أخبار

أصبحت حرامي ” بسكليتات ” .. بهولندا

صفوان الخطيب -هولندا – خاص “أنا قصة إنسان “

” طول عمري بيحكوا عني إني باخذ الناس ع البحر وبرجعهن عطشانين … بس لما صرت بهولندا إجى مين ياخدني وياخد معي كثير من السوريين على البحر ويعطشنا”.

القصة بدأت حين وصلت إلى الأراضي الهولندية، وطبعا ً لن أتحدث عن صعوبة الطريق وما حدث لنا ,فالكل بات يعرف ما يحدث للسوريين من مآسي حتى يبلغون دول اللجوء…المهم ولكي أدخل بتفاصيل القصة مباشرةً… هنا في هولندا يستخدم السكان الدراجات الهوائية كوسيلة أساسية للتنقل، فأغلب السكان لديهم دراجات ,وحتى الوزراء وأصحاب المناصب يستخدمونها ” كونهم شعب يحب الحفاظ على الطبيعة من التلوث” تماماً كحفاظنا نحن عليها في بلادنا العربية!.

صورة من هولندا توضح الكراج الخاص بالدراجات
خاص من هولندا … صورة من هولندا توضح الكراج الخاص بالدراجات

سعر الدراجة الواحدة هنا ما بين 300 – 400 يورو، وهو سعر مرتفع جداً بالنسبة الينا كلاجئين وصلنا حديثاً، ولكننا بحاجة لها في الوقت ذاته كي نذهب من الكامب الذي نسكن فيه إلى المدينة للتجول ولشراء حاجياتنا الخاصة، فذهبنا نبحث عن بدائل أو درجات مستعملة للشراء ..و لحسن الحظ جاء الينا شاب عربي وصل قبلنا بشهر  إلى الكامب، هو شاب من دول المغرب العربي كلماته أغلبها فرنسية مع القليل من العربية ومع ذلك قدم نفسه على أنه لاجئ سوري من مدينة  حلب، مع أن لون بشرته السوداء لا علاقة لها بحلب ولا حتى بأقصى الشمال ولا الجنوب السوري, ويصر على أنه من حلب ويغني جملة واحدة من القدود الحلبية كي يثبت لنا أنه حلبي, وطبعاً نحن نضحك في سرنا ونطلب منه كل مرة أن يغني نفس الجملة بل وساعدناه في حفظ باقي الاغنية. .”هذا اللعين هو من أخذنا إلى البحر وسبب لنا العطش، فقد عرض علينا دراجات بسعر لا يتجاوز 30 يورو فقط، وقال لنا أنه يقوم بشراء دراجات مستعملة و ببيعها، ونحن على الفور قمنا بشرائها وكنت أول من اشترى وأول من نزل بها مباشرة نحو المدينة سعيداً.

خاص من هولندا - صور لدرجات هوائية توضح الكراج الخاص بها
خاص من هولندا – صور لدرجات هوائية توضح الكراج الخاص بها

في سورية  , كان الرعب يصيب قلبي إذا ما شاهدت أي حاجز ، وإذا نظر إلي أحد عناصر الحاجز نظرة واحدة كانت هذه النظرة كفيلة لأبدأ بتلاوة الفاتحة على روحي من شدة الخوف، وطبعاً هذه الحالة بقيت بداخلي على الرغم من وصولي الى دولة تراعي حقوق الانسان, يسأل الشرطي فيه المواطن ويحدثه بلطف ليس كما اللطف المعروف عنه في سورية, والذي قد تكون نتيجته الموت تحت التعذيب.

المهم وأنا في الطريق … أوقفني الشرطي وكردة فعل طبيعية ” اصفر وجهي واحمر وأصبح كما إشارة المرور بكل ألوانها” وبدأ يحدثني باللغة الانكليزية وأنا أحدثه بالإشارة كما الصم والبكم ,وكانت نتيجة نقاشنا الغير مفهوم أنه أخذني إلى مركز الشرطة وجاءت إلي إحدى السيدات التي تعمل في الشأن الاجتماعي وتتحدث العربية لتقول لي أول جملة وهي :” لا يجوز أن تأتي إلى هنا وتقوم بسرقة الدرجات … هذا فعل لا يجوز”.

هذا اللعين الذي علمناه القدود الحلبية، تبين أنه سارق من الطراز الأول، وطبعا ًبعد جولة نقاش طويلة , استطعت أن أوضح لهم كيف وصلت إلي الدراجة واقتنعوا بكلامي وطلبوا مني عدم شراء أي شيء دون وجود أوراق نظامية , “طبعا سوف تقول في نفسك … هل تحتاج الدراجة إلى أوراق رسيمة؟ …” نعم فهنا للدراجة أوراق ورقم خاص بها وسجلات أيضاً … هنا تختلف المعايير عن أي مكان.

المهم ..عدت في النهاية الى الكامب … وما زلت حتى اليوم أبحث عن ذلك اللعين لأعلمه الفنون الشامية … لكنني لم أجده.

انتبهوا أيها السوريون في هولندا … لا تشتروا دراجات مستعملة من أحد … اذهبوا سيرا ًعلى الأقدام أو اشتروها من الأماكن المخصصة للبيع حصراً..وطبعاً طلبت من كاتب المقال أن لا يذكر اسمي … فلا أريد لأمي أن تعرف أن ولدها قد تمكن شخص  منه في بلاد الغربة  واستطاع أن يجعله لصا دون أن يعلم.

التعليقات: 1

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *