أخبار

أنا الطفل السوري محمد علي … وهذه حكايتي

ريم زيتونة – خاص ” أنا قصة إنسان “

محمد علياسمي علي … أنا من منطقة تدعى المرج تقع في ريف دمشق ،تعتبر منطقة نائية منسية و مهمشة، شعبها طيب جدا يمتاز ببساطته ،تضم 28 بلدة وقرية، أعيش مع جداي الحبيبان ، وأخواتي الثلاثة ،عمري خمس سنوات ، أحلم أن أكون يوما أعظم فنان ، فمعلمتي تستمر بمناداتي بالرسام العظيم ، أحب الـألوان وأحب الأوراق البيضاء ، أرى خطوطا وأشياء ومعالم لا يراها احد غيري ترسم انعكاساتها على هذه الصفحات البيضاء ، لطالما سألت معلمتي في الصف هل ترين ما أرى؟؟؟ فتجيب مستغربة أسئلتي : لا يا حبيبي ، لا أرى إلا اللون الأبيض …

آآخ …ما أبشع شعور الحكة والقرحة في قدمي ، لا افهم لماذا اشعر بها دائما ، يقول لي المدير في المدرسة أنني يجب أن احصل على حذاء آخر ، لربما حذائي الممزق هو السبب ، لكن كما تعلمون ، فجداي فقيران لا يملكان المال وخاصة في ظل الحرب القائمة التي دمرت بيتنا وأخذت كل شيء معها …

في بعض الأحيان أشتاق لألعابي كثيرا وخاصة تلك السيارة الزرقاء الجميلة التي أهداني إياها أبي ذات يوم ، ولكن عند التفكير مليا فانا لا أريدها بل أريد أبي ، آآآآآه يا أبي ، يقول لي الجميع بأنه سافر إلى بلد آخر ، يحيك الجميع عنه قصص غريبة ، يظنون أني لا اعلم ولكنني أتماشى مع كذبهم كي لا أغضبهم ، اذكر جيدا انه في يوم من الأيام دخل علينا خمسة رجال وكانوا يحملون ألعابا تشبه لعبتي فجميع الصبيان في قريتي يمتلكون مثلها فالبواريد البلاستيكية لعبا شائعة للصبيان في عمرنا لكنهم فجأة أطلقوا النار منها فاكتشفت أنها ليست كذلك ، وضعوا السلاسل في يدي أبي واتهموه بأنه…. ، ما كانت الكلمة ؟؟، ما كانت الكلمة ؟؟!! آه صحيح تذكرت ، كانت إرهابي …..

لقد كبرت جدا من يومها ، أنا اليوم في صف الروضة ، أكاد أن أصبح رجلا ، يناديني الجميع يا بطل … أصبح الجو باردا جدا ولكنني لا املك إلا بعض الثياب ، كم أتمنى لو املك بعض الثياب الجديدة ، أتعلمون ما ارسم الآن ؟؟؟

محمد علي ارسم خطا لفوق وآخر لتحت والى اليسار واليمين وبذلك انتهيت ، سأريها لأمي غدا ، طبعا هي معلمتي ولكنني أحب أن أناديها أمي فهي تشبهها كثيرا ، ترتدي نفس لون الحجاب وتضع كنزة جميلة تشبه كنزة أمي ، أمي كانت أجمل إمرأة بالعالم ، ما زلت أشم رائحتها حتى اليوم ، تحتفظ جدتي بقميص لها كلما اشتقت لها عانقته ونمت ، فثياب أمي كلها تمزقت بعد أن قصف بيتنا واختفت أمي بعيدا في السماء ، لقد رايتها تطير في السماء ثم فجأة هبطت قطع متناثرة على الأرض لا تشبه شيئا من أمي ولكنهم قالوا انها أمي ، نعم.. قالوا أن قطع اللحم والدماء المتناثرة فوقي هي أمي ، ما زالوا يكذبون ! دائما يكذبون !فانا رأيت أمي تطير إلى السماء …. أخبرتني معلمتي بان الله عندما يحب عبده يرفعه إلى السماء حيث الجنة حيث يسكن المؤمنون ، لطالما رسمت  الأجزاء المتناثرة في أوراقي وصبغتها بالألوان ثم رسمت صورة أمي فوقها كرسالة لهم لمن كذبوا علي بان أمي هي فوق في الجنة ولم تتحول لدماء وأشلاء  بسبب القصف اليومي من قبل النظام …

أحلم أن يصبح لي بيت وان املك ملابس جديدة ،وان اذهب إلى مدرستي فأراها غير مهدمة الجدران ،واجلس على مقاعدها فأجدها سليمة  ، احلم أن يعود أبي فلم أراه منذ ثلاثة أعوام ، احلم أن استعيد سيارتي الزرقاء الجميلة ،وان أصبح أعظم فنان وأمهر رسام ، سأعلق احلامي على جدران منزلنا المهدم وسارسم بدل البحرة الصغيرة واحدة اخرى ممتلئة بالماء فيوما من الايام قد يعود لي ابي وربما اقول ربما سأستعيد طفولتي …