أخبار

إدلب بين مطرقة الغلاء وسندان الشتاء

شريف فارس-أنا إنسان

معظم السوريين كان يعتبرون فصل الشتاء من أفضل الفصول الرومانسية، له أجوائه الخاصة وليله الطويل.

لكن الحرب والتهجير ودخول عامهم الحادي عشر أنهكا ظهرهم وقتل حلمهم وبات كل أملهم أن يكون الشتاء دافئ عليهم.

جاء ارتفاع أسعار المحروقات ومواد التدفئة مع اقتراب فصل الشتاء في إدلب كمطرقة حطمت قلوبهم وزادت معاناتهم.

فأصبح ناقوس الخطر يهدد أكثر من 92 بالمئة من سكان إدلب في الحصول على تدفئة صحية بسبب بلوغ نسبة العائلات الواقعة تحت خط الصفر 84 بالمئة حسب أخر الإحصائيات لجمعيات المدنية.

أبو محمود يعمل بائع متجول على بسطة صغيرة في مدينة حارم بريف إدلب، يتجاوز عمره الأربعين عاماً، لديه خمسة أولاد، نازح من ريف حماة، يعيش في منزل صغير، يعمل جاهداً لتأمين لقمة العيش.

يستقبل أبو محمود الشتاء دون قدرته على شراء الحطب الكافي ليدفئ به عائلته.

يخبرنا أبو محمود قائلاً: “لم أتوقع أن يرتفع سعر الحطب والفحم إلى هذا المستوى فهذه الأسعار فوق طاقتنا رغم أننا لا نشغل الصوبا إلا في حالات البرد القارس والعواصف الباردة وإن بقي سعره مترفع سنلم من الشوارع ما يمكنني حرقه لنستدفئ به”.

علاء الدين تاجر صغير يعمل في سوق الحطب في مدينة أرمناز بريف إدلب يعاني من قلة البيع يقول لموقع أنا إنسان: “السنة وضع الحطب مختلف كثيراً عن الأعوام السابقة لا يوجد عمل في أسواق الحطب ما في حدا عم بشتري بسبب غلاء سعره
نحن كبائعين عم نشتري الحطب من مناطق غصن الزيتون ودرع الفرات لأن في إدلب ممنوع قطع الأشجار وأصبح هناك ملاحقة وغرامة لمن يقوم بهذا العمل، لذلك يصل الحطب ل إدلب بسعر غالي، يصل سعر الطن 170 دولار، كل أنواع مواد التدفئة غالية جدا هذا العام الحطب والقشر والفحم صار الناس يشترون الحطب بالمفرق كل 100 كيلو لحال بسبب الوضع المادي التعيس”.

لسكان المخيمات واقع مختلف حيث تخبرنا “أم محمد” إحدى ساكنات مخيم في ريف إدلب كيف تستقبل الشتاء.
“نحن عم نجهز (الروث) من بقايا الحيوانات والقش ونُيبسها ومن ثم نتدفأ عليها لأننا مالنا قدرة على شراء الحطب بهذا السعر المرتفع كتير غالي علينا ونحن عم نواجه ظروف اقتصاديه صعبه”.

بعض الأحيان نطرق مشوار كبير لأي مكان يحتوي على مكب للزبالة نلم نايلون كرتون وعبوات بلاستيك مشان نجمعهم مع (الروث) وندفأ عليهم.

رغم توفر الكهرباء في معظم مناطق إدلب وريفها وتمكن أصحاب الدخل المحدود من الاشتراك بها لم تكن بديلا للتدفئة بسبب غلاء سعرها مما جعل من “أبو علاء” صاحب بسطة خضار في إدلب يفكر عن بديلا ليسد البرد عن عياله يقول: “الكهرباء غالي كتير نحن عم نستعملها للإنارة وتشغيل البراد رغم كل هاد عم ننكسر أخر الشهر في تأمين فاتورة الكهرباء كيف مع الشتاء وتشغيل (الصوبا الكهربائية) الي ممكن تسحب كهربا كتير وترفع من تكلفة الفواتير لذلك عم ببحث عن حل بديل يساعدني على سد البرد عن اسرتي”.

وأضاف “كلشي غلي حتى المازوت ما بقي بوجهينا غير نقضيها على الحرامات والله المعين “.

لكن محمد جمعة صاحب سوبر ماركت في سرمدا بريف إدلب كانت له وجهة نظر مختلفة عن أبو علاء بقوله: “يمكن ان تعوضنا الكهرباء عن مواد التدفئة صحيح سعر بطاقات الكهرباء مرتفع بس كمان الحطب والمازوت والفحم مرتفع لذلك التدفئة على الصوبا الكهربائية أنظف للمنزل وصحية أكثر وما راح نستعملها غير وقت الضرورة ونفس المصروف باعتقادي”.

وأضاف “كلشي غالي الكهرباء الحطب المازوت أي شيء بدك تدفا عليه غالي حتى لبس الأطفال الشتوي مرتفع”.

هكذا بدأ معنا سمير سائق تكسي في مدينة سلقين بريف إدلب حديثه عن تحضيراته لقدوم الشتاء.

فأكمل قائلاً:” أنا عندي خمس أولاد بيتي اجار وبدي اشتري لكل ولد بدل شتوي راح تكلفني 200 دولار على الأقل طيب إذا ما اشتغلنا بردنا وإذا اشتغلنا مالنا قدرة نأمن لا لباس ولا تدفاً بسبب ارتفاع الأسعار وعنا الحكومة للأسف ما عم تعطي بديل للشعب او شيء معين.

معظم أصحاب المخيمات يستفيدون من الجمعيات الاغاثية وبينما نحن لا نستفيد شيء من الجمعيات الاغاثية بسبب انا نريد ان نسكن بمنزل لا خيمة”.

مع قدوم الشتاء كل السوريين باتوا يحملون هماً زائداً على هموهم ومع الغلاء الفاحش الذي كسر ظهور العوائل الفقيرة باتت الحياة مريرة وأصبحوا يعيشون غرباء في وطنهم يبحثون عمن يساندهم.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *