أخبار

كيف يصفّي «النظام» المصالحين في الجنوب؟

 

 

وَثّق مكتب توثيقِ الشهداء في درعا 84 عملية ومحاولةَ اغتيال منذ بدء عملية التسوية وحتى لحظة كتابة هذا التقرير بتاريخ 13 يونيو/حزيران، حيث قضى أربعةٌ وخمسون شخصاً في مناطقَ مختلفة من ريف درعا الغربي أكثرها بالترتيب مدينة طفس واليادودة ونوى ودرعا البلد ونصيب والحارة وداعل، ومن بين القتلى قضى 18 مدنيّا بحسب إدارة مكتب التوثيق إذ «أنّ هؤلاء المدنيين لم يكونوا مستهدفين بالاغتيال، وإنما صودف تواجدُهم مع أشخاص مستهدفة أو في مواقع الاغتيالات، واعتمدت العمليات على الاستهداف بالرصاص باستثناء عمليتي تفجير، أولها قُتل فيها أحدُ رموز بصر الحرير (الشيخ موسى العديل الحريري) حيث تم زرع عبوة لاصقة بدراجته وتم تفجيرها بعد أدائه لصلاة التراويح أدت إلى استشهاده، والثانية اغتيال مزيد إبراهيم أبازيد وأحمد رضوان الفالوجي وهم عناصر سابقون في الجيش الحر، وأخرى كانت قتلاً بالزرنيخ السام وهذا مالم يحدث من قبل وكان المستهدف في هذه العملية محمد محمود اليونس الحريري وهو قائد ميداني سابق في الجيش الحر».

نسب الناشط الإعلامي حسان العبدالله هذه العمليات إلى الوعد الذي أطلقه جميل الحسن رئيس إدارة المخابرات الجوية السّورية، وتوعد به كل من له يد بقتال النظام سابقا حين قال: «أنا لا أنسى ثأري في درعا»، وأضاف حسان أن هذه العمليات تنفذها مخابراتُ الأسد وإيران التي شكّلت مؤخرا عدد من الخلايا السرية في أغلب القرى والمدن الخاضعة لعملية التسوية، وشدّد على أن هذه العمليات والاغتيالات عادةً لاتبقى دون ردّ حيث تم استهداف عملاء لنظام الأسد وإيران من أبرزهم خالد اللطفية أحد أعضاء اللجنة المركزية المكلفة بالتفاوض مع الروس، وهو من المساهمين بتسليم مدينة نوى للمحتل الروسي ويعمل حاليا مع المخابرات الجوية، ويُذكر أن المدعو كان القائد العسكري العام لفرقة أحرار نوى سابقاً، و محمد الإبراهيم من منطقة كويا أحد أهم عملاء المخابرات الجوية في حوض اليرموك، ومحمد أحمد البردان من مدينة طفس أحد المنتسبين للفرقة الرابعة، وهذه العمليات نُسِبت للمقاومة الشعبية في حوران من خلال منشورات على صفحتها الرسمية في فيس بوك.

وأوضح القائمون على مكتب توثيق الشهداء في درعا أن الاغتيالاتُ لم تكن الهاجس الأكثر خطورةً على الأهالي والعسكريين، وإنما كان التخوّف الأكبر من الاعتقالات التعسفية حيث تم توثيق اعتقال أكثر من 700 شخص حتى هذه اللحظة منهم من تم تصفيتُه ومنهم من لم يُعلم مصيرُه حتى اليوم والقليل من تم إخلاءُ سبيلِهم.

وفي حديث خاص مع باسل غزاوي أحد إعلاميي درعا البارزين ذكر أن ما لديه من معلومات حول قضايا الاغتيال تكمن في التفاصيل التالية «يقوم الأمن العسكري بتجنيد مجموعاتٍ تتبع بشكل مباشر لرئيس الفرع “لؤي العلي”، ومن ثم يتم تزويدُ هذه المجموعات بأسماء لشخصيات محسوبة على أفرع أمنية أخرى، وغالبية الأسماء التي يزود “لؤي العلي” بها للمجموعات هم من المنتسبين للفرقة الرابعة والمخابرات الجوية حديثاً من الجيش الحر سابقاً، وبعد أشهر من القيام بعملية الاغتيال لأحدهم تخرج تسريبات من شخصيات بالأمن العسكري لكل من المخابرات الجوية والفرقة الرابعة لتقوم مجموعات يشرف عليها “محمد العيسى”، وهو مقدم بالفرقة الرابعة بتنفيذ عمليات جديدة فتبقى العمليات حتى هذا اليوم بمثابة تصفية حسابات بين الضباط لقتل أكبر عدد من هذه المجموعات»، وأضاف الغزاوي  «هناك شخصيات كانت محسوبة على جيش خالد المبايع لتنظيم داعش، بعد التسوية انتسبوا للنظام ويتوزعون على كل من الأمن العسكري والمخابرات الجوية، وهذه المعلومات لا أُنكر من خلالها وجود المقاومة الشعبية والثلة من الصادقين الذين يقضون مضجع ضباط النظام، إلا أن أكثر العمليات تكمن كما قلت سابقاً في تصفية حسابات وتُنسب الى المقاومة الشعبية».

يذكر أن العمليات والقتل العشوائي يتجدد توثيقُه كل ساعة، وخلال فترة إعداد هذا التقرير تم تنفيذُ عمليتين لقادة سابقين في الجيش الحر باءتا بالفشل حيث حاول مجهولون اغتيالَ الناطق باسم فصيل جيش الثورة سابقاً، أبو بكر الحسن، في مدينة جاسم شمال درعا، من خلال وضع عبوة ناسفة تم اكتشافُها وتفجيرها عن بعد من قبل عناصرَ مقرّبين من الحسن تزامنت مع محاولة لاغتيال أبو هزاع  قائد الفرقة الأولى مشاة سابقاً من بلدة ممتنة في محافظة القنيطرة قضى خلالها أخوه ولاذ هو بالفرار، وبعدها بيوم اغتال مجهولون محمد عبد الرحيم الغانم المعروف باسم أبو المجد بإطلاق النار عليه ما أسفر عن مقتله، وكان الغانم قد عمل مؤخراً فيما تُسمى بـ جمعية محبي القائد الخالد المرتبطة بإيران، وسبق أن تعرّض لمحاولات اغتيال بعد تقربه من نظام الأسد عقب السيطرة على المحافظة في تموز 2018.

وكانت مليشيات تابعة للحرس الثوري الإيراني قامت بتأسيس مركز دراسات غربي درعا، مطلع العام الحالي، لجمع معلومات عن أشخاص في الجنوب عملوا في مجال الإعلام والتوثيق والإغاثة خلال الأعوام السابقة، وزاد على ذلك منع  قوات الأسد لأهالي الشهداء من أبناء محافظة درعا الذين قضوا في معارك الشمال السوري ضد قوات الأسد من إقامة خيم العزاء لهم في العديد من قرى وبلدات محافظة درعا، حيث تم توثيقُ ارتقاءِ أكثر من 20 مقاتلًا من أبناء محافظتي درعا والقنيطرة في المعارك الدائرة ضد قوات الأسد في ريفي إدلب وحماة منذ بدء الحملة العسكرية عليهما.

 

أمير القاسم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *