أخبار

هيئة تحرير الشام على خطى داعش اقتصاديا وفكريا

فرضت هيئة تحرير الشام بقوة السلاح جمع المال بحجة تحصيل الزكاة وخصوصاً على المواسم الزراعية وأصحاب المحال التجارية والمصالح المهنية أيضاً، ويعدّ أول من أسس هيئة الزكاة في سوريا، هو تنظيم “داعش” بعد بسط سيطرته على محافظة الرقة، لتصبح فكرة رائجة لجمع المال من الناس.

استولت هيئة تحرير الشام على 20 مدرسة في مدن وبلدات محافظة ادلب، وأحدثت ما يسمى بالمدارس القرآنية، حيث يضم المنهاج حصصاً خاصة بتعليم القرآن والعقيدة والفقه من الصف الأول الابتدائي، وتفرض على أهالي الطلاب من غير المنتسبين للجماعة “هيئة تحرير الشام” رسوم قدرها 3000 ليرة سورية رسم تسجيل (ما يعادل5  دولار أميركي)، وتعهداً خطياً بالاستمرار في تعليم الطفل ضمن هذه المدارس، في تجسيد للسياسة الفكرية لتنظيم داعش، في تعليم الأطفال بمناهج خاصة تحتوي على أفكار جهادية وتعاليم التطرف والغلو.

بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على محافظة إدلب وريف حماة الغربي وريفي حلب الجنوبي والغربي، وتشكيل ما تسمى بحكومة “الإنقاذ” الذراع المدني للهيئة، والتحكم الكامل بالمقدرات المالية للشمال المحرر، أحدثت الهيئة العامة للزكاة بموافقة وزير الأوقاف والدعوة والإرشاد، وفي تاريخ 3 أيار من العام الحالي، أُعلن عن تشكيل الهيئة العامة للزكاة بعد مؤتمر قرب باب الهوى.

وتضم الهيئة في هيكليتها المسؤول العام والأمانة العامة والمكتب الشرعي والمكتب الإعلامي ومكتب العلاقات العامة والمكتب القانوني والمكتب المالي والمكتب الإداري ومكتب الإحصاء ومكتب التوزيع ومكتب زكاة النقدين والعروض ومكتب زكاة الزروع والثمار ومكتب زكاة المواشي ومكتب زكاة المعادن والركاز ومكتب الشكاوى.

وبدأ عمل الهيئة العامة للزكاة بشكل فعلي في شهر رمضان الماضي، وجمع زكاة النقدين والعروض من المحلات التجارية وأصحاب رؤوس الأموال، ومحصول القمح والشعير، وفرض على التجار خصم 5% من قيمة المحاصيل مقابل إيصالات قبض للزكاة تمنح للمزارعين، بعد بيع محصولهم، وفي حال رفض المزارع الدفع يحال للقضاء التابع لوزارة العدل لحكومة الإنقاذ، عن طريق شكوى مقدمة للمخافر الشرطية من الهيئة العامة للزكاة حول رفض إعطاء الزكاة.

يقول أبو سليمان الذي يملك 300 شجرة زيتون في ريف إدلب الجنوبي: “قطاف الزيتون هذا الموسم في قريتي معرزيتا هو انتحار حقيقي، قصف النظام وروسيا نتعرض له بشكل يومي ولله الحمد لم نصاب بأي أذى، في كل عام أنتظر حتى أجمع كامل المحصول، وأذهب لعصره في معاصر الزيتون، أما هذا العام الخوف من تقدم النظام واستمرار القصف، نجمع ما تم قطافه بشكل يومي ونذهب للمعصرة”.

وأضاف: “كنت قد سمعت عن هيئة الزكاة وأنها تفرض على المزارعين  5% من ناتج زيت الزيتون، في أول يوم ذهبت لعصر الزيتون، تفاجأت بوجود شخص يرتدي سترة كتب عليها الهيئة العامة للزكاة، مهمته أخذ قسم من الزيت تحت بند تحصيل الزكاة”، وأكمل أبو سليمان: “نصاب الزكاة في الشرع الإسلامي (637) كغ من الزيتون، لكن عند هيئة الزكاة لا  يوجد نصاب فحتى 100 كغ، يريدون منها نصيب، وعند سؤالهم لماذا تأخذون من دون أن يتحقق النصاب، يجيبون بأنهم سيأخذون لو كان كيلو واحد فقط”.

ويتنهد أبو سليمان، بحرقة ويضيف: “نحن خرجنا ضد بشار الأسد من أجل الخلاص من الظلم والعبودية والتسلط الأمني، أقسم بالله اليوم تذكرت عناصر الأمن العسكري حين كنت اراجعهم كل رأس شهر بشكل اعتيادي لأن والدي كان من الإخوان المسلمين”، وأضاف متسائلاً: “ماذا قدموا للشعب غير فرض ضرائب وبقوة السلاح، كل عمري عايش بالبلد لم أسمع هيئة للزكاة غير لدى داعش والآن عند اختها الإنقاذ، وما سمعت قط أنهم وزعوا من أموال الزكاة للعوائل المحتاجة بمنطقتي التي تحوي نازحين ومعظمهم لا يملكون حق خبز”.

من جانبه “محمد السليم” (اسم مستعار) لصاحب معصرة زيتون في إدلب، قال: “فرضوا علينا التسجيل عندهم، وكنا مضطرين نسجل لأن من لا يقبل سوف يمنعوه من تشغيل معصرته، ونحن لا نملك مصدر رزق غير المعصرة وموسمها من العام للعام”.

ويتابع “السليم”: “فرزوا لدينا موظف مهمته أن يأخذ من كل مزارع أنهى عصر حصة الزكاة، ونحن مجبورين نقدم كل التسهيلات، ولا نستطيع أن  نعصر لأحد وتسليمه  الزيت إلا بعد ما أخذ حصة الزكاة، وطبعاً نحن بنهاية الموسم سوف ندفع زكاة المال من المعصرة”.

فكرياً، أحدثت هيئة تحرير الشام مشروعاً تعليمياً تحت اسم “الوحي الشريف”، ضم هذا العام، 20 مدرسة تقريباً، يعتمد فيها مناهج إضافة للمنهاج التعليمي (رياضيات وإنكليزي وعلوم)، وهي كتب خاصة في التوحيد والفقه الإسلامي، ودروس خاصة في تحفيظ القرآن الكريم.

واستولت الهيئة على مدارس كان من المقرر أن تستقبل طلابها كالعادة في كل بداية فصل دراسي جديد، ليتفاجأ الكادر التعليمي والطلاب بمنعهم دخول المدرسة، والسماح للطلاب بالدوام شريطة تعهد ولي الأمر الالتزام بتعليم طفله بشكل دائم ضمن هذه المدارس،  ودفع رسم تسجيل 5 دولار أمريكي، على أن يعفى من الاشتراك أبناء عناصر الهيئة والعاملين في حكومة الإنقاذ، وأبناء الشهداء، على غرار تنظيم داعش إبان سيطرته على الرقة، وتعامله مع موضوع توزيع المساعدات والمحروقات بأسعار رمزية للمنتسبين للتنظيم، وعزل الأطفال في مدارس ومعسكرات خاصة لضمان الولاء لهم، ولإغراء الأهالي في الانتساب للحصول على امتيازات مماثلة.

ولعل ما يميز المدارس القرآنية عن باقي مدارس التعليم في إدلب، هو فصل الذكور عن الاناث من الصف الأول، وعدم وجود مقاعد مدرسية والجلوس على الأرض المفروشة بالسجاد، على مبدأ حلقات تعليم القرآن في المساجد، ويشترط على الطلاب اللباس الشرعي للذكور والإناث من الصف الأول، بحيث ترتدي الإناث عباءة سوداء وحجاباً أبيض، والذكور كلابية قصيرة، فيما فرضت على الكوادر العاملة في المدارس للمعلمات لباساً خاصاً على رأسه النقاب على أن تدرسن الإناث فقط، وفرضت على المعلمين لباس “كلابية” أو ما يعرف بالزي الباكستاني وتعليم الذكور فقط.

هيام الحسين اسم مستعار لمعلمة في إحدى مدارس إدلب، قالت: “منذ أكثر من 13 عاماً أعمل في مجال التعليم ومديرة مدرسة، تم منعي من دخول المدرسة، كوني رفضت العمل معهم والالتزام باللباس المفروض على المعلمات، ولا يمكن أن أعمل معهم كي لا أكون شريكة في مصادرة الحرية الشخصية للأطفال، بفرض لباس عليهم لن ينمي لديهم سوى التفكير بالانخراط مستقبلاً ضمن هي التنظيمات المتشددة”

ولفتت إلى أنه في الوقت الحالي انتقلت الى مدرسة تبعد حوالي 2 كم عن منزلها، الذي اشترته بسبب قربه من مكان عملها السابق، مضيفة: “حاولت جاهدة إقناعهم بقسم المدرسة لقسمين لكن دون جدوى، أو مبرر حقيقي خصوصاً أن عدد الطلاب لديهم ما يقارب 200 طالب، وكانت المدرسة العام الماضي تضم أكثر من 650 طالباً وطالبة”.

 

التعليقات: 1

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *