال أثبتت الامتحانات النزاهة والمصداقية، وصرَّحت قائلة : “كان يخال لنا أن أبواب الجامعات ستفتح أمامنا، ولكن اكتشفنا أننا غير مرحب بنا” .

طلابفيما قال بعض المسؤولين لهم: “يمكنكم الدراسة في تركيا فهو البلد الوحيد الذي يعترف بهذه الشهادة”، ولكن! من منهم يستطيع السافر إلى تركيّا وترك أهله وعائلته؟ ومن يستطيع تحمل تلك الأعباء أو من يملك جواز سفر يستطيع من خلاله السفر؟

 مضت السنوات وهؤلاء الطلّاب لا يستطيعون الدراسة ، عالقون على ناصية الحلم ، مشلولي الحركة ، يعانون الأمرّين عندما يرون طلاباً آخرين لا يزيدون عنهم عمرياً قد وصلوا إلى أعلى المراتب في الجامعات بشهاداتهم الصادرة عن النظام في سورية ، وكلّنا نعرف أن الامتحانات التي كانت تجرى في سورية في الآونة الأخيرة انعدمت منها صفات النزاهة والشفافية ، عندما أصبح المراقبون يغششون الطلاب ويقدمون لهم الأجوبة في القاعات ، وبعد كل ذلك يحصل الطلاب على شهادات نظامية بواسطتها يستطيعون الدخول إلى أي جامعة في العالم ، في حين الطلاب الذين أجروا الامتحانات برعاية الائتلاف الوطني السوري في بلاد اللجوء المجاورة بكل صدق واجتهاد ومثابرة، لا يحصلون سوى على شهادة تافهة لا قيمة لها .

 نامت القضية… ولم يعد أحد يلتفت لهؤلاء الطلاب، لا حكومات ولا شعوب، ولا حتى الائتلاف الذي أوقعهم في هذه الورطة والذي كان حريّ به أن يبحث عن حل لهذه المشكلة الذي خلقها.

وبالنسبة للطلّاب الذين لا يستطيعون إكمال دراستهم لا بسبب الشهادات غير المعترف بها، بل بالعكس هم يملكون شهادات رسمية من النظام أثناء الفترة التي سبقت الثورة، ولكن عقبتهم الأساسية هي عدم قدرتهم على تحمّل تكاليف تعليمهم الجامعيّ حتى وإن استطاعوا تأمين منحة كاملة من إحدى الجمعيات فهم لا يستطيعون ترك عملهم لاستكمال الدراسة، بسبب اعتماد عائلاتهم عليهم لتأمين لقمة العيش في هذه الأيام الصعبة التي يمرّون بها.

 قد أشاح بوجهه عنهم كل من رآهم أو عرفهم، لكنهم على الرغم من ذلك لم يملوا ولم يفقدوا الأمل في انتظار الشيء الجميل لإيمانهم بقدومه…

ما استحضر في ذهني قول الشاعر الكبير محمود درويش: “نفعلُ ما يفعلُ السجناء وما يفعلُ العاطلونَ عن العمل … نربّي الأمل.

التعليقات: 1

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *

  1. انا درست بأحد المدارس في لبنان وللأسف حتى شهادة ماعطونا وانا هلق حتى مابقدر كفي دراستي لأني مامعي شهادة تاسع