أخبار

إيجارات المنازل تقصم ظهور السوريين في مصر دون حلول

كسائر الأشخاص الذين أجبروا على الخروج من وطنهم، يعاني جل اللاجئين السوريين في مصر من ظروف صعبة ومعوقات عدة، خاصة مع المهام الملقاة على عاتقهم والحاجة إلى العمل لتأمين قوت يومهم والاستغناء عن سؤال الناس.

ومن المشاكل التي تقف في وجه اللاجئين وكبرت يوما بعد يوم مع ازدياد أعدادهم، وتراجع الوضع الاقتصادي التي تمر بها مصر مؤخرا، هي إيجارات المنازل، التي شكلت عبئا ثقيلا عن فئة معينة من اللاجئين، وخاصة أولئك أصحاب الدخل المحدود، والذي يعتمدون بشكل رئيسي على المساعدات الأممية المقدمة لهم، وما يستطيعون جنيه من الوظائف التي يعملون بها.

أسباب ارتفاع الإيجارات 

قال “أبو علي”، لاجئ سوري من ريف دمشق ويعمل في مجال تأجير الشقق السكنية في مدينة العبور، خلال تصريح خاص لـ”موقع أنا إنسان”، إنه في بداية العام 2012 بدأت إيجارات البيوت بالارتفاع تدريجياً حسب كل منطقة، وزادت نسبة الإيجارات منذ ذلك العام وحتى وقتنا هذا بما يعادل مئة بالمئة، وشملت جميع الجنسيات سواء السوري أو المصري أو أي جنسية أخرى.

وأرجع “أبو علي” أسباب ارتفاع الأسعار إلى تعويم الجنيه المصري، حيث كان سعر صرف الدولار الواحد 6 جنيه مصري لكنه وصل بعد التعويم إلى 16، وأيضا بسبب جشع بعض أصحاب المنازل، فهناك أشخاص على استعداد أن يقفلوا شققهم شهراً أو شهرين للحصول على المبلغ المطلوب.

وحول الأنباء التي تقول إن بعض السوريين ساهموا في ارتفاع الإيجارات، قال إن السوريين لا يشكلون إلا جزء بسيط من المئة مليون وهو ما يقارب 350 الف نسمة، واستطرد قائلا: “لكن لا نستطيع أن ننكر أن هناك سوريين من أصحاب رأس المال يقومون بزيادة الأسعار من أجل التباهي بأنه يسكن شقة إيجارها باهظ الثمن (..) وهذا الشيء أدى بالضرر على أصحاب الدخل المحدود مما اضطر بعضهم إلى زيادة أوقات العمل أو اخراج أولادهم من المدارس كي يساعدوهم في مصاريف هذه الحياة الصعبة”.

بدوره قال “علاء” وهو رجل متزوج ولا يوجد لديه أطفال ويعمل في مصنع يملكه سوريون، إن إيجارات الشقق بدأت ترتفع في مصر منذ ما يقارب السنتين ولكن كانت بشكل معقول مع ارتفاع أسعار كل المواد، ومنذ سنة اختلف الأمر وأصبحت الإيجارات ترتفع “بشكل جنوني” وذلك بسبب دفع بعض السوريين الذين يملكون دخل كبير إيجارات مرتفعة على الرغم من أن تلك المناطق لا تستحق أبدا.

وأضاف أن  بعض أصحاب الشقق والسماسرة يستغلون قلة الشقق الشاغرة للإيجار بسبب تجمع أغلب السوريين في مناطق معينة مثل مدينتي العبور والسادس من أكتوبر, وأن بعض أصحاب البيوت يرى أن أغلب السوريين يملكون أموالاً طائلة ويستطيعون دفع إيجار الشقة ولو كان مرتفعا، وبدى ذلك جلياً خلال السنوات الأربع الماضية بعد هجرة عدد كبير من التجار وأصحاب رؤوس الأموال السوريين لاستثمار مئات ملايين الدولارات في مجالات المطاعم والألبسة الجاهزة والمنتجات الغذائية وغيرها.

دخل اللاجئ لا يتناسب مع هذا الارتفاع “الجنوني”

قال “علاء” أنه مضى ما يقارب الأربعة أشهر وهو يبحث عن شقة تلائمه، ولكنه حتى الآن لم يستطع إيجاد ما يناسبه لأن الإيجار يبدأ من 3000 جنيه مصري عدا عن مستحقات الكهرباء والمياه والغاز.

وأوضح أن  الشقة التي يتكلم عنها عبارة عن 3 غرف وصالة وحمام , وعند معاينته  للشق المعروضة للإيجار في منطقته يتبين أنها لا تستحق أكثر من 2000 جنيه مصري، بالنظر إلى اكسائها أو موقعها أو توفر الخدمات فيها.

وفي هذا السياق أكد أن دخل الشاب السوري يبدأ من 3000 إلى 6000 جنيه مصري وسطياً , فمثل هذه الإيجارات مرتفعة جداً على أصحاب الدخل المحدود فهو لا يستطيع دفع نصف أو ثلثي راتبه إيجار شقة يسكنها.

ما رأي مالكي الشقق في مصر؟

على الرغم من رفع أسعار الإيجارات من قبل المصريين، إلا أن نسبة  منهم لازالت تراعي وضع السوريين، وبقيت محافظة على الأسعار القديمة نوعا ما، أو رفعتها بزيادة ضمن المعقول.

قال “أبو طه” وهو صاحب بناء سكني، في منطقة مكتظة  بالسكان في القاهرة، إنه لا يفكر برفع إيجارات شققه الأربعة كحال بقية أصحاب الأبنية في الحي نفسه.

وأضاف أنه في أول عقد ايجار قام بكتابته لمدة سنتين من دون زيادة والايجار (بنور ربنا) وهو مبلغ ليس بالكثير( 1500 جنيه)، وبعد مرور سنتين قام  بتجديد العقد بزيادة 10 فالمئة فقط لا غير وأردف: “لا نستطيع أن نرفع أكثر لأن هذا حرام ويجب أن نقف بجانب بعضنا البعض، ولو لم يكن يترتب على عاتقي أقساط للعمارة لما قمت بزيادة الإيجار”.

أما “أبو مريم” قال إنه لم يرفع إيجار الشقة، ولكن بعد خروج المستأجرين منها وضع لها سعر جديد وهو 5000 جنيه مصري وذلك لأنها تقع في منطقة مكتظة وقريبة من سوق الحي الرئيسي، ويرى أن ذلك المبلغ بحسب وجهة نظره منطقي نظرا لموقع الشقة وارتفاع الأسعار في الأسواق المصرية، والتي تؤثر عليهم بشكل كبير.

وتفيد إحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أن عدد السوريين المقيمين في مصر والمسجلين لديها يبلغ (130 ألفا)، بينما تتحدث التقارير الحكومية المصرية إلى أن عددهم يتراوح بين (250 ألفا إلى 300 ألف سوري).

نسيب الشامي – مصر

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *