أخبار

أعياد السوريين في مصر تمر بطيئة.. وأماني العودة تكبر يوما عن يوم

كما كل عام يمر عيد الفطر على اللاجئين السوريين في مصر بشكل بطيء جدا، وسط تمنياتهم بالعودة إلى بلادهم ليعيشوا طقوس عيدهم التي حرمهم اللجوء منها، فكل شيء مختلف في بلاد الغربة مهما تقاربت الثقافات ومهما كان المجتمع المضيف حاضنا لزواره.و “ما زاد الطين بلة”، كما يقول المثل الشعبي هذا العيد، هو أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) التي أثرت على المصريين واللاجئين فيها بشكل كبير، كما هو الحال في بقية دول العالم.

 

تقول سناء وهي لاجئة من ريف دمشق (29 عاما) ومتزوجة ولديها طفليين في حديث لـ”موقع أنا إنسان” حول أجواء العيد في سوريا ومصر، إنها اختلفت كثيرا بالنسبة لها بشكل باستثناء بعض الأجواء البسيطة سواء التي يخلقها الأشخاص أنفسهم أو المجتمع المحيط بهم.
وتضيف مقارنة بين الماضي والحاضر: “في سوريا كان يوم وقفة العيد يعج بالحياة وكنا نحضّر حلويات العيد وننظف المنزل ونعشق الخروج للأسواق لنرى الازدحام فيها وأصوات الناس التي تتعالى وكيف يتزاحمون على شراء الحلويات وخاصة من أسواق منطقة الميدان في دمشق ، وصبيحة كل عيد اعتدنا كما غيرنا أن يجتمع الأقارب على مائدة الفطور بعد ذهابهم إلى المقابر ومن ثم تبدأ الزيارات العائلية، كما كانت الأراجيح تملأ أرصفة الشوارع وجوانبها في الأحياء , وكان هناك ما يسمى ساحة العيد شارع رئيسي مليء بالأراجيح والأحصنة وألعاب العيد والبائعين الجوالين”.

 

وتابعت واصفة مشهد العيد في بلادها: “كانت الحواري والطرقات تغص بالناس ولا تهدأ الحركة ليلاً ونهاراً كان للعيد طعم لا يمكن أن يتكرر أبداً وكانت لمة العائلة سواء الأم أو الأب كنز للصغار والكبار، ولكن في مصر اختلف كل شيء غابت الطقوس باستثناء تحضير الحلويات والزحمة ليلة العيد في الأسواق، في بلاد اللجوء لم يعد هناك أقرباء يأتون لزيارتنا ولا نسمع ضجيج الأطفال في الشوارع وخاصة في المدن الجديدة، ففي منطقتي صبيحة العيد لا حركة في الشوارع نهائياً ولا أراجيح على أرصفة الطرقات ولا ساحات عيد ولا باعة جوالين”.
وزادت “سناء” على ذلك أن الألعاب تقتصر على الملاهي والتي تحتاج لدفع نقود جيدة من أجل الدخول لها ولا يملك الجميع ثمن التذاكر.

 

وأكثر ما يؤلم “سناء” كما غيرها من اللاجئين هو الأطفال الذين باتوا لا يشعرون بجمال العيد ولا بطقوسه, حتى العيدية والتي كان الصغار والكبار ينتظرونها من الجدة والجد والأخوال والأعمام لم تعد موجودة “فمن لم يذق طعم العيدية لم يذق طعم العيد”، بحسب وصفها.
واختتمت قولها “أتمنى من كل قلبي أن تعود الأعياد كما كانت وأن يعيش أطفالنا ما عشناه من جمال تلك الأيام وفي غربتي أحاول جاهدة ان أخلق طقوس لأطفالي ومهما كانت الظروف المادية اشتري لهم الثياب الجديدة واجعلهم يكلمون أقربائنا على تطبيقات التواصل، وأيضا أخرج بهم لصلاة العيد وأجلب لهم الهدايا وأعطيهم العيدية فالذنب ليس ذنبهم ومهما كانت الظروف يجب أن يعيشوا أجواء العيد”.

 

كذلك الحال مع “أم وائل” لاجئة متزوجة ولديها خمسة أبناء، فلم يعد للعيد طعم لديها كما السابق وخاصة بعد استشهاد زوجها بنيران قوات السلطات السورية في سوريا، وتفرقها عن أبنائها فواحدة بقيت في سوريا وأخرى مع شقيقها في لبنان، أما أصغرهم فرافقوها إلى مصر.

وتصف العيد في بلادها أنه “كان جميل جدا” فقد كانت تذهب إلى السوق وتقوم بشراء الثياب لأبنائها وزيارة المقابر، وتضيف: “كانت أيام العيد أجمل ايام السنة بسبب فرحة أولادي ولمة العائلة، وكان أعمامهم وأخوالهم يقومون بتقديم العيدية لهم، وفي اليوم الثاني نقوم باصطحابهم إلى ساحات العيد ليقضوا أجمل الأوقات، ولكن اليوم أعيادنا تغيرت ولم يبق لها طعم, أولادي تفرقوا، وابني الصغير لم يبق له عيد ولا أرجوحة ولا حتى أقارب لزيارتهم، ونكتفي بالمعايدة على تطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي”.
وترى “أم وائل” أن هذا العيد هو الأسوء بسبب فيروس كورونا المستجد، فكل شيء متوقف ولا حياة في الشوارع ولا قبل العيد ولا خلاله.

 

“أبو يوسف” لاجئ في مصر (60 عاما) تغير كل شيء عليه هو أيضا فقد تفرق عن أولاده وفقد أحدهم في سوريا، ولم يعد للعيد طعم لديه نهائيا، فالشيء الوحيد الذي بات يذكّره بالعيد هو فقط الصلاة والتكبيرات التي تصدح من المآذن، كما قال لنا، في حين تغيب كل المظاهر عنه وتحول عيده إلى رسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ممزوجة مع حزن وحرقة قلب باللقاء مع أبنائه الذين تفرّق عنهم.

 

ومنذ بدء الاحتجاجات في سوريا العام 2011 توجه الكثير من السوريين إلى مصر بحثا عن مكان آمن بعيدا عن القتل والقصف والاعتقالات، وتفيد إحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أن عدد السوريين المقيمين في مصر والمسجلين لديها يبلغ (130 ألفا)، بينما تتحدث التقارير الحكومية المصرية إلى أن عددهم يتراوح بين (250 ألفا إلى 300 ألف سوري).

نسيب الشامي – مصر

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *