أخبار
القبضة الأمنية بعد دخول النظام إلى الغوطة تواصل انتقامها من المدنيين (عن الانترنت).

مصادرة المنازل عقوبة الأفرع الأمنية لسكان الغوطة

“لم يكتف نظام الأسد بتهجيرنا، بل يواصل عمليات الانتقام منا عبر مصادرة منازلنا”، بهذه الكلمات بدأ الناشط الإعلامي قيس الحسن والمهجر من مدينة دوما في الغوطة الشرقية إلى الشمال السوري، حديثه لـ “أنا إنسان”.

وفي التفاصيل، روى الحسن نقلا عن أقارب له في الغوطة الشرقية، عن “تعرض منازل أهالي هجروا عنها في مدينة حرستا وبلدات مديرة ومسرابا، وفي مناطق القابون وبرزة وجوبر، للمصادرة”.

وبطل تلك الانتهاكات كما يروي الحسن هي “الأفرع الأمنية كفرع المخابرات الجوية وفرع الخطيب والأمن السياسي، التي تبسط سيطرتها على تلك المناطق، والتي تصول وتجول وترتكب الانتهاكات التي لم يسلم منها لا البشر ولا الحجر”.

يقول الحسن إن “أكثر من 76 منزلا تمت مصادرتها، بحجة أن أهلها نازحون عنها ولن يعودوا إليها، أو بحجة أنها تتبع لشخصيات معارضة للأسد، والهدف في النهاية هو إسكان عائلات عناصر تلك الأفرع الأمنية فيها”.

وكانت قوات نظام الأسد المدعومة من ميليشيات إيرانية على الأرض وبغطاء جوي روسي، من السيطرة على الغوطة الشرقية في شهر نيسان/أبريل 2018، بحملة عسكرية شرسة خلفت آلاف الضحايا وأكثر من 60 ألف مهجر رافض للتسوية مع حكومة الأسد.

إلا أن مفاجآت واجهت من حاول العودة إلى منزله في مدن وبلدات الغوطة الشرقية مجبرا ومكرها على إجراء تسوية مع النظام، وذلك للتخلص من العيش في مراكز الإيواء التي أنشأتها حكومة النظام والتي تفتقر لأدنى مقومات الحياة، حتى أن بعضهم وصفها بأنها “معتقل تمارس فيه أبشع الانتهاكات، على صعيد الحالة الصحية والمعيشية”، ومنهم الناشط الإعلامي سراج الشامي أحد المهجرين للشمال والذي نقل أيضا عن أقارب له في المنطقة تلك التطورات.

 

خيانة الوطن وتمويل الإرهاب

وبالعودة إلى مسألة مصادرة قوات أمن النظام منازل أهالي الغوطة الشرقية، ذكر مركز الغوطة الإعلامي والذي يغطي أبرز الأحداث في تلك المناطق عبر مصادره الخاصة أن “من يشرف على عملية مصادرة المنازل هو العميد هشام من الأمن السياسي، وقد راج اسمه بعد التهديد والوعيد لأصحاب تلك المنازل التي تمت مصادرتها بشكل مخالف لقرار محكمة الإرهاب الذي سرب عام 2017، والذي ينص على تجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة لبعض الشخصيات المعارضة للنظام”.

وأضاف المركز أن “عملية المصادرة شملت منازل مدنيين تربطهم صلة قرابة مع مطلوبين للنظام أبناء كانوا أو إخوة أو قادة في الجيش الحر، رغم وجود قرار ينص على مصادرة أملاك المطلوبين فقط”.

وأكد مركز الغوطة الإعلامي أن “أكثر من 100 عقار في مدينة كفربطنا و50 عقار في سقبا قد تمت مصادرتها من قبل تلك الأطراف”.

تلك المعلومات أكدها لـ “أنا إنسان” الناشط الإعلامي أحمد الدمشقي والمهجر أيضا من الغوطة الشرقية للشمال السوري، إلا أنه حصل على بعض التفاصيل من بعض لأقارب له في المنطقة هناك.

وقال الدمشقي، إن ” قوات الأمن صادرت 6 منازل في بلدة الشيفونية، وتلك المنازل تعود لقادة سابقين في المعارضة السورية العسكرية أو لأشخاص قيل إنهم من المطلوبين لنظام”.

وتابع بالقول، إن “قوات الأمن أيضا أوعزت للأهالي في عدد من البلدات في الغوطة الشرقية، بأن كل منزل صاحبه مهجر للشمال السوري يمنع بيعه أو شرائه، وأن من تهمته خيانة الوطن وتمويل الإرهابيين ستتم مصادرة أملاكه”.

 

مصادرة أملاك

تحاول حكومة نظام الأسد ومن خلفها الأفرع الأمنية شرعنة مصادرتها لأملاك المهجرين والنازحين واللاجئين من خلال قوانين ومراسيم تفصلها على مقاسها ومنها القانون رقم 10 لعام 2018، والذي يقضي بالسماح بإنشاء مناطق تنظيمية في جميع أنحاء سوريا بحجة إعادة الإعمار، الأمر الذي رأى فيه حقوقيون أنه شرعنة لسرقة ممتلكات المدنيين.

عضو هيئة القانونيين السوريين الأحرار المحامي عبد الناصر حوشان قال لـ ” أنا إنسان”: إن “النظام عادة ما يلجأ لمعاقبة معارضيه منذ استيلائه على السلطة في عهد حافظ الأسد، بالاستيلاء على أموالهم المنقولة وغير المنقولة عبر الأحكام القضائية إذ كانت تصدر فقرة خاصة بمصادرة أملاك المحكوم عليه المنقولة وغير المنقولة، وعبر عمليات الاستيلاء للنفع العام، وأيضا عبر القرارات الإدارية من الوحدات الإدارية والاستملاك”.

كما تتم تلك المعاقبة من خلال “أوامر عسكرية من مكتب الأمن القومي أو من قادة الفروع الأمنية أو ضباطه، وهذا ما يفعله الأمن السياسي في ريف دمشق”.

وأضاف حوشان أنه “في العام الماضي صدر القانون رقم 10 الذي كان ذريعة للاستيلاء على أملاك المعارضين في مناطق عدة في دمشق وريفها، كما تلجأ وزارة المالية ايضا بإلقاء الحجوزات على الأملاك المنقولة وغير المنقولة”.

 

مصادرة في حماة

وكشف حوشان عن أن تلك الأفرع الأمنية استولت أيضا على عدة منازل في حماة وقال ” وردتني من فترة معلومات أن الأمن قام بالاستيلاء على عدة منازل في حمص وحماة ووزعها على ضباطه”، وأضاف أن  ” 20 منزلا تمت مصادرتها في مدينة حماة على يد الأفرع الأمنية، بينما من حمص لم تردني أي احصائية أو حتى من ريف دمشق”.

وتابع بالقول، أن “المشكلة تكمن في أن أغلب الناس لا تتعاون معنا على أمل تسوية أوضاعها، لذلك من الصعب إحصاء عدد المنازل التي تمت مصادرتها، لذلك وفي حماة لولا الثقة بيني وبين مصادرنا لم يجرؤ أحد على إثارة الموضوع”.

وتحاول حكومة نظام الأسد التعتيم على ما يجري من أحداث حياتية ومعيشية وحتى أمنية داخل الغوطة الشرقية وما حولها، خشية من فضح شبيحة النظام ورؤوس الفساد وضباط التي تنهش بممتلكات المدنيين هناك، والتي وجدت في الغوطة مرتعا لممارساتها، في حين أن الأهالي لا حول لهم ولا قوة، ويبقى المتنفس الوحيد وبشكل سري هم بعض أبنائهم الذين هجروا للشمال السوري هربا من الزج بهم للقتال بين صفوف جيش النظام، من أجل محاولة إيصال صوت الغوطة وآهاتها للعالم أجمع.

 

أحمد زكريا

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *