أخبار

العامل السوري في لبنان … ابتزاز واضطهاد وقهر

مالك أبو خير  

سقطتُ خلال عملي في ورشة للبناء في بيروت وتعرضتُ لإصابات في الظهر والرأس وتم إسعافي إلى المستشفى، إلا أن أغلب المشافي اللبنانية رفضت استقبالي بحجج مختلفة منها أنني لا امتلك المال الكافي أو أن الأمم المتحدة لاتغطي نفقات العلاج، وبقيتُ يوماُ كاملاً دون علاج حتى وافق أحد المشافي في البقاع اللبناني على استقبالي بعد أن جمع لي عدد من الأقارب دفعة من المال لدخول المستشفى وقد اضطررتُ إلى دق أبواب الجمعيات والمنظمات حتى استطعت تأمين باقي مصاريف العلاج.

خرجتُ من المستشفى وتوجهتُ إلى صاحب العمل للحصول على أجري الذي كان يُقدر بـ 700 دولار أمريكي وعلى أمل أخذ تعويض كون الحادث حصل نتيجة إهمال الجهة المشرفة على العمل وجاء الجواب بالطرد وعدم حصولي على مستحقاتي من أجور أو تعويض، وقد هددني صاحب العمل قائلاً:” أنت لا تمتلك أوراق إقامة نظامية وبهاتف صغير مني يمكنني استدعاء الأمن العام وأجعل جسدك يتعفن في السجن … انقلع من هنا).

صورة لعامل سوري في لبنان ( خاص أنا إنسان )

محمد الشامي (اسم مستعار) بعد أن قال له صاحب العمل ( انقلع من هنا ) ذهب للبحث عن عمل آخر والنتيجة عمل مؤقت في إحدى ورشات البناء، وقد حصل على نصف الأجر وعندما طالب محمد صاحبَ العمل بالنصف الثاني اتصل صاحب العمل بالأمن العام وقام الأمن باعتقال محمد لعدم توفر أوراق إقامة شرعية معه في لبنان وخرج بعد كتابة تعهد في المخفر بتأمين كفيل شرعي وغيرها من الأمور المطلوبة، ولم يجرؤ محمد على المطالبة بحقه مرة أخرى.

جملة ( انقلع من هنا ) لم يسمعها محمد الشامي وحده بل سمعها أيضاً مأمون المعضماني من ريف دمشق، عندما ذهب للمطالبة بحقه من قبل صاحب ورشة لتصليح السيارات، حيث طالبه بأجور متراكمة لمدة 4 أشهر حيث يقول:” في آخر أربعة أشهر لم يعطني صاحب العمل أي أجر بحجة أن الورشة تتعرض لأزمة مالية، رغم أن الورشة تعمل بشكل جيد جداً لكن حسب ما فهمت أن صاحب العمل قد زوّج ابنه مؤخراً وأقام له عرساً فاخراً مما سبب له ضغطاً في المصاريف، وقد تحملتُ معه شهرين دون أي كلام لكنني أسكن في مخيم ووضعي لايستطيع التحمل أكثر من شهرين دون مال فلدي أولاد والمساعدات وحدها لا تكفي للطعام، وعند مرور أربعة أشهر ورغم أن الورشة دخلها قوي طالبته بأجر شهر واحد فقط كي أؤمن احتياجات عائلتي فكان جوابه : انقلع من هنا ليس لدي أي شيء لك”.

حين نريد الحديث عن واقع العمال السوريين في لبنان فنحن بحاجة لمساحة تكفي لطرح مئات القصص من الابتزاز والقهر الذي يُمارس بحقهم من قبل أصحاب العمل، حيث يستغل قسم كبير منهم وضع اللجوء والفقر بالإضافة إلى الشروط التعجيزية التي تضعها الحكومة اللبنانية في سبيل الحصول على أوراق إقامة شرعية في البلاد، فمثلاً: اللاجئون المسجلون عبر المفوضية يتم تقديم أوراق إقامة لهم بشرط ” عدم العمل ” وطبعا لايستطيع اللاجئ الاعتماد على المساعدات التي باتت حالياً شحيحة وغير متوفرة كما السابق فيذهب نحو العمل وحين يطالب بحقه يتم تهديده بالأمن العام وبأنه يخالف قانون الإقامة التي حصل عليها وبالتالي يحرم من الأجر.

بالمقابل هناك قسم من اللاجئين يحاول الحصول على كفيل حيث يحق له العمل لكن بالمقابل يتم اتباع إجراءات معقدة  من قبل الأمن العام، وفي حال تعرض اللاجئ لأي انتهاك للحقوق بعد حصوله على أوراق الإقامة فإن الحكومة اللبنانية لا تقف إلى جانبه وعادة ما يتم تسيّس الأمور لصالح صاحب العمل الذي قام بالانتهاك.

صورة لعامل سوري من احدى ورش البناء ( خاص أنا إنسان)

في البقاع اللبناني أبو أكرم ( طلب عدم التصريح عن اسمه) يعمل في مجال التمديدات الصحية، اتفق مع متعهد لبناني على تمديد مواد صحية لمجموعة من الشقق السكنية قيد الإعمار مقابل مبلغ مالي، فاتفقا على تسليم ربع المبلغ قبل البدء بالعمل وباقي المبلغ عند الانتهاء، وحين الانتهاء من العمل حصل تسويف ومماطلة في تسليم باقي المبلغ بحجة عدم توفر مال كاف، وفي النهاية قام المتعهد بتهديد أبو أكرم بالاعتقال من قبل مخابرات الجيش اللبناني بحجة أنه يتنمي إلى منطقة معارضة لنفوذ نظام الحكم بدمشق وبالتالي هو يتعامل مع الإرهاب، وبالفعل تم اعتقال أبو أكرم بعد عدة أيام والتحقيق معه وكانت التهمة التعامل مع فصائل المعارضة في سورية وبقي لمدة سنة كاملة في السجن ثم خرج ببراءة من المحكمة العسكرية في بيروت، وطبعاً لم يجرؤ على الذهاب إلى المتعهد مرة أخرى للمطالبة بباقي حقوقه.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *