أخبار

الأطفال السوريون الحلقة الأضعف أمام العنصرية

لا تزال قصة الطفل السوري وائل السعود تشكل صدمة لدى السوريين بعد العثور عليه منتحراً على باب أحد المقابر في ولاية كوجالي شمال غربي تركيا. إلا أن هذه القصة ليست الوحيدة التي تركت الطفل السوري ضحية.

العنصرية التي واجهها الطفل الذي يصفه عمه بـ “الحساس جدا”، ودفعته لإنهاء حياته تاركاً وراءه صدمة وذهولاً، تقابلها عبرة وحاجة إلى التحرك السريع للوقوف على أسباب ظاهرة العنصرية ضد الأطفال السوريين في بلدان اللجوء، ومعالجتها، بعد أن أصبحت سبباً مباشراً بحصد الأرواح.

يقول عمّ الطفل وائل في تصريحات خاصة لـ أنا إنسان: “وائل طفل حساس جداً، لم يكن يعاني من أية مشاكل سوى في مدرسته، وذلك بسبب ما يردده بعض الأطفال في صف مدرسته من أوصاف عنصرية ضد وائل لكونه سورياً”، ويضيف “عانى وائل قبل الحادثة بأسبوع، من عدة مواقف عنصرية من زملائه قابلها بحزن وألم نفسي شديد، مما استدعى والدته للذهاب إلى مدرسته، ومحاولة حل المشكلة التي لم تحلّ”، إلا أننا “لم نكن نتوقع أن الأمر قد يصل إلى الانتحار”. بهذه الكلمات ردّ عم وائل خلال حديث هاتفي عند سؤاله إذا ما كان وائل بعقله الطفولي يستطيع أن يفكر بالانتحار على اعتباره حلّاً لإنهاء معاناته، وتلقي عائلة السعود باللوم على معلم الصف، الذي يتحمل وزر تقاعسه عن حل المشكلة من جذورها بين الطلاب الأتراك ووائل مما أدى إلى هذه النهاية المأساوية.

 

الضرب في الشارع البريطاني

في 25 أكتوبر من العام الفائت في بريطانيا، قام طالب بريطاني بالاعتداء على آخر سوري، 16 عاماً، بالضرب أمام زملائه في الشارع، وانتشر مقطع مصور على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر الطفل البريطاني يضرب السوري ويسكب عليه سائلا من زجاجة بيده قائلاً: ” سوف أغرقك”، بينما لم يبد الطفل السوري حينها أي ردة فعل، ليقوم ويكمل مسيره في الطريق، ليثير هذا الفيديو موجة من الانتقادات، مما استدعى بعدها شرطة “ويست يوكشاير” لاعتقال الطفل البريطاني واستدعاء ذويه والتحقيق معهم على خلفية اعتداء عنصري، وأيضاً تحدثت تقارير ووسائل إعلام عن تعرض شقيقة الطفل لاعتداء في ذات المدرسة، حيث أظهر شريط مصور قيام طلاب بدفع الفتاة السورية ليطرحوها أرضاً، فيما قرر أهل الطفل السوري مغادرة منطقة “هيدرسفيلد” نتيجة استمرار تعرض أطفالهم هناك لاعتداءات عنصرية وجسدية، وذلك حسب تقارير نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عن الواقعة حينها.

 

عنصرية الدفن

أما في لبنان فلم تسلم جثث الأطفال من العنصرية، حيث تناقل ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي ما تعرضت له عائلة سورية لاجئة في بلدة عاصون بلبنان من معاملة عنصرية، حيث أقدم سائق سيارة إسعاف على إجبار العائلة على نبش قبر طفلها الذي يبلغ من العمر 4 سنوات، وإخراجه من مقبرة البلدة بحجة أن المقبرة تخص اللبنانيين فقط، وتبيّن أن قائم مقام البلدة المدعوة “رولا البايع” هي من أمرت بذلك، بحجة أن المقبرة ضيقة المساحة ومحصورة فقط بأهل البلدة، وأثارت هذه القضية غضبا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، على الرغم من أنها جزء من مضايقات شبه يومية تعرض لها السوريين في لبنان عموماً والأطفال خصوصاً.

 

ضحايا العنصرية من الأطفال

تتحدث الأخصائية الاجتماعية مريم شهاب الدين لـموقع “أنا إنسان” قائلةً: “لا بدّ من الإشارة إلى ارتفاع نسبة ضحايا العنصرية من الأطفال في السنوات الأخيرة، وذلك بفعل عدة عوامل من أهمها التأثر بالأسرة ومن ثم المجتمع، فيتعلم الطفل التحيز والعنصرية من خلال تنشئته الاجتماعية”.

وتضيف “لا يمكن الاستهانة بدور الوالدين وتأثير الأفكار التي يحملانها على سلوك الطفل المتلقي، بالإضافة إلى دور وسائل الإعلام والمدارس والجامعات في تنمية هذه السلوكيات فتصبح أكثر شراسة وعدوانية، إذا لم تتم معالجتها في الوقت المناسب”.

وتؤكد بدورها على أن منظمات حقوق الإنسان يجب أن تقوم بمسؤولياتها في عقد ورشات دائمة حول أهمية المساواة ونبذ العنصرية والتمييز بكافة أنواعه وأشكاله، حيث تعرّف لنا العنصرية بحسب ما يراه مختصون في علم الاجتماع “بأنها تعبير عن فشل المجتمعات وهشاشتها، مما يخلق نوعا من الخوف من الآخر بدعوى أنه يسلب من الفرد امتيازاته الاجتماعية، بدءاً من كسرة الخبز، وليس انتهاءً بمساحة قبر من الأرض يؤوي جسده، أو أرجوحة في حديقة عامة يلعب عليها أطفاله، وصولاً إلى الحق في الحياة الكريمة بأكمله، لما يخلقه هذا الحق عند العنصري، من غيظ وقهر مكبوتين، ينفجران ممارسات تصل بعضها إلى اللا إنسانية”.

تصدر لبنان الواجهة بعدد حالات العنصرية ضد اللاجئين السوريين، وهو المصنف عام 2015 في المرتبة الثانية عالمياً والأولى عربياً لأكثر الدول عنصرية بحسب استطلاع رأي أجراه موقع “إنسايدر مونكي” الأمريكي، فيما تم رصد حالات أخرى في كل من تركيا والأردن ومصر، وبعض الدول الأوروبية كألمانيا والسويد.

 

صوفيا خوجاباشي

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *