أخبار

اللاجئات السوريات في لبنان .. ضرب وتحرش وإهانات مقابل بضعة دولارات

دفع الوضع الاقتصادي السيء لللاجئات السوريات في لبنان للنزول إلى الشارع، والبحث عن مورد مادي (أياً كان) يقي أولادهن من الجوع، بعد أن فقدن المعيل والسند، ما جعل غالبيتهن يقعن فريسة التحرش والسخرية والاضطهاد، حيث تكتفي المفوضية السامية بتقديم مبلغ صغير من المال، وتتباهى بالتقارير التي تتحدث عن الجوع والمرض والأمان، بينما يتشدق غالبية المسؤولين اللبنانيين بالحديث عن اقتصادهم الهش الذي خرّبه اللاجئين السوريين.

 النساء السوريات اللواتي لم يكن يحلمن في بعض المناطق بالخروج من المنزل، أو التفكير بالعمل في مجتمعاتهن المغلقة عن الشمس والحياة، وجدن أنفسهن مسؤولات عن أطفال صغار، وعن رعاية أيتام ومرضى ومعاقين، وحيدات وبلا حيلة سوى انتظار المنظمات الدولية للمساعدة. لكن الجوع كافر، فتركن جلابيبهن الغارقة في السواد، وخرجن نحو الشمس، وهنّ مدركات للخطر الذي ينتظرهن في مجتمع منفتح على كل شيء، خاصة بعد أن اكتشفن الكثير من تبعات الحياة واللجوء.

تقول الناشطة المدنية “صباح حلاق” التي شكلت مع عدد من النساء فريقاً للدعم النفسي في لبنان: لاحظنا أن هناك تمييز من قبل العاملين على توزيع الإغاثة، حيث تُعطى المرأة الجميلة الأفضلية في تقديم الخدمات لها، ويستخدم أشكال من الزجر والكلمات النابية لللاجئات، وأحياناً الضرب بالعصا.

النساء هناك ليس بإمكانهن الاعتراض أو الشكوى، حتى لو تعرضن للإهانة والضرب أمام أبنائهن، فالحاجة إلى هذه المنظمات يكاد يكون أساسياً في الحياة على الرغم من التقتير المتعمد، والخيار والفقوس الذي يمارسونه على العوائل الكبيرة، والنساء اللواتي لا يفسحن المجال للتحرش والأخذ والرد. غير أن عدداً منهن اخترن العمل والخروج إلى الحياة بعيداً عن هؤلاء، ومنهن السيدة “ع” التي يبلغ عمرها اليوم 28 عاماً، تزوجت في سن السادسة عشر، وأنجبت أربعة أولاد، وفقدت منذ عامين زوجها، وهي تعيل أطفالها وليس لديها أي شهادة علمية أو مهارات عملية. تقول عن وضعها بعد اللجوء المر: كان أولادي متقاربين بالعمر، الفرق بينهم عام واحد في كل ولادة. كنت أبكي معهم في ليالي الجوع والعوز لأنني لا أعرف ماذا عليّ فعله لتهدئتهم. انا أرملة ووضعي الاقتصادي صعب جداً، أعلم أنني ما زلت شابة، لكني حرمت من التعليم الذي أنقذني من شر العوز والحاجة للمعونات، وكنت استطعت اليوم العمل وأمنت لأولادي احتياجاتهم.

من ريف دمشق لجأت “ع” إلى لبنان منذ سنة ونصف، ومعها أولادها الخمسة، لديها ابنة تبلغ 28 عاماً، وهي مختلة عقلياً وبحاجة لفوط صحية بمعدل 5 قطع يومياً والمفوضية التي يطلق عليها “سامية” لا تقدم أي مساعدة خاصة، إلا حصتها البالغة 42000 ل.ل بما يعادل 28$، وعند الكشف عليها تم إعلان الأهل بأن المفوضية لا تقدم خدمات خاصة، ولا تؤمن إقامة لها في مشفى مختص بوضع ابنتها، مما زاد من أعباءها من حيث الجهد المبذول تجاه ابنتها، وكذلك العبء المالي الذي تقدره بقيمة 4$ يومياً فقط قيمة الفوط الصحية.

أما السيدة “ف” اللاجئة من مدينة “حمص”، والمعيلة لأسرتها المكونة من خمسة أطفال، بعد فقدان أي خبر عن زوجها، فهي تعمل 14 ساعة يومياً، وتقوم بجميع الأدوار الاجتماعية والإنتاجية، وتشعر بالضغط الشديد اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً في مجتمع يقول أن هؤلاء قد خرّبوا الاقتصاد اللبناني، وكسروا هيبة الليرة.

لا شيء يمكن أن يعوض هؤلاء بعد فقد الوطن الصغير والحضن الدافئ، ولا يمكن أن تصان كرامتهن بعد أن حاول موظفين موتورين استغلالهن وانتهاك حقوقهن الإنسانية. ومن ينسيهن التمييز والضرب والإهانات من أجل لقمة ناشفة أو كيساً من الحليب؟.

سامر النجم أبو شبلي

التعليقات: 1

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *