أخبار

«إشْ لي بِدِشْ» عن الحب بالألمانية

 

“إشْ لي بِدِشْ” كلمة تعني أحبك باللغة الألمانية، وهي عنوان العرض الجديد، لفريق «العمل للأمل» المسرحي في لبنان، استعرضت من خلاله دوامة الموسيقا، رسائل الحبّ الفورية، والورود الحمراء، الخفايا والمفاجئات السحرية التي تضفي جوّا مختلفاً على حياة المقيمين في مخيم اللجوء بألمانيا.

هي شخصيات متفاوتة العمر والإبداع، اجتمعت على خشبة واحدة؛ انطلاقاً من التوأم اللذين فرقتهما الحرب والضياع على الطريق الحدودية، وتبادلهما للأدوار الجندريّة، وذلك السوري القادم إلى المخيم من ألمانيا بسبب حبّه لحنان.

العرض الذي قدمه المخرج السوري أسامة حلال، ضم كلا من شخصيات المُهرّب، وملاك الحبّ، وشاويش المخيم المتزوج اثنتين والغارق بحبّ الثالثة، والفتى الضائع بين الجميع دون حبّ، إلاّ لأغانيه الراب التي يؤلفها، وحنان الحزينة على وفاة والدها، مع صانعتها في صالون الحلاقة، والتاجر المغرم بها، والجميع الذين يتنافسون للحصول على الحبّ.

عَمل أسامة حلال مع الفريق مدة ستة أشهر بطريقة جديدة وغريبة في بناء العرض المسرحي، على حدّ وصفه: «عملنا يوم أو يومين في الأسبوع، وقد بذل الفريق جهدا قويّاً، وضحوا بالكثير من وقتهم والتزاماتهم في سبيل نجاح العمل، وقد ظهر المشروع بأفضل طريقة، نِتاجاً للظروف المساعدة التي أمنتها الفرقة».

اعتاد أسامة العمل مع المجموعات الكبيرة، بهدف إفادة أكبر عدد من الأشخاص في التجربة. فالمجموعة على حد قوله موهوبة، ويوضح «سواء في عملي ضمن فرقة كون، أو كفنان فردي؛ هدفي هو العمل على التواصل مع المجموعات بغض النظر إذا كانت محترفة أم لا، وما أركّز عليه التواصل مع الخبرات، وتوسيع دائرة المستفيدين من النشاطات المسرحية، حتى لا يبقى الفعل المسرحي مُختصر على يد النخبة في العواصم أو المراكز الثقافية».

ويكمل أسامة: «في يومنا هذا، بات السوريون موجودين في كلّ مكان حول العالم، واللغة الألمانية منتشرة بين الشباب والصبايا. اللاجئون هناك يتكلمون بها، والمقيمين هنا أيضاً. وإش لي بدش؛ هي اكتشاف طبقة جديدة بالحبّ وتعريفاته، وقد اعتمدنا الاسم بعد الانتهاء من التدريبات، ومنذ البداية وضعنا اسماً وهمياً للعمل.  لم يكن هدفي الأساسي إسقاط نص شكسبير على حياة هذه المجموعة لأنهم سوريون، أو لاجئون، أو ضحايا، أو لأنّ سورية في حالة حرب. لا يعني لي هذا الشيء أبداً، بل على العكس تماماً، ومن وجهة نظري كلّ شخص مصرّ على رؤيتهم بهذه العين، هو لا يقبل المشي خطوة باتجاه العمل الفني، فأنا أعمل على كسر الصورة النمطية، وما أفعله هو موقف سياسي، ولا أريد أن يأتي أحداً ليحضر العرض لأن المجموعة من اللاجئين. وهدفي أن يأتي الجميع لمشاهدة فنانين شباب، أعمارهم تتراوح بين (12 حتى 25 سنة)، يقدمون أنفسهم كفنانين، ويطورون ذواتهم وأدواتهم، هذا هو مشروعي الأساسي».

مصعب التيناوي يتحدث لأنا إنسان عن شخصية المهرب المطلوب للجميع، فيقول: «هذه أول تجربة مسرحية لي. والعرض حقق الشيء الذي أحبه وأحلم به منذ زمن. دوري في العمل بشخصية تيسير المتعلم والمحبوب، الذي بساعد الناس للخروج من الحرب، ويؤمن لهم الطريق، ويحاول أن يوصلهم للمخيم، ويصبح على مر الوقت والظروف مهرباً. حاول طوال العرض أن يتقرب من الناس بالمخيم، لكنهم يشكون به كعميل للدولة، وبنفس الوقت هو مطلوب لأجهزتها كونه مهرب. هناك حبّ بداخله، لكنه غير موجه لشخص بعينه، بل لكل الناس».

أمّا فاطمة دياب ابنة 15 عاماً، وصاحبة الدور الفريد؛ سارية التي تقمصت دور أخيها التوأم ساري، تحدثت عن تجربتها بالقول: «قرأت نص شكسبير مع المجموعة، ووجدت فيه شخصية صبي يافع، وهي فرصتي التي انتظرتها؛ خاصة أن صديقي تميم يشبهني، وهكذا أصبحت فرصتي فرصتين مرة واحدة. في البداية كانت التجربة صعبة جداً، ولكن الإصرار منحني تجربة رائعة». هي ليست التجربة الأولى لفاطمة على خشبة المسرح، وتقول أنّها كسرت الخوف من الوقوف أمام الجمهور الكبير، بمشاركتها في العرض السابق الفيل يا ملك الزمان، وتتوجه بدعوة إلى كلّ الذين يمتلكون المواهب، ليفجّروها: «بدي قول لكل واحد بقلبه موهبة، لا يضل مخبيها بقلبه. يطلع ويروح يدوّر، وين ما بحسّ إنّه هادا المكان فيه يفجّر موهبته، يروح عليه. كلّ الناس عندها مواهب، بتمنى ما يخبوها».

أمّا أيمن السيد، صاحب شخصية هاني، فيجد أنّه مهما عانى الإنسان من المشاكل والضغوطات والتحديات والآلام في حياته، يبقى في قلبه مكاناً صغيراً يتّسع للحبّ، ويقول: «شكسبير بنى قصته على أساس الحبّ، وهذاا هو واقعنا الذي نعيش فيه، دوري في العرض صاحب كيف؛ حب الأنس، يبقى يشرب حتى ينسى».

ويكمل أيمن عن دوره: «هاني يقنع رفيقه في ألمانيا، بالمجيء إلى المخيم من أجل حنان، ويستغله من أجل المال، ويعمل على إقناع كل الشخصيات الذكور بأن حنان تحبهم. شخصية محورية في العمل، ويقع في النهاية بفخه نفسه».

يختم مخرج العرض “أسامة حلال”: «الشدة بين الفرح والحزن مقتبسة عن النص الأساسي، وجميع الشخصيات تعيش قصص مُتَخيّلة أو واقعية، صحيحة أو غير صحيحة عن الحبّ. هذا ما نقلناه من حكاية شكسبير، لكن بالنسبة لي هذه الشخصيات عالقة بفكرة العشق، ويليها الرمزية التي نلحق بها عبر أسئلتنا؛ مَنْ هي حنان التي يحبّها الجميع، ويركضون للحصول عليها بمختلف مستوياتهم؟. كنتُ أذهب معهم باتجاه المبالغة بالفرح والحزن، لأنّ المسرح هو المساحة التي يستطيع الممثل من خلالها اختبار الأدوات والنوع الجديد منها، ليستفيد قدر الإمكان ويوظفها لاحقاً في المستقبل».

الجدير بالذكر أنّ فريق «العمل للأمل» المسرحي تأسس في عام 2013، وعمل لما يقرب من العامين تحت إشراف مؤسسة اتجاهات، وقدم عملين مسرحيين هما خيمتنا، وألف خيمة وخيمة، ثمّ واصل تدريبه المسرحي عام 2015 مع المخرجة المصرية ليلى سليمان، ثمّ مع المخرجة اللبنانية كريستال خضر التي أخرجت للفريق عملين هما أنجي ويالنجي، والفيل يا ملك الزمان. يتكون حالياً من 17 عضواً من النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، كما هناك عدد من الهواة اللبنانيين، وهو فريق يعمل بشكل هاوٍ وتطوعي، ولكنه ينشد باستمرار تحقيق مستوىً فني عالٍ في أعماله.

 

فريق العمل للأمل المسرحي

عن مسرحية ” الليلة الثانية عشر” لوليم شكسبير

إعداد ونص: عبد الرحمن دقماق

متابعة درامية وإشراف على النص: لقمان ديركي

إخراج: أسامة حلال

 

فريق العمل للأمل المسرحي:

أحمد إبراهيم. أحمد إسماعيل. أيمن السيّد. أيهم عطية. تميم إبراهيم. تيم صفصافي. حسن الجبر. رضوان صفصافي. عبدالله بيرقدار. علا الحمصي. عمر بدرة. فاطمة دياب. محمد حمدين. مصعب التيناوي.  هبة عرايشي. وفاء داحوس

مساعد تقني: محمد عماري

مساعد مخرج: أيمن السيد

إشراف موسيقي : خالد عمران

مكياج : سارة سيّوف

سينوغرافيا: فارس خليف

مخرج مساعد: معن حمزة رافع

فوتوغرافيا وفيديو: سليمان التيناوي

 

مزنة الزهوري

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *