أخبار

مغتربوا السويداء يدعمون مبادرات محلية لتعليم الشباب

 

سامر النجم أبو شبلي

 

فتحت منظمة “بيتي أنا بيتك” الباب على مصراعيه أمام مبادرات تنموية كبيرة ومستمرة في عدة مناطق لتبني الطلاب الفقراء لإكمال تحصيلهم العلمي في الجامعات السورية، بعد أن أقفلت بوجههم كل السبل لذلك، خاصة مع غلاء المعيشة، وانقطاع المحروقات، وبدعة الجامعات الخاصة.

كانت الثقة هي المفتاح الأول لاستمرار المبادرات ما بين المغتربين والميسورين من جهة، وبين عدد من الأشخاص المنظمين أو المنفردين، وكانت بغالبيتها نجاحة، كما يقول الناشط في المجتمع المدني، وأحد مؤسسي منظمة “بيتي أنا بيتك” سامر دنون عن بداية الفكرة التي أنقذت عشرات الطلاب من الضياع، وقال: «عندما طلب أحد المغتربين تبني خمسة طلاب جامعيين حتى يستطيعوا إكمال تعليمهم على أكمل وجه، وهو نتيجة ثقته بمهنية عمل منظمتنا وشفافيتها خلال سنوات الحرب. ولأننا نؤمن أن التعليم هو الخط الدفاعي الأخير عن الوطن، فقد عملنا على تشكيل لجنة طلابية لتطوير هذه المبادرة من خلال تحويلها الى برنامج، ووضع الآلية المناسبة لها، تكون العلاقة مباشرة بين المتبرع والطالب، حيث وضعنا معايير دقيقة لذلك من أجل اختيار الطالب الأحق في أي مكان من المحافظة. بالمقابل يوقع الطالب على تعهد أخلاقي بأنه عندما يتخرج ويصبح في سوق العمل، يتوجب عليه تدريس طالب جامعي آخر».

بلغ عدد المستفيدين حتى الآن من البرنامج الذي اعتمدته منظمة بيتي أنا بيتك 41 طالباً وطالبة، وعشرين مغترباً يتبنون تعليمهم حتى النهاية. بالمقابل، فإن أهالي قرية مردك اعتمدوا على تفاصيل أخرى غير المنح الشهرية، وكانت الشرارة الأولى التي دفعت شابين لفتح باب التبرع حادثة خروج يافع من مدرسته الثانوية رغم تفوقه، لإفساح المجال أمام شقيقته كي تكمل تعليمها، بعد عجز الأب عن تعليمهما معاً.

وكانت مبادرة تهتم بأجور النقل، حيث تعاقد الأهالي مع باصات خاصة لنقل الطلاب نحو مدينتي السويداء وشهبا في السنة الأولى، وبمعدل 150 ألف بالشهر الواحد. وفي السنة الثانية استهدفت المبادرة التي تعتمد على المغتربين والأهالي الميسورين؛ طلاب الجامعات في دمشق، وبمعدل 100 ألف شهرياً، ليعودوا في هذه السنة ويستهدفوا طلاب المدارس في السويداء وشهبا.

وتعتبر قرية مردك من أكثر القرى في سوريا اهتماماً بالتعليم والمواهب، وما زال سكانها يقدسون الكتاب، ويعتبرونه الجزء الأساسي في حياتهم.

 حصلت الطالبة “مرام دليقان” على أعلى معدل في منطقة شهبا، ما يخولها الدخول في السنة التحضيرية (اختراع سوري جديد) قبل الطب والهندسة، لكن والدها الموظف عجز عن تعليمها، حيث تحتاج إلى ما يقارب 100 ألف ليرة سورية في الشهر، وهي الشرارة التي جعلت مجموعة من الأشخاص في مدينة شهبا يطلقون على أنفسهم “لمة محبة”، يفتحون باب التبني لطلاب العلم الأوائل الغير قادرين على الاستمرار بالتعليم، وبدأوا يغطون جزءاً من مصاريف عدد من الطلاب بعد دراسة حالتهم.

 وعندما هاجمت قطعان داعش المنطقة الشرقية فجر 25 تموز 2018، ومنيت بأكبر خسارة لها بعد أن قتلت السكان النائمين في بيوتهم، تصدى عدد من المنظمات والجمعيات والأشخاص، لعودة الطلاب إلى مدارسهم ودعمهم نفسياً ومعنوياً ومادياً، وتلقى الأطفال جرعات نفسية وأسابيع طويلة من العناية الفائقة على أيدي متخصصين. ولم يدفع أحد من الأهالي قرشاً واحداً على تعليم أبنائهم، حيث تكفل المغتربون بكل المصاريف .

وقد خرجت مجموعة من أبناء مدينة السويداء منذ ثلاثة سنوات بمبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ تهدف إلى ربط المغتربين مع أهالي الطلاب المحتاجين دون صناديق، وقد وصل عدد الطلاب المستفيدين حتى اللحظة إلى 66 طالباً وطالبة، ومنهم من بدأ سنة التخرج، ويتحضر لدخول سوق العمل. وقد أثبتت التجربة نجاحها بشكل كبير، خاصة وأنها تزرع قيم المحبة والتكافل بين أفراد المجتمع.

الأمثلة كثيرة ومتعددة عن هذه المبادرات، وقد لاقت إقبالاً كبيراً من المغتربين الذين وجهوا أموالهم نحو العلم، كونه السد المنيع في وجه الفقر والتخلف والضمانة الأخيرة لوطن عاث فيه الفساد والقتل والتطرف حتى النخاع، وبات الشباب هم الأمل الباقي للخروج من مستنقع الدم الذي صبغ ألوانه.  

 

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *